عنب بلدي – خاص
تحمل المنطقة منزوعة السلاح في إدلب والمتفق عليها بين روسيا وتركيا الاسم فقط، إذ لم تتوقف الهجمات بين النظام السوري والمعارضة فيها، وارتفعت وتيرتها منذ مطلع تشرين الثاني الحالي، ورافقها قصف صاروخي ومدفعي مستمر من جانب قوات الأسد أسفر عن مقتل عدد من المدنيين.
وتضع الهجمات اتفاق “سوتشي” على المحك، والذي بات مهددًا بالانهيار دون أي تحركات واضحة من قبل الجانبين التركي والروسي، اللذين غابت تصريحاتهما الرسمية بشكل كامل عن التطورات الأخيرة التي شهدها الاتفاق، ومدى الالتزام بالبنود المتفق على تطبيقها.
اللافت في الأيام الماضية هو النشاط الكبير للتشكيلات “الجهادية”، التي أعلنت رفضها لاتفاق “سوتشي” في المنطقة العازلة، إذ تبنت عدة هجمات على مواقع قوات الأسد، آخرها في منطقة السرمانية بريف حماة الغربي، وسبقها هجوم على موقع في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي.
تنضوي التشكيلات في غرفة عمليات “وحرض المؤمنين”، التي أُعلن عنها، في 15 من تشرين الأول 2018، وكانت أولى عملياتها استهداف مواقع قوات الأسد في معسكر جورين من نقاطها في المنطقة منزوعة السلاح المتفق عليها بعرض 20 كيلومترًا.
التشكيلات هي “تنظيم حراس الدين”، “جبهة أنصار الدين”، “أنصار الإسلام”، و”أنصار التوحيد”، وكانت قد انشقت عن “هيئة تحرير الشام” على مدار العامين الماضيين، واتهمت بتبعيتها الرئيسية لتنظيم “القاعدة”.
استفزازت من النظام
رغم الهجمات التي تقوم بها التشكيلات “الجهادية” على مواقع قوات الأسد من المنطقة منزوعة السلاح، إلا أنه لا يمكن تحميلها الخروقات كاملة، إذ كانت قوات الأسد الطرف البادئ بالهجمات، وكان أشدها التي استهدفت موقعًا لفصيل “جيش العزة” بريف حماة الشمالي، ما أدى إلى مقتل أكثر من 20 عنصرًا.
عدا عن ذلك لم يتوقف القصف براجمات الصواريخ والمدفعية على أرياف حماة وإدلب، من المعسكرات التي تتخذها قوات الأسد في ريف حماة، بينها معان وحلفايا في الريف الشمالي.
وفي حديث سابق سابق مع مصدر في “الجيش الحر”، قال إن الهجمات المشتركة بين النظام السوري و”حزب الله” وإيران في إدلب هدفها إرغام المعارضة على الرد بالمثل من أجل القول إن المعارضة تسعى لخرق اتفاق “سوتشي”.
وأضاف المصدر أن اتفاق “سوتشي” ورغم كل سلبياته يمكن القول بالمفهوم العام إنه كان فرصة وفترة للمعارضة من أجل إعادة ترتيب الأوراق العسكرية والسياسية الخاصة بها، لافتًا إلى أن “فشل الاتفاق سيعطي نتائج إيجابية للمعارضة، والتي استغلت أيام الهدوء الماضية بتشكيل جسم عسكري واحد ومتماسك هو الجبة الوطنية للتحرير”.
وبحسب المصدر، فإن انهيار الاتفاق ليس بمصلحة النظام السوري، لأن حدوثه في المرحلة الحالية “سيؤدي إلى نشوب معركة وتراجع النظام، كونه غير قادر على الدفاع عن ريف حماة الشمالي وريف إدلب الغربي”.
“تحرير الشام” تبارك الهجمات
من بين الهجمات التي شهدتها المنطقة منزوعة السلاح العملية التي أعلنت عنها “تحرير الشام” في منطقة الترابيع بريف حماة الشمالي، وقالت إنها قتلت فيها عناصر روس وآخرين من قوات الأسد، وذلك ردًا على الهجوم الذي استهدف مواقع “جيش العزة”.
وعقب الهجمات التي قامت بها التشكيلات “الجهادية” على مواقع قوات الأسد، بارك عدد من شرعيي “تحرير الشام” هذه الخطوة، بينهم “أبو مالك التلي” و”أبو الفتح الفرغلي” و”أبو اليقظان المصري” والمحسوبون على التيار المتشدد في “تحرير الشام” والرافض لاتفاق المنطقة منزوعة السلاح في إدلب.
كما أقاموا حفلًا تكريميًا لمقاتلي القوات الخاصة “العصائب الحمراء”، والذين نفذوا الهجوم في ريف حماة الشمالي، وأسفر عن مقتل عناصر روس.
وكانت “هيئة تحرير الشام” أعلنت، في 27 من تشرين الأول، أيضًا عن مناورات عسكرية في ريف إدلب الجنوبي، كخطوة أولى من نوعها بعد موافقتها غير المباشرة على الاتفاق.
ونشرت “الهيئة” عبر معرفاتها الرسمية حينها صورًا من المناورات التي أجرتها “قوات النخبة” التابعة لها، مستخدمة جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، بالإضافة إلى القناصات.
ولم تذكر “تحرير الشام” المنطقة التي أجرت فيها المناورات، سواء في المنطقة منزوعة السلاح أو خارجها في عمق محافظة إدلب.