انعكس التنوع الجغرافي في سوريا على غنى الحياة البرية فيها، وتعتبر منطقة البادية السورية، والجبال الساحلية، بالإضافة إلى سلسلة جبال لبنان الشرقية من أغنى المناطق السورية بالحيوانات البرية.
لكن الصيد الجائر وعدم وجود عدد كاف من المحميات في سوريا، جعل هذه الثروة الحيوانية في تناقص إلى درجة انقراض بعض الأنواع، ودخول بعضها الآخر في تصنيف المهدد بالانقراض.
كما أسهمت الحرب التي دارت في سوريا خلال السنوات السبع الأخيرة في تناقص عدد من السلالات، خاصة في المناطق التي تعرضت للقصف، مثل الغوطة الشرقية، ومن هذه الحيوانات النادرة
الماعز الشامي
يعتبر الماعز الشامي من أفضل خمسة عروق ماعز عالمية منتجة للحليب والتوائم، وكان ينتشر قبل عام 2011 في الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق.
وبحسب ما أفاد به مربو ماعز عنب بلدي، فإن هذه السلالة أصبحت مهددة بالانقراض.
ويتميز هذا العرق عن غيره بصفات خاصة، كسعة العينين وبياضهما، إلى جانب الحجم وتناسق الأعضاء، إضافة إلى اختلاف ألوانه، فالغالب هو اللون الدبسي (البني الغامق جدًا المقارب للسواد)، الذي يشكل 98% من لون الماعز.
وإذا اختلف اللون تتغير الأسماء، فهناك العجمية، والماوردية، والاسطنبولية، والشهباء، والصبحة أو النجمة.
كما يتميز الماعز الشامي بإنتاج الحليب وقدرته على الولادة في العام مرتين (كل خمسة أشهر)، في حال كانت البيئة الحاضنة له ملائمة، بحسب ما قاله مربّي الماعز حسن محمد لعنب بلدي في الغوطة الشرقية، والذي أكد أن الماعز بحاجة إلى بيئة هادئة ونظيفة، وتوافر الأعلاف وخاصة الشعير، الذي وصل سعر الكيلو منه إلى 500 ليرة سورية (دولار واحد)، كما تحتاج إلى طقس دافئ نوعًا ما.
وفي حال توافرت هذه البيئة وكانت الماعز “مرتاحة”، بحسب توصيف محمد، تنجب مرتين في العام وربما تنجب أحيانًا توأمًا.
ويصل سعر الرأس الواحد من الماعز الشامي إلى 150 ألف ليرة سورة (300 دولار أمريكي)، بعد أن نفقت نسبة كبيرة منها في قصف النظام على الغوطة الشرقية، إضافة إلى موت العديد منها بسبب قلة التغذية وعدم وجود بيئة ملائمة لتربيتها.
وذكرت صحيفة “الثورة” الحكومية، في تحقيق نشرته في 2012، أن تعداد الماعز بلغ في 2009 حوالي 40 ألف رأس بعد أن كان تعداده في 1987 حوالي 77 ألف رأس.
وأوضحت الصحيفة أن الانخفاض كان بمعدل 49%، وأرجعت السبب إلى انحسار المراعي وغلاء أسعار الأعلاف في السنوات الأخيرة وحصر تربيته بغرض التجارة والربح الوفير.
الدب البني السوري
أعلن مشروع حماية الحيوان في سورية “سبانا” بالتعاون مع وزارة الثقافة خلال الاحتفالية الرابعة لليوم العالمي للحيوان “الدب البني السوري” حيوان عام 2010، ويأتي اختيار الحيوان على اعتبار أنه يعيش في سوريا، ومهدد بالانقراض.
اسمه العلمي “Ursus arctos syriacu” أي أن اسمه جاء منسوبًا إلى سوريا، موطنه الأصلي، لكن أحدًا لم يشاهده في الجبال السورية، منذ خمسينيات القرن الماضي.
تنحدر معظم سلالات الدببة في القوقاز من اختلاط الدب السوري والأوراسي، إذ يعد الدب السوري سلالة أصيلة (غير هجينة).
يتركز الموطن الأساسي للدب البني السوري في المناطق الجبلية مثل جبل حرمون، وسلسلة جبال لبنان الشرقية، ويسكن في أجواف الأشجار والكهوف على ارتفاعات عالية، ويعتمد على الغذاء الموجود في الأراضي المعشبة والمروج والغابات، كما أنه يدخل القرى في الجبال ليتغذى على الحبوب والبندق.
ويعيش حاليًا في المناطق الممتدة من تركيا إلى إيران، بما فيها جبال القوقاز في روسيا، وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان، في اعتقاد سائد عن انقراضه في كل من سوريا ولبنان.
ونقل موقع “باحثون سوريون” عن الباحث عصام حجار (وهو باحث ومصور للمعهد الفرنسي للشرق الأوسط في دمشق)، أنه شاهد وصور آثار الدب البني السوري في بلودان، عام 2004، وكان ذلك أول دليل على وجود الدب السوري في سوريا، منذ أكثر من 50 عامًا.
النمر السوري (المسالم)
هناك اعتقاد سائد بأن النمر السوري قد انقرض، لأن بعض المهتمين بالبيئة السورية وحيواناتها يؤكدون أن هذا النمر كان موجودًا بكثرة، وأنه مقابل كل دب بني سوري كان هناك عشرة نمور سورية في الجبال الساحلية، وأنه كان موجودًا قبل 30 عامًا شمال شرق طرطوس.
ونقلت صحيفة “الثورة” الحكومية عام 2012، عن مواطنين مشاهدتهم النمر السوري في منطقة “مقامات بني هاشم” شرق جبلة عام 2002، كما شوهدت في المنطقة عام 2005 أشلاء خنزير بري منهوش معلقة على جذع شجرة بارتفاع مترين، وهذا الأمر لا يقدر عليه إلا النمر السوري.
النمر السوري “المسالم” وسمي كذلك لأنه لا يفترس البشر ولا يتعرض لهم، وهو حيوان له أهمية بالغة للإرث البيئي العالمي، لأنه مختلف عن النمر الإفريقي وكذلك الآسيوي، و كانت غابة الشوح والأرز في منطقة صلنفة في اللاذقية موطنًا لأعداد كبيرة من النمور السورية والدب السوري.
ومن أسباب تناقص أعداد النمر السوري، السموم التي كان يضعها رعاة الماعز حول قطعانهم لحمايتها، إذ كان هؤلاء الرعاة عندما يكتشفون أن قطعانهم تعرضت لهجوم، يضعون سمومًا لا رائحة لها على قطع من الأشلاء ثم ينشرونها في الأحراش، فيؤدي ذلك إلى تسمم النمر الذي يتناولها ونفوقه.
الطير الحر
هو إحدى سلالات الصقور، والتي تعد من أقوى الطيور الجارحة، التي انتشرت في الصحراء السورية منذ القدم، مثل الشاهين، والباز، خصوصًا في منطقة “الرحيبة” التابعة للقلمون بريف دمشق.
اتبع الصيادون عمليات صيد جائرة ضد هذه الطيور، نظرًا لارتفاع سعرها، إذ يبلغ سعر الطير الواحد حوالي 12 مليون ليرة سورية، (حوالي 24 ألف دولار أمريكي)، نظرًا لندرة وجوده منذ سبعينيات القرن الماضي.
ويبدأ موسم صيد “الصقر الحر” في شهر أيلول، وينتهي أواخر شهر تشرين الثاني من كل عام، وهي الفترة التي يهاجر فيها هذا الطائر بين قارتي إفريقيا وأوربا تبعًا لتقلبات المناخ في الصيف والشتاء، وتصنف مدينة “الرحيبة” كإحدى أهم مراكز تجارته على مستوى الوطن العربي لبراعة أبنائها باصطياد جميع أنواعه المهاجرة.
الجمل
تركزت تربية الإبل في سوريا قبل الثورة في مناطق متعددة، أبرزها منطقة الحماد بالقرب من التنف، والبوكمال في دير الزور والرقة، كون هذه المناطق صحراوية تلائم الإبل، إضافة إلى مناطق في ريف حماة ودرعا، والغوطة الشرقية وخاصة دوما.
وأظهرت دراسة مشتركة للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي العربية (أكساد)، مع وزارة الزراعة في حكومة النظام السوري، في 2013، أن عدد الإبل في سوريا تراجع بشكل كبير بين عامي 1922 و1990.
وأكدت الدراسة أن عدد رؤوس الإبل كان في عام 1922 يبلغ نحو 250 ألف رأس، لينخفض إلى 177 ألف رأس في 1938، وإلى 106 آلاف رأس في 1954، في حين لم يتجاوز عدد رؤوس الإبل في 1958، سوى 63 ألف رأس، لينخفض بشكل كبير إلى 4595 رأسًا في 1990.
وعندما أولت حكومة النظام السوري اهتمامًا في 1993، بحسب الدراسة، تحسّن العدد ليرتفع في عام 1997 إلى 7495 رأسًا، وإلى 12477 رأسًا في 2002، ليصبح العدد في 2010 قبل اندلاع الثورة 50202 رأس.
تربية الإبل تراجعت خلال السنوات الأخيرة، في ظل عدم وجود إحصائية من قبل حكومة النظام السوري، خاصة وأن أغلب مناطق التربية خاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة”.
وتدهور قطاع الإبل في الغوطة الشرقية خلال سنوات الحرب، حسبما أفاد به أحد مربي الإبل في دوما لعنب بلدي، الذي أكد أن عدد الجمال في الغوطة تراجع بسبب الحصار المفروض من قبل النظام.
وأضاف مربي الإبل أن تربية الإبل اقتصرت على أربع مزارع فقط في دوما، وانخفض عدد رؤوس الإبل من 2000 رأس إلى 50 رأسًا فقط، بسبب الحصار الذي أدى إلى ذبح جزء كبير منها من أجل أكل لحمها.