حمص – عروة المنذر
لم يتحسن الواقع المعيشي بالنسبة للسكان في ريف حمص الشمالي، بعد دخول المنطقة في برنامح “المصالحات” مع قوات الأسد بوصاية روسية، رغم مرور ما يقارب ستة أشهر على توقيع الاتفاق.
وبالعكس، كانت أولى أولويات الدوائر الحكومية التي عادت إلى المنطقة، تحصيل الرسوم المتراكمة على المواطنين، وهمها الأكبر ضبط أكبر قدر ممكن من المخالفات لتحصيل أكثر ما يمكن من سكان المنطقة، الأمر الذي شكل صدمة لدى السكان، وتسبب بانخفاض المستوى المعيشي بشكل ملحوظ.
وما زاد الأمر تعقيدًا، انقطاع قوافل الإغاثة المقدمة من برنامج الأمن الغذائي العالمي عن طريق الهلال الأحمر السوري عن المنطقة بشكل كامل، بالتزامن مع خروج قوات المعارضة من المنطقة إلى شمال غربي سوريا في محافظة إدلب، ودخول قوات النظام ومؤسساته المنطقة التي كانت محاصرة منذ سنين.
قوافل منتظمة رغم الحصار
لم تنقطع قوافل الإغاثة عن سكان ريف حمص الشمالي، منذ صدور القرار الأممي رقم 2254، وعلى الرغم من محاولات قوات الأسد المستميتة لأكثر من 70 يومًا عرقلة وصول القافلات، كانت تصل في موعدها وفي أحوال أخرى متأخرة بضعة أيام لا أكثر، ولكن بعد سيطرة قوات الأسد لم تدخل سوى قافلة واحدة كان موعد دخولها خلال جلسات المفاوضات، وتم تأخيرها إلى حين فتح الطريق الدولي.
وقال أحد الإداريين في فرع الهلال الأحمر السوري في حمص، طلب عدم ذكر اسمه، لعنب بلدي، إنه على الرغم من التقارير التي تصل من شُعب الهلال الأحمر في ريف حمص الشمالي عن تردي الوضع المعيشي، ترفض إدارة الفرع إرسال قافلة إغاثة للسكان في تلك المنطقة.
قبل ستة أشهر، كان إرسال قافلة إغاثة يتطلب أكثر من أربع موافقات أمنية للسماح لنا بالدخول الى المنطقة، ورغم خطورة الطريق ووعورته كانت القوافل تصل بشكل شبه منتظم، بحسب الإداري في الهلال الأحمر، “أما الآن فأصبحنا قادرين على الدخول الى المنطقة بشكل آمن وسلس، لكن الفرع يرفض إرسال أي قافلة إلى المنطقة”.
وأشار الإداري إلى أن “أسبابًا طائفية” قد تكون وراء هذا التقصير، إذ توزع المخصصات على بعض المناطق بشكل منتظم رغم عدم حاجتها، وهو مؤشر على سيطرة الأجهزة الأمنية على مفاصل القرار في المنظمة.
كتم صوت المنطقة
على الرغم من قلة دعم المجالس المحلية التي كانت تعمل على تنظيم المنطقة إبان سيطرة المعارضة على المنطقة، إلا أنها كانت صوت الشارع أمام وسائل الإعلام، وجهةً شبه رسمية تنقل ما يعانيه سكان المنطقة إلى وكالات الأمم المتحدة، وبدخول حكومة النظام إلى المنطقة حلت المجالس المحلية نفسها.
وقال أحمد، وهو أحد سكان مدينة تلبيسة، لعنب بلدي، إن المجالس المحلية خلال سيطرة قوات المعارضة قامت بتمثيل السكان بشكل جيد، إذ كانت معنية بإيصال صوت الأهالي ومخاطبة الجهات المعنية بالشأن السوري، أما المجلس المشكل حديثًا فلا يقوم بأي عمل خارج إطار المصلحة الشخصية لأعضائه، ولاستقبال “الوفود الحكومية لا أكثر”.
وأضاف أن أعضاء مجلس المدينة الحالي “كلهم من خلفية حزبية، كانوا يعيشون خارج المنطقة وهمهم الرئيسي إرضاء قياداتهم لا الوقوف على معاناة سكان المنطقة ومحاولة تحسين وضعهم المعيشي”.
وفي تصريح لأحد المقربين من رئيس شعبة الهلال الأحمر في مدينة الرستن، رفض ذكر اسمه لدواع أمنية، قال لعنب بلدي، إن الشعبة تقوم بواجبها بشكل كامل من مسوحات وإحصائيات، ولكن الفرع في حمص لا يتجاوب مع طلبات الشُعب التابعة له في المنطقة، بحجة “أن المنطقة مخدمة من المؤسسات الحكومية”.
وتبقى الحالة المعيشية السيئة التي يعيشها الأهالي، وقلة حيلتهم، وسوء الإمكانية وارتفاع معدلات البطالة، هي المقياس الوحيد لحاجة السكان بالمنطقة للمساعدات الإنسانية، ولكن مع غياب تلك المساعدات باتت المقاييس مختلفة تمامًا عما كانت عليه.