عنب بلدي – دمشق
دخل السوريون في دوامة التصديق والتكذيب لإشاعات من مصادر مختلفة، إعلامية وأخرى شبه رسمية، حول مسألة إلغاء سحب الاحتياط للخدمة العسكرية.
انتشرت خلال الأسبوع الماضي أخبار وتسجيلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقت العنان للناشطين والشباب للتأويل والتفسير، إذ ظهر الإعلامي الموالي للنظام شادي حلوة، الذي اشتهر مؤخرًا بنشر ما سماه “تسريبات” عبر صفحته في “فيس بوك”، ليبشر الشباب بأن لديه أخبارًا من مصادر “موثوقة” تفيد بإلغاء طلبات الاحتياط، ليعود بعد يومين من ظهوره الأول وينفي ما قاله.
يقول محمد (37 عامًا) وهو شاب من دمشق دعي إلى الخدمة الاحتياطية منذ ثلاثة أشهر ولم يلتحق حتى الآن، “أخبرني جاري أنه رأى اسمي على لائحة المطلوبين للخدمة في شعبة التجنيد، ومن يومها وأنا أعيش مثل الهاربين من وجه القانون، فأتجنب المرور أمام الحواجز، ومراجعة دوائر الدولة، وعند شكي بأن تكون إحدى السيارات القادمة إلى حينا دورية لأخذ المطلوبين، أضطر للاختباء”.
منذ عام 2014، بدأ النظام السوري بإرسال دعوات احتياطية للشبان الذين لم تتجاوز أعمارهم 42 عامًا، ما دفع البعض إلى مغادرة سوريا عن طريق “التهريب”، في حال وجود تعميم لأسمائهم على المداخل الحدودية، أو المغادرة بشكل نظامي قبل أن يتم تعميم أسمائهم.
يضيف محمد، الذي تحفظ على اسمه الكامل، “نصحني بعض أصدقائي بدفع مبلغ من المال لأحد الضباط النافذين في شعبة التجنيد، لسحب اسمي من اللائحة، وفعلًا دفعت مبلغ مليون ليرة سورية (نحو ألفي دولار أمريكي)، استدنتها من والد زوجتي، لضابط عن طريق أحد حجّابه، وتأكدت من اللائحة بأن اسمي بات غير موجود، لأفاجأ بعد حوالي شهر بتبليغ من قبل أحد عناصر الشرطة إلى منزل أهلي يتضمن دعوتي إلى خدمة الاحتياط”.
وعن الأنباء التي تتداولها صفحات وشبكات إخبارية في مواقع التواصل الاجتماعي يقول محمد، “لم تعد لدي ثقة بكلام أحد، فإذا لم يصدر قرار أو مرسوم رسمي بإلغاء الاحتياط، لن أصدق”.
بعض الشباب المطلوبين للاحتياط وثقوا بهذه الأنباء وتوجهوا إلى شعبة التجنيد ليتأكدوا من تطبيقها، إلا أنهم حولوا مباشرة إلى الشرطة العسكرية، لتقتادهم إلى معسكر الدريج لإقامة دورة تدريبية، ثم فرزوا إلى قطعهم العسكرية.
مرسوم العفو ودعوات للعودة
بعد إشاعات عن صدور عفو عام قريب، عن المعارضين للنظام، والمنشقين عن قوات الأسد، صدر المرسوم “رقم 18” من رئيس النظام، في 10 من تشرين الأول الحالي، بمنح عفو عام عن جرائم الفرار الداخلي والخارجي، من الخدمة الإلزامية والاحتياطية.
تزامن صدور المرسوم مع وقف منح الدورة الاستثنائية لمستنفدي سنوات الرسوب في الجامعات، وبالتالي اضطرار هؤلاء للالتحاق بالخدمة الإلزامية، إذ لم يعد بإمكانهم التأجيل، بالإضافة إلى دعوات روسية للاجئين السوريين بالعودة، بسعيها إلى حشد تأييد دولي، هدفه تخليص المجتمع الدولي من “عبء” اللاجئين السوريين مقابل اشتراك كبرى دول العالم في إعادة إعمار سوريا.
وعلت مطالبات من أعضاء مجلس شعب، وناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بإلغاء الاحتياط، وكان آخرها ما نقله عضو مجلس الشعب نبيل صالح، عما تمت مناقشته تحت قبة البرلمان، ناقلًا عن وزير الدفاع في حكومة النظام، علي أيوب، حديثه عن دراسة إمكانية تسريح دورات الاحتياط مع عدم الاحتفاظ بأحد.
وتناقلت وسائل إعلام تصريح أيوب، الذي لم يحمل جديدًا سوى إمكانية تسريح الدورات الاحتياطية، أما دعوة الشبان للخدمة الاحتياطية، فلم يأت على ذكرها سواء بالإلغاء أو عدمه، تاركًا الباب مفتوحًا للتفسيرات.
ويبقى السوريون بين مصدق ومكذب للأخبار التي تروج لها بعض الشخصيات النافذة في النظام، رغم تأكيد القانونيين أن الإلغاء يقتصر على العقوبة والدعوى القضائية الناجمة عن التخلف عن الالتحاق بالخدمة الاحتياطية، تنفيذًا لمرسوم العفو الأخير، وليس إلغاءً لدعوات الاحتياط.