تشهد منطقة شرق الفرات الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ترقبًا لما ستؤول إليه تطورات الأيام المقبلة، بعد التهديدات التركية بشن عملية عسكرية واسعة في المنطقة.
وبرزت خلال الأيام الماضية مؤشرات على الساحة السياسية والعسكرية تشير إلى قرب انطلاق العملية العسكرية في شرق الفرات.
وتشكلت “قسد” في تشرين الأول 2015، وهي الذراع العسكرية للإدارة الذاتية المعلنة شمال شرقي سوريا، وعمادها “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، ومدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعتبر تركيا أن “الوحدات” امتداد لـ “حزب العمال الكردستاني” المحظور والمصنف إرهابيًا، وهو ما تنفيه “الوحدات” رسميًا.
تهديدات تركية
أول هذه المؤشرات كانت تهديدات أطلقها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي، بإطلاق عمليات أوسع نطاقًا وأكثر فعالية في شرق الفرات.
وقال أردوغان في خطاب أمام حزب “العدالة والتنمية” في أنقرة، إن “بلاده أكملت خططها واستعداداتها لشن عملية عسكرية واسعة ضد “وحدات حماية الشعب” (الكردية) شرقي الفرات.
التهديد التركي لم يكن الأول وإنما شهدت الأشهر الماضية تصريحات متكررة من قبل مسؤولين أتراك حول شن عملية عسكرية في المنطقة وطرد الجماعات التي تتهمها بأنها “منظمات إرهابية”.
تصاعد التهديد كان عقب اتفاق روسيا مع تركيا الشهر الماضي، بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب وانسحاب العناصر المتشددة منها.
وعقب الاتفاق مباشرة أعرب أردوغان عن نية بلاده توسيع المناطق الآمنة باتجاه شرق الفرات شمالي سوريا.
وقال، في 24 من أيلول الحالي، إن الخطوة ستكون شبيهة بالخطوات المتخذة في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” شمالي سوريا.
المعارضة المدعومة تركيًا تتحضر
وفي وقت نقلت مصادر عسكرية محلية أنباء عن إخطار تركيا للفصائل المدعومة من قبلها للتجهيز لمعركة مقبلة، قال مدير المكتب السياسي في فصيل “لواء المعتصم” التابع لـ”الجيش الحر”، مصطفى سيجري، إنه بعد تثبيت اتفاق إدلب بين روسيا وتركيا باتت حماية مناطق شمال شرق سوريا من تسليمها للأسد عبر صفقة أولوية بالنسبة للجيش الحر.
وأضاف سيجري، عبر حسابه في تويتر، أمس الأربعاء 31 من تشرين الأول، أن اليد ممدودة باتجاه الكرد، داعيًا “الإخوة الكرد” إلى مبادرة وطنية لا مكان فيها للإرهابيين، بحسب وصفه، من أجل رسم مستقبل يسوده العدل والحرية للجميع.
قصف تمهيدي للجيش التركي
وعقب تهديد أردوغان، بدأ الجيش التركي باستهداف مناطق القوات الكردية بالرشاشات الثقيلة في تل أبيض على طول الحدود مع تركيا.
واستهدف الجيش التركي مناطق القوات، الأحد الماضي، إذ قصف مواقع لـ“وحدات حماية الشعب” (الكردية) في قرية زور المغار الواقعة غرب مدينة عين العرب، والواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
كما استهدف، أمس، بالرشاشات الثقيلة معبر تل أبيض في مدينة الرقة شرقي سوريا، ما أدى إلى مقتل أحد مقاتلي (قسد)، إضافة إلى استهداف أربع قرى على طول الحدود في تل أبيض بحسب وكالة “هاوار”.
واعتبرت “وحدات حماية الشعب” (الكردية) في بيان لها، الأحد الماضي، أن “القصف نفذته الدولة التركية دون أي سبب ولمجرد رغبتها بزعزعة المنطقة وضرب استقرارها واختلاق بؤر للمشاكل في المنطقة”.
واتهمت “الوحدات” تركيا بمساندة تنظيم “الدولة الإسلامية” ومساعدته عبر تقديم العون له، في ظل انشغال القوات الكردية بقتال التنظيم في ريف دير الزور.
“قسد” توقف عاصفة الجزيرة ضد تنظيم “الدولة”
وعقب ذلك أوقفت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عملياتها العسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في ريف دير الزور، عازية ذلك إلى الهجمات التركية على الحدود مع سوريا.
وبحسب بيان صادر عن “قسد” أمس، أعلنت إيقاف حملة “عاصفة الجزيرة” بشكل مؤقت بسبب الهجمات التركية الأخيرة على مناطق شمال سوريا.
واعتبرت أن الهجمات التركية الأخيرة دعم لتنظيم “الدولة”، وجاءت بتنسيق مباشر معه ومتزامنة مع هجماته التي ينفذها في منطقة هجين.
وأكدت “قسد” أن استمرار الهجمات التركية سيتسبب في إيقاف طويل الأجل للحملة العسكرية ضد التنظيم.
ويعتبر جيب هجين في ريف دير الزور آخر المعاقل التي يتحصن بها تنظيم “الدولة” شرق الفرات.
وكان التنظيم شن، خلال الأيام الماضية، هجمات واسعة على مواقع “قسد”، في محاولة لإعادة السيطرة على النقاط التي خسرها مؤخرًا، وأبرزها السوسة وباغوز فوقاني.
أطباء بلا حدود توقف نشاطها
وتزامن القصف التركي مع بيان داخلي لمنظمة أطباء بلا حدود (OCP)، بوقف جميع أنشطتها في مناطق شمال شرق سوريا اعتبارًا من 30 تشرين الثاني الماضي.
عنب بلدي لم تتمكن من التحقق من البيان، في ظل تعذر الاتصال بمسؤولي المنظمة.
إلا أن بيان المنظمة أوقف جميع المشاريع الطبية في مخيم عين عيسى للنازحين ومدينة عين العرب.
–