عصام العطار سياسي ومفكر إسلامي، ولد عام 1927 في أعقاب الثورة السورية، وهو الشقيق الأكبر للدكتورة نجاح العطار نائبة الرئيس السوري للشؤون الثقافية والإعلامية،
نشأ عصام العطار في أسرة متعلمة ومثقفة ذات مكانة اجتماعية متميزة، حيث كان والده عالماً ومن رجال القضاء الشرعي والعدلي، مما جعل لنشأته في هذه البيئة العلمية أكبر الأثر في طلاقة لسانه العربي الرصين بدون تكلف، فمنذ صغره قرأ لكبار الأدباء مثل: مصطفى صادق الرافعي، وطه حسين، وعباس محمود العقاد، و و و .. الخ، كما وكان للقرآن الكريم نصيبٌ كبيرٌ من تربيته وثقافته، الشيء الذي جعله خطيباً مفوهاً وأسداً للمنابر، فما كان من هذه النشأة الطيبة إلا أن تزرع فيه روح التضحية والكفاح والجهاد، ولعل من أبرز تضحياته التي قدمها أنه عاش غريباً منفياً في ألمانيا، أرادوا أن يبعدوه عن بلده سورية وحرمان أبناء وطنه من خبرته السياسية وفكره النير، حتى لا تساهم هذه الخصال المتمثلة بشخصية عصام العطار في إيقاظ الشعب من سباته، فيهب في وجه طغاته.
سعى دائماً لأن يكرس علمه في خدمة وطنه وبلده، فهمه الأوحد أن تكون كلمة الحق هي العليا مرضياً بذلك ما أملاه عليه دينه وعقله، مضى منطلقاً في هذا الطريق ليكون مجاهداً بأعظم جهاد وهو قول كلمة الحق في وجه سلطان جائر، ظالم، مستبد، الأمر الذي دفع النظام للقيام بعدة محاولات للتضيق عليه، محاولين مرات عديدة اغتياله في سورية لِلَجم كلمة الحق التي تهز عرين الطغاة، لا بل استمرت محاولاتهم في التخلص منه حتى في منفاه في ألمانيا، حيث تبعته يد الغدر المتمثلة بأجهزة المخابرات السورية إلى هناك لتتمكن في النهاية من اغتيال زوجته ورفيقة عمره «بنان علي الطنطاوي»، ضاربين بعرض الحائط كل القيم الإنسانية والأخلاقية، ومظهرين بذلك مدى وحشيتهم وحقدهم الذي أعمى عقولهم وقلوبهم المشوهة.
غربته ومنفاه لم ينسياه بلده الحبيب سورية فما ان انطلقت رياح التغيير فيها، حتى أظهر موقفه، معلناً تأييده لهذا التغيير الذي طالما سعى لأجله، وأمضى حياته في سبيله.. ومن أهم ما قاله منذ انطلاق شرارة الثورة: «لقد بدأ النصر أيها الإخوان المؤمنون في تونس.. وانتقل إلى مصر.. وها هو في ليبيا وسورية هذه الجماهير التي تتحدى الطاغوت وتفضل الموت على العيش الذليل»، وأخذ يعدد جرائم النظام السوري ضد الشعب، ثم يقول: «هذه أنظمة طاغية فاسدة.. هذه أنظمة جائرة.. هذه أنظمة سرقت آمال الأمة.. سرقت حرية الأمة.. لكن الشعوب تمردت على الخوف» . كما ووجه رسالة إلى الثوار والمعارضة والشعب السوري الأبي: «نحن لا نريد أن نستبدل سيّداً بسيد ولا قيداً بقيد.. نحن نريد أن نتحرر من سائر القيود، وأن نبنيَ حياتنا ومستقبلنا كما نريد.. الحرية الداخلية والخارجية، والوحدة الوطنية، والمستقبل الزاهر الكريم، هي بكل بساطة ما نريد، ولا بد أن نحقق بعون الله ما نريد».
هذه حفنةُ من معاناة عصام العطار في قول كلمة الحق، مع أحد أعتى الطغاة وأكثرهم ظلماً، ضيقو عليه حتى أخرجوه من بلده و أبعدوه عن أهله وفي النهاية غدروا بعائلته، ظناً منهم أن يكموا الأفواه عن قول الحق، فما هو الجرم الذي ارتكبه عصام العطار وأمثاله ممن يملكون الفكر السديد والعقل الرشيد حتى يعاقبوا بنفيهم خارج البلاد ؟؟!! هل دعوته لقول الحق واظهار الحقيقة مخالفة للقانون؟؟!! ولكن… نقول لك أيها النظام المجرم والفاسد كما قال عصام العطار : «حكمكم لن يدوم، وتيار الحياة سيجرفكم، والأحداث ستسبق كل حوار» .