متلازمة تيرنر.. واحدة من بين كل 2500 أنثى معرضة للإصابة

  • 2018/11/11
  • 1:26 م
متلازمة تيرنر

د. أكرم خولاني

يولد بعض الأشخاص وهم مصابون بأمراض توصف بأنها ناجمة عن اضطراب صبغي، ويتألف كل مرض من مجموعة اضطرابات جسدية تترافق مع بعضها ولذلك تسمى تلك الأمراض بـ “المتلازمات”، وقد تكشف بعض الحالات قبل الولادة، وبعضها يكشف في مراحل الطفولة، بينما قد يتأخر تشخيص بعضها الآخر إلى وقت البلوغ، ومن أشهر تلك الأمراض متلازمة داون (المنغولية) ومتلازمة كلاينفلتر ومتلازمة تيرنر، وسنتحدث اليوم عن المتلازمة الأخيرة أي متلازمة تيرنر.

ما هي متلازمة تيرنر

متلازمة تيرنر Turner syndrome هي متلازمة تصيب الإناث اللواتي يمتلكن نسخة واحدة فقط من الصبغي الجنسي X  في خلاياهن (أو يكون لديهن صبغي X آخر ولكنه ناقص التكوين) بدل وجود صبغيين XX في الحالة الطبيعية، وبذلك يكون مجموع عدد الصبغيات في كل خلية من خلاياهن 45 صبغيًا بدل العدد الطبيعي 46، وهذا الاضطراب يؤثر في تطور الفتيات، فتكون المصابات قصيرات القامة ولا تعمل المبايض لديهن بطريقة صحيحة، وبذلك تكون معظمهن عقيمات.

وتحدث هذه المتلازمة بنسبة 1 من بين كل 2500 مولود أنثى في العالم، ولكنها أكثر شيوعًا في حالات الحمل التي لا تستمر حتى النهاية (الإجهاض).

ما أسباب الإصابة بمتلازمة تيرنر؟

يحدث النقص في الصبغيات قبل أن يخلق الجنين، فقد يكون الحيوان المنوي أو البويضة فيهما نقص، أو يحدث النقص في أثناء انقسام الخلايا بعد أن يلقح الحيوان المنوي البويضة، ويعرف وقت حدوث النقص بفحص صبغيات الخلايا عند الطفلة المصابة، فإذا كانت جميع الخلايا التي أجري عليها التحليل تحتوي على 45 صبغيًا فإن النقص قد حدث قبل التلقيح، ويسمى هذا النوع “أحادي الصبغي”، أما إذا احتوت بعض الخلايا على 46 صبغيًا والبعض الآخر فيها 45 صبغيًا فيكون النقص قد حدث بعد التلقيح، ويعرف هذا النوع بـ “الفسيفسائي Mosaic”.

وهذا المرض ليس وراثيًا، أي أنه لا ينتقل عن طريق الأبوين، ولكنه اضطراب في جينات الفرد الواحد بسبب حصول حدث عشوائي في هذه الجينات.

ما العلامات التي تشير إلى الإصابة بمتلازمة تيرنر؟

تختلف العلامات والأعراض باختلاف المرحلة العمرية على النحو التالي:

قبل الولادة

يمكن أن تبين الموجات فوق الصوتية قبل الولادة للطفلة المصابة بمتلازمة تيرنر ما يلي:

  • تجمع كبير للسوائل في الجزء الخلفي للرقبة أو تجمعات أخرى غير طبيعية للسوائل.
  • اضطرابات القلب.
  • الكلى غير الطبيعية.

عند الولادة أو في مرحلة الرضاعة

  • انخفاض الفك السفلي.
  • انخفاض مستوى الأذنين.
  • قصر أصابع اليدين والقدمين.
  • تدلي الجفون.
  • تورم اليدين والقدمين عند الولادة.
  • تأخر النمو.
  • نقص الطول عن الحد الطبيعي عند الولادة.
  • المرفق الأروح.
  • انقلاب الأظافر إلى الأعلى.

مرحلة البلوغ

  • قصر القامة.
  • إعاقات التعلم.
  • اختلال التواصل الاجتماعي.
  • انقطاع الطمث المبكر.
  • العقم.
  • عدم ظهور الخصائص الجنسية المرافقة لمرحلة البلوغ لعدم نضوج المبيضين.

كيف تشخص الإصابة بمتلازمة تيرنر؟

عند الاشتباه بالإصابة يتم التشخيص عن طريق إجراء تحليل للصبغيات (يتضمن الاختبار أخذ عينة من الدم أو مسحة شدقية “كشط للخد” أو أخذ عينة من الجلد)، ويشتبه بالإصابة في بعض الأحيان عند الولادة نتيجة وجود مشاكل قلبية أو رقبة قصيرة وعريضة لدى الطفلة بخلاف المعتاد، وفي أحيان أخرى قد لا يكون هناك أي عرض للمرض عند الولادة، أو لا تكون الأعراض واضحة، ولكن هناك عرض مهم إن وجد فإنه يستدعي إجراء تحليل صبغي، وهذا العرض هو انتفاخ اليدين والقدمين، فهو يحدث لحوالي 80% من المواليد المصابة بمتلازمة تيرنر ويختفي تلقائيًا خلال الأسابيع الأولى من الولادة.

كما أن العديد من الفتيات يمكن ألا تشخص لديهن هذه المتلازمة حتى مراحل الطفولة، وذلك في أثناء البحث عن سبب ضعف في النمو، غير أنه يمكن أن يتأخر هذا التشخيص في بعض الأحيان حتى سن البلوغ.

هل يمكن تشخيص إصابة الجنين بمتلازمة تيرنر في أثناء الحمل؟

نعم يمكن في بعض الأحيان خلال فترة الحمل، وذلك عند الاشتباه بالإصابة عن طريق التصوير بالأمواج فوق الصوتية، الأمر الذي يمكن تأكيده بالفحوص ما قبل الولادة، وذلك عبر أخذ عينات من الزغابات المشيمية للأم، أو أخذ عينات من السائل الأمينوسي، والتي تحتوي غالبا على خلايا تعود إلى الجنين، ويتم إخضاعها لمجموعة من التحاليل الجينية لاكتشاف الأخطاء، والاضطرابات الوراثية الممكنة.

هل من علاج للفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر؟

لا يوجد علاج يشفي متلازمة تيرنر، لكن هناك علاجات للأعراض، فغالبًا ما يساعد هرمون النمو الفتيات على الوصول إلى طول قامة قريب من المعدل الوسطي، كما قد تساعد الهرمونات البديلة على تحفيز التطور الجنسي، وتستطيع التقنيات التي تساعد على الإنجاب أن تعين بعض النساء المصابات بمتلازمة تيرنر على الحمل.

هرمون النمو: يوصى بالعلاج بهرمون النمو -الذي يتم تقديمه يوميًا في العادة على شكل حقن من هرمون النمو البشري المأشوب- لزيادة الطول قدر الإمكان في الأوقات المناسبة في أثناء الطفولة المبكرة إلى أولى سنوات المراهقة. يمكن أن يؤدي بدء العلاج مبكرًا إلى تحسين الطول ونمو العظام.

هرمون الإستروجين: تحتاج معظم المصابات إلى البدء في العلاج بالإستروجين للوصول إلى البلوغ، غالبا ما يبدأ العلاج بالأستروجين في سن 11 أو 12 سنة تقريبًا، وهو يساعد في تعزيز نمو الثدي وتحسين حجم الرحم، كما يساعد الإستروجين في زيادة المعادن في العظام وقد يساعد أيضًا في زيادة الوزن، ويستمر العلاج البديل بالإستروجين في العادة طوال الحياة حتى الوصول إلى العمر المتوسط لانقطاع الطمث.

ما المضاعفات المحتملة للإصابة بمتلازمة تيرنر؟

يمكن أن تؤثر متلازمة تيرنر على النمو المناسب للعديد من أجهزة الجسم، ولكن تختلف بشكل كبير بين الأفراد المصابين بها، وتتضمن المضاعفات التي يمكن أن تحدث ما يلي:

  • مشاكل القلب: يولد العديد من الأطفال المصابين بمتلازمة تيرنر بعيوب قلبية أو بعض الحالات غير الطبيعية البسيطة في تشريح القلب والتي تزيد خطر الإصابة بالمضاعفات الخطيرة، وتتضمن عيوب القلب غالبًا مشكلات بالشريان الأبهر.
  • ارتفاع ضغط الدم: تكون النساء المصابات بمتلازمة تيرنر على درجة كبيرة من خطر ارتفاع ضغط الدم، وهي حالة تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
  • فقدان السمع: في بعض الحالات تحدث الإصابة نتيجة الفقدان التدريجي لوظيفة العصب، كما يمكن أن يؤدي تكرار عدوى الأذن الوسطى أيضًا إلى فقدان السمع.
  • مشاكل في الرؤية: تكون لدى الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر خطورة كبيرة من حيث ضعف السيطرة على عضلات العين (الحول) وقصر النظر ومشكلات الرؤية الأخرى.
  • مشاكل في الكلى: قد تُصاب فتيات متلازمة تيرنر ببعض التشوهات في الكلى، وبالرغم من أن هذه التشوهات لا تؤدي عموما إلى مشكلات طبية، يمكن أن تزيد خطر ارتفاع ضغط الدم وعدوى المسالك البولية.
  • اضطرابات المناعة الذاتية: لدى الفتيات والنساء المصابات بمتلازمة تيرنر خطورة مرتفعة للإصابة بقصور الغدة الدرقية بسبب التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي (داء هاشيموتو)، كما يكون لديهن خطر كبير للإصابة بالداء السكري من النمط الثاني، كما تعاني بعض النساء المصابات بمتلازمة تيرنر من عدم تحمل الجلوتين (الداء الزلاقي) أو مرض التهاب الأمعاء.
  • مشاكل الهيكل العظمي: يزيد خطر الانحناء الجانبي غير الطبيعي للعمود الفقري (الجنف) وانحناء الجزء العلوي من الظهر إلى الأمام (الحدب)، كما أن النساء المصابات بمتلازمة تيرنر لديهن خطورة كبيرة للإصابة بهشاشة العظام.
  • صعوبات في التعلم: تتصف المصابات بمتلازمة تيرنر عادة بالذكاء الطبيعي، ومع ذلك، توجد خطورة كبيرة للإصابة بصعوبات التعلم وخاصة التعلم الذي ينطوي على المفاهيم المكانية والرياضيات والذاكرة والانتباه.
  • مشاكل الصحة العقلية: تكون لدى المصابات بمتلازمة تيرنر صعوبات من حيث التصرف بدرجة جيدة في المواقف الاجتماعية، ولديهن خطورة كبيرة للإصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).
  • العقم: تكون معظم النساء المصابات بمتلازمة تيرنر مصابات بالعقم، ومع ذلك يمكن أن يحمل عدد قليل جدًا منهن، وقد تحمل بعض النساء بعد تناول علاجات الخصوبة.
  • مضاعفات الحمل: بسبب كون المصابات بمتلازمة تيرنر معرضات بدرجة كبيرة للمضاعفات في أثناء الحمل، مثل ارتفاع ضغط الدم وتسلخ الشريان الأبهر، ينبغي أن يقوم اختصاصي أمراض القلب بفحصهن في أثناء الحمل.

ما دور الأسرة في التعامل مع الطفلة المصابة؟

للأسرة، وخصوصًا الوالدين، دور مهم في التعامل مع طفلتهم المصابة بهذا المرض، ويشمل ذلك تجاوز مرحلة الصدمة والإنكار واليأس، من خلال دمج الطفلة مع الأخريات، وتوفير التواصل الاجتماعي، وإكسابها المهارات، وتنمية هذه المهارات بشكل مستمر، وتشجيعها على ممارسة الرياضة، كل ذلك يساعد في امتصاص الطاقة والحركة والنشاط المفرط لدى الطفلة إن وجد.

ما دور المدرسة في التعامل مع الطفلة المصابة؟

يجب أن تتضافر جهود المدرسة مع الأسرة والمجتمع في عملية احتواء الطفلة المصابة وتقبلها ومعرفة التعامل معها بإشراف مختصين تربويين في الفئات الخاصة، كما يكون دورها في رعاية الطفلة ومتابعتها علميًا وسلوكيًا وملاحظتها بتسجيل أي تغيرات قد تؤثر على نموها وصحتها النفسية، ويجب أيضًا العمل على دمجها مع الأطفال الآخرين الأصحاء، وتشجيعها وبث الروح المعنوية، واكتشاف مواهبها وتطويرها، ومشاركتها للأنشطة الصفية، وممارستها لطفولتها دون أن تشعر بالعجز أو وجود خلل ما.

مقالات متعلقة

أسرة وتربية

المزيد من أسرة وتربية