من قماش طرزه نول يدوي في معمل “المزنر” في باب شرقي، رسم عليه عصفوران (العاشق والمعشوق)، صنع خياطون بريطانيون ثوب زفاف الملكة البريطانية إليزابيث الثانية، ليصبح شاهدًا على جمال وتميز “البروكار” الدمشقي.
فعندما كان شكري القوتلي رئيس سوريا عام 1947، أرسل القصر البريطاني رسالة إلى السفارة السورية بلندن، للحصول على ثوب من “البروكار” الدمشقي، فاشترى القوتلي القماش من معمل “المزنر” الشهير في باب شرقي، وأهداه للملكة.
تعاني صناعة “البروكار” من الانحسار في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد وفاة كبار الصناعيين الشهيرين بهذا المجال، والذين كان آخرهم إبراهيم قاسم أيوبي، الذي توفي أمس الاثنين 5 من تشرين الثاني، تاركًا صناعة حرير “البروكار” مهددة بالانقراض، بعد وفاة أبيه قاسم أيوبي، الذي صنع قماش فستان زفاف الملكة إليزابيث.
ويقول أنطون مزنر صاحب معمل “المزنر” في مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط” عام 2008، إن “البروكار مهنة قديمة نعمل بها منذ 150 سنة وتوارثناها أبًا عن جد، وما قام به جد والدي أنطون الياس مزنر، هو أنه نقل صناعة البروكار من شكلها اليدوي إلى الشكل الآلي، من خلال تحويل الأنوال الخشبية اليدوية إلى الأنوال الآلية، وهذه كانت سابقة حصلت من خلال مصنعنا في باب شرقي عام 1890 وعندما دخلت الكهرباء إلى دمشق كنا ننتج البروكار بشكله الميكانيكي”.
ما هو البروكار
في لقاء أجرته صحيفة “النهضة” التابعة للحزب السوري القومي الاجتماعي، في كانون الثاني عام 2017 مع الحرفي محمد الفياض مسؤول البيت التجاري في اتحاد الحرفيين- أمين تحرير مجلة الحرفيين، قال إن مصطلح “البروكار” يعود إلى “بروكاتيلو” بالإيطالية التي تعني القماش الحريري المفنن والمطرز بخيوط ذهبية أو فضية، ثم حرفت إلى بروكار بالفرنسية وتعني القماش الحريري، ومنها انتقلت إلى العربية.
ويبين الفياض أن هذا المصطلح حديث، إذ لم يتجاوز عمره الـ200 عام، وأن تاريخ وجود البروكار في سوريا يعود إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، وكان اسمه “الديباج”، وهي أقمشة يلبسها الأمراء والسلاطين، و”قد أبدع الحرفي الدمشقي بالبروكار بشكل خاص منذ نحو 200 سنة”.
ويضيف الفياض للصحيفة “طرأت تعديلات وتحسينات على الحرير حتى أصبح اسمه (البروكار) بداية القرن الماضي”، مشيرًا إلى أن صناعة الحرير الدمشقي تعود لأكثر من خمسة آلاف عام، وارتبطت تجارته بطريق الحرير سابقًا، إذ تمت الاستفادة من تجربة الصين كموئل لتربية دودة القز.
لم تكن الملكة البريطانية الوحيدة التي سحرت بجمال قماش “البروكار”، إذ ارتداه البابا يوحنا بولس وعليه النقش الكنسي، كما اقتناه البابا بينيديكت، في الفاتيكان، كهدية من أنطوان مزنر، صاحب معمل “المزنر”، كما علقت جدارية كبيرة مساحتها 112 مترًا مربعًا، من البروكار على جدران قصر ملك السعودية الراحل فهد بن عبد العزيز، على حد قول مزنر لصحيفة “الشرق الأوسط“.
تميز “البروكار” بنقشات خاصة مثل “روميو وجولييت”، “العاشق والمعشوق”، و”صلاح الدين”.
–