عنب بلدي – محمد حمص
يقطع سامي مسافة لا تقل عن 40 كيلومترًا ليحضر مباراة كرة قدم على ملعب سداسي في بلدة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي، ويجلس مع الجمهور متابعًا بشغف وكأنها مواجهة مصيرية لمنتخب بلاده في كأس العالم، ذات الشغف وذات الفضول وذات الدافع الذي يحركه بالهتاف عند كل فرصة ضائعة أو كل هدف.
ما إن خبا هدير الطائرات، وعاد الاستقرار لمنطقة يقطن فيها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة شمال غربي سوريا، حتى عادت الحركة في المستطيلات الخضر المتوزعة على طول محافظة إدلب، وعادت الدوريات المحلية في تلك الملاعب، مع تفاوت حجم الدوري المحلي من ملعب لملعب بحسب الجهة الراعية والمنظمة.
يتحلق الجماهير بمحيط السياج المستطيل، ويهتفون في كل لحظة ويصرخون عند كل فرصة، يقول عقبة البكور، وهو أحد اللاعبين في فريق في بلدة تلمنس، إنه في مواجهة نهائية كانت قبل منتصف شهر تشرين الأول الحالي، حضر أكثر من تسعة آلاف مشجع لمتابعتها في معرة النعمان.
اللعبة بسيطة وملابس الفرق المشاركة بسيطة ودكة البدلاء والتدريب كذلك، لا تعقيدات فيها ولا سوق انتقالات، ولكن سامي يقول إن هناك سوق انتقالات ينتقل فيه اللاعب من فريق إلى فريق بسبب خلاف أو اصطدام مع فريقه، هذه هي التكلفة المادية فقط.
ويضيف عقبة، في كل ملعب سداسي هناك دوري، خاصةً إذا كان الملعب جديدًا، بما يضمن الدعاية للمنشأة الجديدة واستقطاب الفرق للمشاركة بالدوري الخاص بها.
الحضور والدوريات
الحضور يختلف من ملعب لملعب، وفق عقبة، مشيرًا إلى أن بلدة ككفرنبل لا يوجد فيها سوى ثلاثة ملاعب، الأمر الذي يكون عاملًا في زيادة نسبة الجماهير في كل ملعب، بينما يوجد في مدينة معرة النعمان عدد كبير من الملاعب، ما يعني أن المتابعين يتفرقون بينها بحسب توزع الفرق التي يشجعونها، وغالبًا ما يكون الجماهير أقرباء وأصدقاء أعضاء الفريق المشارك.
يقول عقبة، إن الإقبال بدأ يأخذ منحى تجاريًا بعد دخول محلات وشركات الإنترنت في المنطقة، وإنشاء فرق باسمها، ما يكفل الترويج لها من خلال تلك الدوريات.
تستقطب هذه الشركات الصغيرة اللاعبين من خلال الرواتب الشهرية والتجهيزات الجيدة، ما يضمن لها الفوز بالبطولات المحلية في المنطقة.
وهناك فرق مكونة من أصدقاء فيما بينهم، يشاركون بالبطولات بهدف التسلية لا أكثر، وغالبًا ما تكون لهذه الفرق قاعدة جماهيرية من الحي أو البلدة التي تنتمي إليها، كما هو الحال في الفريق الذي يلعب له عقبة، وفق قوله.
بطولات رياضية منظمة
بعيدًا عن البطولات المحلية التي تقام في الملاعب السداسية المصغرة، أقام “الاتحاد السوري لكرة القدم” التابع لـ”الهيئة السورية للرياضة والشباب” عدة بطولات في الشمال السوري ومناطق ريف حلب الشمالي، بالإضافة إلى بعض البطولات التي تنظمها المجالس المحلية في المنطقة.
وأقيمت، في آب الماضي، منافسات بطولة بكرة القدم تحت مسمى “كأس الشهداء” (بطولة مارع الكروية) بمشاركة 12 ناديًا، والتي تهدف لدعم الشباب نفسيًا في الداخل، وفق ما قال المدير التنفيذي لوحدة تنسيق الدعم، محمد حسنو، لعنب بلدي.
كما أطلق “الاتحاد” برعاية الجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز) بطولة للنخبة الكروية باسم “بطولة الشهيد حسن الأعرج”، التي تعتبر الأولى من نوعها بمشاركة منظمة تدعم العمل الطبي، وتشمل 11 فريقًا في محافظتي إدلب وحماة.
كما نظم المكتب الرياضي، التابع للمجلس المحلي لمدينة صوران في ريف حلب الشمالي بطولة أخرى في كرة القدم، بدأت فعاليتها، مطلع الشهر الحالي، واستمرت ثلاثة أسابيع بمشاركة 12 ناديًا رياضيًا من المدينة والقرى المحيطة بها تحت اسم دوري “المحبة”.
ومما أسهم في تعزيز الأنشطة الرياضية، لا سيما في مناطق ريفي حلب الشمالي والغربي، دخول الدعم التركي لإنشاء الملاعب والمنشآت الرياضية في المنطقة.
وعلى الرغم من عدد الدوريات المنظمة من قبل مؤسسات أو التي يقيمها المشرفون على الملاعب في مناطق شمالي سوريا، ما زال اللاعبون الهواة يعولون على ارتقاء مستوى الرياضة بشكل أكبر، ما يضمن لهم مشاركة فعلية ذات نتائج على صعيد الاحتراف الرياضي والخروج إلى النور.