توغل إيراني في الجنوب السوري.. إسرائيل “صامتة”
عنب بلدي – خاص
تعيش منطقة الجنوب السوري حالة من التعقيدات بعد أقل من ثلاثة أشهر على سيطرة قوات الأسد على المنطقة بدعم روسي، تتجسد في عدم وضوح سياسية النظام السوري في المنطقة، سواء الالتزام ببنود التسويات التي فرضها، أو التوجه لاعتقال الأشخاص الذين اتخذوا موقفًا واضحًا ضد النظام في السنوات الماضية.
وإلى جانب ذلك عاد الحديث عن الوجود الإيراني في الجنوب السوري إلى الواجهة، بعد زيارة أبو الفضل الطباطبائي، ممثل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، في سوريا إلى مدينة درعا، الأربعاء 24 من تشرين الأول، وسط صمت إسرائيل التي طالما دعت إلى طرد القوات الإيرانية من المنطقة.
توغل أخطر من الصراع العسكري
الطباطبائي زار محافظة درعا على رأس وفد من ثلاثة أشخاص، والتقى خلال الزيارة بأمين فرع درعا لـ “حزب البعث”، حسين صالح الرفاعي، ومحافظ درعا، محمد خالد الهنوس، وقائد شرطة المحافظة، اللواء محمد رامي تقلا، إضافة إلى مدير أوقاف درعا أحمد الصيادي.
وجاءت الزيارة، بحسب ما نشره “حزب البعث العربي الاشتراكي- فرع درعا”، عبر صفحته في “فيس بوك”، لتقديم التبريكات والتهنئة بانتصارات قوات الأسد في محافظة درعا وعودة الأمن والأمان بعد السيطرة عليها وتحريرها من الإرهاب، بحسب وصفها.
الزيارة فتحت باب التساؤلات حول الأهداف الخفية التي تريد طهران تحقيقها في المنطقة عبر تكثيف وجودها على الصعيد الميداني، وتزامن ذلك مع ظهور مجموعات تتبع لـ “حزب الله” اللبناني في المنطقة الشرقية (نصيب وصيدا وبصر الحرير)، بحسب مراسل عنب بلدي، الذي قال إن تشكيلات تابعة للحزب ظهرت خلال الأسابيع الأخيرة وقدمت إغراءات للعناصر، منها البقاء في المحافظة، وأخرى مالية على شكل رواتب تزيد على ما يتقاضونه في “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات الأسد أو “الفيلق الخامس” المدار مباشرة من قبل روسيا.
من جهته، قال المحلل العسكري العميد أحمد رحال، إن الوجود الإيراني في الجنوب “كبير”، فهناك “اللواء 313”، الذي يضم مقاتلين شيعة من بصرى الشام، إضافة إلى قاعدة عسكرية في منطقة اللجاة.
وأضاف لعنب بلدي أن معبر نصيب الحدودي مع الأردن تحت تصرف الإيرانيين، عبر وجود مفرزة يشرف عليها ضابط من الأمن العسكري تابع لإيران، مشيرًا إلى أن هدف هذه المفرزة هو تهريب المخدرات العائدة لـ ”حزب الله” اللبناني إلى الأردن ودول الخليج.
الوجود الإيراني وصفه القيادي السابق في “الجيش الحر”، أدهم الكراد، بـ ”الخطير”، قائلًا عبر صفحته في “فيس بوك”، “بعدما صمتت البنادق وسمعنا تطمينات من الروس بوجود اتفاق دولي يفضي إلى إنهاء الوجود العسكري لإيران وأذرعها الخبيثة المتمثلة بالميليشيات والحزب، ما يحدث حاليًا هو أخطر من الصراع العسكري”.
وأضاف الكراد، “نحارَب عقائديًا وفكريًا ووجوديًا من خلال التمدد الشيعي الذي يعمل على شراء العقارات والأراضي من خلال أدوات رخيصة وتشييع المناطق النائية والبسيطة، بل وشراء الأسلحة ووهبها إلى جهات مخفية”.
واعتبر القيادي السابق أن ما يحاك لحوران ينذر بحراك وحرب طائفية تفرض وجودها، متسائلًا “أين ضمانات المجتمع الدولي مما يحدث، هذا ينقل الجانب الروسي من موقع الضامن إلى موقع المتآمر على سوريا شعبًا وأرضًا”.
التوغل الإيراني تزامن مع حديث في المنطقة حول اتفاق أردني- روسي على تشكيل كيان عسكري ذي “طبيعة سنية بالكامل وغير عدائي للأردن”، بحسب ما قال الناشط، “أبو غياس الشرع”، عبر حسابه في “فيس بوك”، الاثنين 15 من تشرين الأول.
ونقل الشرع أن اتفاقًا مبدئيًا بين الأردن وروسيا لإعادة عدد من قادة الفصائل الذين غادروا إلى الأردن، مقابل أن يتم إلحاقهم بالفيلق الخامس أو فصيل مشابه له، بهدف إيقاف حالة التجنيد على الجانب الآخر من الحدود، وأن يكون الكيان العسكري الموجود على الحدود الأردنية “ذا طبيعة سنية بالكامل”، مشيرًا إلى أن الأردن يريد لقادة الفصائل الذين عملوا لصالحها خلال السنوات الماضية تولي المسؤولية في المرحلة المقبلة.
صمت إسرائيلي
الحديث عن التوغل الإيراني رافقه صمت إسرائيلي، على عكس الأشهر السابقة، عندما اشترطت تل أبيب على موسكو انسحاب القوات الإيرانية مقابل السماح لقوات الأسد بالسيطرة على الحدود الجنوبية.
وبحسب ما قاله المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيي، في آب الماضي، فإن القوات الإيرانية انسحبت من مواقعها جنوبي سوريا لمسافة 85 كيلومترًا بناء على طلب إسرائيل، وبغية عدم إزعاج القيادة الإسرائيلية.
المحلل العسكري العميد أحمد رحال قسّم الوجود الإيراني في سوريا بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إلى نوعين: الأول داعم لنظام بشار الأسد، وهو لا يشكل مشكلة لكل من إسرائيل وأمريكا، والنوع الثاني الذي يهدد الأمن القومي الإسرائيلي والذي تعتبره تل أبيب مشكلة بالنسبة لها.
وأكد رحال أن أمريكا وإسرائيل سمحتا لإيران بالدخول إلى سوريا وإرسال جيشها ومعدات عسكرية من أجل حماية النظام السوري، لكن عندما فكرت طهران بإقامة “حزب الله السوري” في الجنوب، قصفت تل أبيب موكبًا يضم قياديين إيرانيين بينهم الضابط الكبير في الحرس الثوري الإيراني، محمد علي دادي، إلى جانب القيادي في “حزب الله” جهاد عماد مغنية، في كانون الثاني 2015، مشيرًا إلى أن مصطفى مغنية، شقيق جهاد، يعمل على تأسيس الحزب في بلدة حضر وتحت أنظار الإسرائيليين.
ثلاثة تشكيلات عسكرية ينضم لها عناصر التسوية في درعا
تزايد أعداد المنتسبين من المطلوبين لخدمة الجيش من أبناء مدينة درعا إلى تشكيلات عسكرية مختلفة التبعية، خلال الأسابيع الماضية، مع وعود لكل تشكيل بهدف كسب أكبر عدد من العناصر.
وفي إطار اتفاق التسوية الذي وقعته المعارضة مع قوات الأسد، في تموز الماضي، قدمت هذه التشكيلات وعودًا للشباب، الذين قبلوا بالتسوية وخاصة للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياط.
“الفرقة الرابعة”.. اخدموا في المنطقة الجنوبية
الكيان العسكري الأول كان “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات الأسد، والتي وعدت المنتسبين بحصر الخدمة ضمن المنطقة الجنوبية، واحتساب ذلك بدلًا عن الخدمة النظامية.
وأنشأت الفرقة مركزي تدريب في المنطقة، بحسب مراسل عنب بلدي في درعا، الأول في بلدة المزيريب والثاني في بلدة زيزون، وتم تخريج أول دورة منذ عشرة أيام، وفرز العناصر ضمن المناطق الجنوبية.
ومن الشروط الملزمة للمنتسبين تسليم بندقية حربية، مقابل إعطائهم رواتب وإجازات أسبوعية، مع هويات تضمن سلامة تحركهم، وفقًا للمراسل.
“الفيلق الخامس”.. رفض القتال يعقد الحسابات
الكيان العسكري الثاني هو “الفيلق الخامس” المدار مباشرة من قبل روسيا، ويترأسه القيادي السابق في فصائل المعارضة، أحمد العودة، في المنطقة الشرقية (نصيب وصيدا وبصر الحرير) وأبو مرشد البردان (قائد سابق بفصيل المعتز بالله) في المنطقة الغربية (طفس داعل وابطع).
وشهد “الفيلق الخامس” انتساب كثير من الشباب في البداية، لكن رفض عناصر المنطقة الغربية القتال ضمن صفوف قوات الأسد في إدلب، أدى إلى حله وإبقاء مجموعات الفيلق في المنطقة الشرقية.
وظهر تنافس واضح خلال الشهرين الأخيرين بين “الفرقة الرابعة” و”الفيلق الخامس” من أجل كسب عناصر التسويات.
وتشكل “الفيلق الخامس” في أواخر عام 2016 بأوامر روسية، فيما اعتبرته موسكو ذراعًا تواجه بها الميليشيات الإيرانية ويكون رديفًا لقوات الأسد، التي تقدمت على حساب المعارضة تحت وطأة الترسانة الروسية حينها.
وإلى جانب ذلك ظهرت كيانات عسكرية انتسب إليها العناصر، منها الأمن العسكري والمخابرات الجوية، وهي أجهزة أمنية تابعة للنظام السوري.
“حزب الله” يدخل على الخط
اللافت هو ظهور مجموعات تتبع لـ “حزب الله” اللبناني في المنطقة الشرقية، بحسب مراسل عنب بلدي، الذي أكد أنه خلال الأسابيع الأخيرة ظهرت تشكيلات تابعة للحزب قدمت إغراءات للعناصر، منها البقاء في المحافظة، وإغراءات مالية ورواتب أضعاف ما يتقاضونه في “الفرقة الرابعة” أو “الفيلق الخامس”.
ولا توجد معلومات دقيقة حتى اليوم عن عدد المنتسبين إلى كل جهة، في ظل تحفظ هذه التشكيلات على المعلومات المصنفة بأنها “عسكرية”.
وتحاول روسيا، الداعمة النظام السوري، تشكيل قوة عسكرية، في محاولة لمجاراة النفوذ العسكري لإيران التي تعتبر القوة النافذة على الأرض نتيجة دعمها لعشرات الميليشيات التابعة لها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :