جريدة عنب بلدي – العدد 25 -الأحد – 22-7-2012
بعد أيام من انطلاق معركة التحرير الكبرى وثوران بركان دمشق الذي اهتزت له أركان البلاد، ومع وصول كتائب الجيش الحر إلى قلب العاصمة لتحريرها، زلزل العالمَ خبرُ تفجير مقر الأمن القومي في ساحة الروضة بدمشق والقريب من القصر الجمهوري، والذي يتمتع بحراسةٍ أمنيةٍ مشددة. وأسفر التفجير عن مقتل عناصر «خلية إدارة الأزمة» التي شكّلها النظام منذ انطلاقة الثورة السورية للقضاء على الثورة والثوار، والتي عملت على مدار عامٍ ونصفٍ تقريبًا على قتل وقمع وتعذيب وتشريد وقصف المدنيين العزل ونهبت ثروات الوطن وأنهكت اقتصاده لتمويل «حملة» القمع العسكرية والأمنية ضد الشعب السوري.
وكانت المفاجأة الكبرى: القتلى:
وبذلك تلقى النظام صفعةً كبيرةً على وجهه أفقدته وعيه. فبعد انتشار خبر مقتل رموز القمع والطغيان، توالت أنباء الانشقاقات الواسعة التي اجتاحت طول البلاد وعرضَها حيث انشق في المليحة بريف دمشق وحدها 250 جنديًا وفي دير الزور انشق 213 جنديًا وفي إدلب انشق 60 جنديًا مع 7 دبابات وفي حي الميدان لاذ عددٌ كبيرٌ من الجنود بالفرار مخلفين آلياتهم وراءهم في دلالةٍ واضحةٍ على انهيار معنويات «القوات الباسلة» فحاول الجنود الفرار بأنفسهم من المركب الغارق. لقد أعلن النظام، وببالغ الخوف والترقب، مقتل رموزه، واتهم العصابات الإرهابية بافتعال التفجير. وأطل وزير الإعلام عمران الزعبي ليعلن -تحت تأثير الصدمة- أن معنويات الجيش السوري «عالية» وأن القوات المسلحة الباسلة ستواصل «تطهير البلاد»، ووجه أصابع الاتهام للمؤامرة الكونية التي تحيكها أميركا و»إسرائيل»!! وطمأن «المنحبكجية» بأن المؤامرة في النزع الأخير وليعود لحلقة «خلصت» المفرغة.
وعلى إثر ذلك شنت قوات الأسد وشبيحته عملياتٍ انتقاميةً تنوعت أساليبها من الذبح بالسلاح الأبيض والسكاكين في الحجر الأسود والميدان والتضامن إلى القصف بالهاون والصواريخ الذي اشتد على دمشق من جبل قاسيون، أو من المروحيات كما حصل في مجزرة حجيرة حيث استهدفت مروحيات النظام موكب تشييع أحد الشهداء بصاروخٍ أودى بحياة ما يزيد عن مائة شهيدٍ وأوقع مئات الجرحى. كما استخدمَت مدفعية النظام ودباباته وطائراته في كافة المدن السورية لتضع البلاد في «خط النار» منذ تلقيه لتلك الصفعة المؤلمة.
وبما أن نظام الأسد يشتهر بامتلاك آلياتٍ وقدراتٍ لخلق مشاكل في دول الجوار مدعومًا بأتباعه الذين يشكل وإياهم «محور المقاومة والممانعة» من كذب ونفاق وخداع، لم يجد النظام أفضل من «السيد» حسن نصر الله للخروج على وسائل الإعلام لنعي «جهابذة» الممانعة وأسياد «الحرب» على إسرائيل، وخلال مؤتمره أدان التفجير «الإرهابي» وهدّد وتوعد، فيما لم تُسمع من الأسد كلمةٌ واحدة!!
أما إسرائيل، اللاعب الأهم في مسرحية المقاومة والممانعة، أعلنت نبأ استهداف مجموعة سياحية إسرائيلية في بلغاريا ليخرج نتنياهو ويوجه أصابع الاتهام «لحزب الله» في لحظة انهيار الأسد لصرف الأنظار عن الجرائم التي يرتكبها ضد شعبه من جهة ولإبعاد أعين العالم عن تطورات الثورة السورية التي تسارعت ووصلت مرحلةً متقدمةً لا رجوع فيها، فكانت إسرائيل الحل الآخر الذي ارتكن إليه النظام لصرف الإعلام عن نبأ انهياره وبدأت المخاوف ترهق كاهل «أعداء النظام» ظاهريًا، «أصدقائه» باطنيًا. وقد صرح إيهود باراك بأن التطورات في الشأن السوري مقلقةٌ جدًا وبأن إسرائيل ستحمي حدودها مع لبنان كي لا يتم تهريب أسلحةٍ وصواريخ إلى «حزب الممانعة» الذي سيقوم بدوره باستهداف «أمن» إسرائيل الذي لم يتهدد قط منذ 40 عامًا.
واليوم وبعد أن شعرت إسرائيل بدنو أجل الأسد، تحاول تحصين نفسها من بركان الغضب السوري خشية تحرير الجولان. أما «السيد» نصر الله فهو يستميت في الدفاع عن الأسد حليفه الوحيد الذي باتت أيامه معدودةً، وما صرخات «السيد» حسن إلا صرخاتُ مكلومٍ من الألم سائر نحو نهايته..