أسامة عبد الرحيم – ريف دمشق
يعاني قرابة 100 ألف نسمة من النازحين والمقيمين في بلدات وقرى ريف دمشق الغربي من انعدام الخدمات الطبية والرعاية الصحية، نظرًا للحصار المفروض على المنطقة بشكل عام وافتقار هذه المناطق أصلًا للمشافي، حيث تقتصر على المستوصفات غير المجهزة لاستقبال الحالات الإسعافية وإجراء العمليات الجراحية حتى البسيطة منها.
ويتحدث أحد العاملين في المشفى الميداني الوحيد في المنطقة عن المعاناة التي يعيشها الكادر يوميًا «إننا نعاني من شح مستمرٍ بالدواء والمواد الطبية الضرورية، بالإضافة إلى افتقار المشفى لأبسط الحاجيات الأساسية من أجهزة وأدوات»، مضيفًا أن «ذلك قد يؤدي إلى وفاة المريض أحيانًا أو تسببه في إعاقات دائمة».
جهودٌ كبيرة لكنها تفتقر للخبرة كما يقول العامل (الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية) «نضطر أحيانًا للتجريب بالمريض بسبب عدم التخصص والحصول على الاستشارات الطبية عبر الهاتف غالبًا؛ نحن نبذل قصارى جهدنا لإنقاذ المرضى… نشاهدهم أحيانًا يموتون أمامنا ولا نستطيع أن نقدم لهم شيئًا أو نرسلهم إلى مكان آخر بسبب حواجز النظام التي ربما تجهز على المريض أو تقوم باعتقاله».
يقول عبد الله، وهو نازح من مدينة المعضمية، «أحتاج كل أسبوع إلى إجراء جلسات غسيل كلى لا يمكن تأجيلها، لذا أضطر إلى التوجه نحو مشافي مدينة دمشق قاطعًا مسافة تزيد عن 25 كيلومترًا، وطارقًا باب العديد من الجمعيات لتغطية نفقات الغسيل بعد أن فقدنا كل ما نملك وليس لدي القدرة على ممارسة أي عمل».
ويصف أحمد، من مدينة داريا، الظروف الصحية الصعبة التي تعيشها والدته «تعاني والدتي من مرض مزمن يتطلب منا مراقبة وضعها الصحي باستمرار وإجراء التحاليل الضرورية اللازمة لذلك، ولكن نظرًا لظروف النزوح الصعبة وعدم قدرتي على التنقل بسبب الملاحقة الأمنية، نضطر للتحمل وإعطاء والدتي بعض المسكنات خشية حصول أي مضاعفات قد تتطلب الإسعاف».
ويردف أحمد «فقد جارنا ابنه ذا الـ 10 سنوات بعد أن سقط أثناء اللعب مع أصدقائه من أحد الأبنية المرتفعة ما سبب نزيفًا دماغيًا، لينقله الأب مباشرة إلى المشفى الميداني الذي رفض استقباله لعدم توفر التجهيزات والاختصاصين، كما لم يستطع إسعافه ليلًا إلى دمشق بسبب قطع النظام للطريق الرئيسي ومنع الناس من التنقل، واستهداف سياراتهم بالمدفعية بعد غياب الشمس… أجّل الأب إسعاف ابنه إلى الفجر لكنه وصل متأخرًا بعد أن فارق ابنه الحياة».
في سياق متصل، يشير أبو حسن، العامل في المجال الإغاثي، إلى وجود مئات العائلات النازحة التي تحتاج إلى دواء مستمر بسبب الأمراض المزمنة وليس لديها القدرة على شرائها أو تأمينها، ويوضح: «لدينا سجلات بما يزيد عن مئة عائلة على الأقل في منطقة واحدة، تحتاج إلى دواء ضروري شهريًا، لا يقل سعرها عن 10 آلاف ليرة سورية لكل عائلة»، مؤكدًا «لا نستطيع أن نقدم لهم إلا الجزء اليسير ونتركهم أحيانًا للقدر لعدم تمكننا من مساعدتهم أبدًا».
يذكر أن الكثير من الأطباء والاختصاصين اضطروا للهجرة والهروب من الواقع المرير بسبب سياسة التهجير الذي يمارسها نظام الأسد تجاه مواطنيه، تاركين وراءهم آلاف المرضى والمصابين يموتون ببطء دون أن يشعر بمعاناتهم أحد.