هي مجموع الإجراءات والآليات الهادفة إلى توفير العدالة خلال فترةٍ انتقالية تمر فيها الشعوب، كالفترات التي تعقب الحروب أو سقوط الأنظمة الاستبدادية. وتتمثل بخطواتٍ تتخذها المجتمعات والحكومات الانتقالية، كي لا يتكرس الغبن اللاحقُ بضحايا عمليات القتل والتعذيب والخطف والاغتصاب وغيرها من الانتهاكات والفظائع التي تطال البشر نتيجةً للاختلافات السياسية أو العرقية أو الدينية، أو ما يتمخض عن نزعة الاستئثار بالحكم من قبل طُغَمٍ ودكتاتوريات حاكمة كما في سوريا الآن.
ويشترك في تحقيق العدالة الانتقالية القضاءُ الرسمي وهيئاته، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني. ويتم التركيز على إجراء التحقيقات بشأن الانتهاكات الحاصلة، وإصدار التقارير بشأن سبل جبر الضرر المادي والمعنوي والمصالحة ونزع فتيل الأزمات وتعويض الضحايا وإصلاح المؤسسات التي لعبت دورًا في الانتهاكات، وهي في الغالب مؤسساتُ الجيش والشرطة والأمن والقضاء، حيث سيكون من الضروري إجراء تحويلٍ جذري في عقيدة الجيش السوري ما بعد إسقاط النظام بحيث يتحول ولاؤه إلى الدولة وليس إلى النظام القمعي .
يتمحور مفهوم العدالة الاجتماعية حول عدم إفلات الجناة من العقاب، وعدم بقاء الضحايا التي طالتهم الانتهاكات دون تعويضٍ مادي ومعنوي، ويتركز التعويض المعنوي على تخليد ذكرى الضحايا والاهتمام بذويهم، وإدانة الانتهاكات ومرتكبيها.
بإمكان الناشطين المهتمين والطامحين للعمل في مضمار العدالة الانتقالية ولا سيما في سوريا أن يرتكزوا على عدة وثائق نظرية من باب الإحاطة والاطلاع، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما تبعه من عهود أممية في هذا الشأن والتي تندرج كلها تحت اسم الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وكذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول العدالة الانتقالية 2006، ونظام محكمة روما الذي دخل حيز التنفيذ في 2002.
لابد للقائمين على تنفيذ برامج العدالة الانتقالية من وضع خططٍ تراعي استشارة أكبر قدرٍ من الأشخاص المتضررين، والاستماع إلى صوتهم كنوعٍ من التعويض النفسي، كما لابد أن تكون الخطط مترافقةً مع برنامجٍ لتعزيز قيم التعايش والسلم الأهلي وتحقيق المصالحة الوطنية، وبثّ كل ما من شأنه تخفيف الاحتقانات بين عناصر المجتمعات ومكوناتها.
لقد كان لتأسيس محكمة الجنايات الدولية أثرٌ مهمٌ في تحقيق العدالة على مستوى العالم، وقد أنشئت محاكم بشأن مجازر راوندا والبوسنة، وكان لمحاكمة مجرمي الحرب أثرٌ إيجابيٌ على الضحايا وذويهم.