قرآن من أجل الثورة 26

  • 2012/07/29
  • 12:10 ص

خورشيد محمد –  الحراك السّلمي السّوري

الصّبر والأخلاق

لقد اختار الله من كل حياة لقمان الحكيم بضعة مواعظ سطّرها في القرآن ربّما لأنّها أهم ما قال في حياته، منها : {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (لقمان- 17)  فعندما ينزل البلاء – كما أصابنا في سوريا – يكون من الصعب الجمع بين الصبر على البلاء والاستمرار في الالتزام الأخلاقي سواءً بالأفعال أو بالعبادة. هذا الجمع بين الصبر والأخلاق هو من الصفات التي تحتاج إلى عزمٍ وجهدٍ كبيرين، ومن يفعل ذلك يُعطى التواضع والسكينة والهدوء وسط الجنون.

حادثةٌ ودرسين

قبل حوالي الشهر قمت بحملة ضد الأسماء المقنّعة المنتشرة على الشبكات الاجتماعية، فكتب صديقٌ لي أعرف ثوريّته وإخلاصه حقّ المعرفة «متى سنتوقف عن شيطنة الخيار الآخر؟!»… توقّفت كثيرًا عند عبارته، وقلت عجيبٌ أمري، هذا عين الطّلب الذي أطالب به الآخرين صباحَ مساء، وهو عدم التعميم وعدم شيطنة الخيار الآخر وها أنا غفلت عن نفسي ووقعت في نفس الخطأ دون أن أدري .وهنا درسان :الأوّل أن نقد الذات هو من أصعب المهام لأننا نستخدم موازيننا الشخصية لتقييم أنفسنا والتي تكون غالباً محابية لنا {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (البقرة- 44) وما يصعب رؤيته علينا يسهل رؤيته على الآخر لأنّه يستخدم موازين خارجية لتقييمنا، ومن هنا أهمية حمل كلام من تظن فيهم العدل وصدق النصح محمل الجد و استعماله كمرآة لعمى بصيرتك عن نفسك والمؤمن مرآة أخيه.

والدّرس الثّاني أنّ الحقّ يترك أثره حتّى ولو لم يُظهِر الطرفُ المقابل إذعانه، فكبريائي وعنجهيتي منعتني من أن أوافق صديقي وأعترف بصوابه حينها ولكنّ كلامه ظلّ يرنّ في أذني وأجبرني على مراجعة نفسي وتغيير سلوكي {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} (الأنبياء 18).

فلا تزهدنّ في قولٍ أو فعلٍ ما، تراه صوابًا ولا تيأس إذا لم تر من الآخر استجابة مباشرةً تسرّ خاطرك، فما زرعته اليوم قد يثمر في المستقبل، ولو بعد حين.

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب