طول عمرك يا تينة مجعلكة

tag icon ع ع ع

محمد رشدي شربجي

في مشهد سوريالي، أصدرت حكومة إنقاذ هيئة تحرير الشام مرسومًا تشريعيًا مرقمًا حددت فيه العلم الرسمي للمناطق المحررة، بعلم الثورة معروف الألوان وعليه شهادة التوحيد باللون الأحمر مكتوبة بخط الرقعة.

والسوريالي بالأخص أن الحكومة التي تسعى جاهدة لإلحاق إدلب بمصير حلب ودرعا اسمها حكومة الإنقاذ، وأن إدلب المحمية بقوات عسكرية تركية فيها حكومتان على الأقل، وأن علم الثورة كفرٌ يدخلنا النار، ولكن ذات الألوان وعليها كلام بخط الرقعة ستدخلنا الجنة على الفور.

يحار المرء بالقدرة الهائلة للسلفية على اللعب على النصوص وتطويعها بما يتناسب والواقع الجديد، فباسم النصوص صدعت جبهة النصرة وشبيهاتها رؤوس السوريين بهرائها عن نقاء الراية وصفائها، طاردت الثوار في كل زاوية وأدخلت الشقاق إلى كل حي، ثم حين لم تترك لثورتهم معنى وألّبت عليها العالم كله، قررت، باسم النصوص مرة أخرى، اعتماد راية مشوهة للثورة التي تم تشويهها أيضًا بدورها.

ينقل عن علي قوله إن النصوص حمالة أوجه، وهذا القول صحيح يؤكده الواقع بغض النظر عن صحة نسبته، فالأفهام المختلفة للنصوص أنتجت لدينا أشكالًا مختلفة من المسلمين بدءًا من السلفية، بأشكالها وأنواعها الكثيرة المتكاثرة، مرورًا بالإخوان وانتهاءً بالصوفية.

وهكذا فإن النقاش بين العقل والنقل والذي شغل ويشغل حيزًا مهمًا بالفضاء الفكري الإسلامي هو نقاش سفسطائي لا داعي له، فلا مناص من استخدام العقل في النص مهما حاول السلفيون خلاف ذلك، والأحداث أثبتت أن أكثر الخلافات دموية ووحشية حصلت بين أطراف تدعو إلى عدم إعمال العقل. فَلَو كان تعطيل العقل ممكنًا لما كان هناك أكثر من رأي وما كان هناك من خلاف.

يذكرني قرار الحكومة أعلاه بخلاف نشأ في مدينتي في بداية الثورة مع ظهور الشعارات الإسلامية في المظاهرات، فقد أراد البعض رفع راية سوداء مكتوب عليها بالأبيض شهادة التوحيد، ولكن هذه الراية يرفعها تنظيم القاعدة، ولا نريد أن يحسبنا العالم الذي نريد دعمه منهم، فما الحل إذًا؟ إنه ببساطة راية بيضاء مكتوب عليها بالأسود شهادة التوحيد، فمشكلة العالم هي مع الألوان وليس السلوك كما يبدو. أحد الأصدقاء اقترح على حكومة الإنقاذ راية الثورة مكتوب عليها بخط الرقعة عبارة “طول عمرك يا تينة مجعلكة”، فالأمور سيان.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة