“سياسة تطفيش” في مخيم دير بلوط بريف حلب
عنب بلدي – خاص
يتعرض مخيم المحمدية في بلدة دير بلوط بريف عفرين شمالي حلب، لضغوطات واسعة من إدارة المخيم ممثلة بمنظمة “آفاد” التركية وفصائل المعارضة، يقول النازحون إن هدفها التضييق على النازحين، ومحاولة إجبارهم على ترك المخيم.
يقطن مخيم دير بلوط، الواقع في منطقة عفرين شمالي حلب، نازحون من مناطق جنوبي دمشق، هُجّروا بداية العام الحالي، بعضهم من اللاجئين الفلسطينيين، ويعانون أوضاعًا إنسانية سيئة في ظل سوء الخدمات والهيكلية السيئة للخيام القماشية.
الناشط عمار الميداني، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن منظمة “آفاد” مدعومة بعناصر من الشرطة الحرة وفيلق الشام، اقتحموا المخيم يوم الخميس، 18 من تشرين الأول الحالي، وهدموا بعض الخيام وتوابعها، بحجة أنها مخالفات، مع توجيه إهانات للنازحين تحمل عبارات الطرد من المخيم.
تضييق ممنهج
الميداني أكّد لعنب بلدي أن إدارة المخيم بالتعاون مع الشرطة الحرة، تسعى للتضييق على النازحين وطردهم، مكيلةً الاتهامات والشتائم مع التهديد باستخدام السلاح في وجه المعترضين.
وبدأ عناصر الشرطة الحرة بالتعاون مع المنظمة، في 18 من تشرين الأول الحالي، بإزالة المخالفات من جانب الخيام، وهي عبارة عن حمامات وحفر فنية خاصة بالنازحين، وبعض الخيام التي تستعمل كغرف للأطفال أو لأغراض أخرى، يضاف إليها بعض التصوينات الحجرية التي تجنب الخيام الغرق من الأمطار.
وكانت “آفاد” أبلغت نازحي المخيم قبل أيام، بأنها ستزيل ما أسمته المخالفات، في إشارة إلى بعض الخيام والحمامات، في ظل أوضاع صعبة يعشيها النازحون.
يقول الميداني، الذي غادر المخيم مؤخرًا، إن عناصر المعارضة ردوا على كل من عارض إزالة المخالفات، بقولهم “إذا مو عاجبك المخيم اطلع منو”، وهذه عبارة تكررت كثيرًا في المخيم وأطلق ناشطون في الشمال السوري، وسمًا يحمل تلك العبارة على وسائل التواصل الاجتماعي.
إزالة المخالفات لصالح النازحين
في المقابل أوضح قيادي في فيلق الشام (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية) في حديث إلى عنب بلدي، أن ما حصل في المخيم كان إزالة للمخالفات العشوائية التي تضر بالسكان بناء على معايير وأنظمة وضعتها منظمة “آفاد” التركية للمخيم في وقت سابق.
وقال القيادي إن “آفاد” جهزت المخيم في الفترة السابقة بما يحتاج من شبكات مياه وصرف صحي، مع توزيع الخيام بشكل متناسب مع أعداد النازحين، كما أنشأت حمامات خاصة على مسافة من الخيام وتعمل ما بوسعها لتقديم الخدمات للنازحين بحسب استطاعتها ووفق سياستها.
يضيف القيادي، والذي شهد الحادثة الأخيرة في المخيم، “بعد فترة تمت سرقة الخزانات وبعض الحنفيات، وبدأ كل شخص ببناء حمام وخيمة حُفَر فنية خاصة به، وهذا لم يناسب المنظمة مع دخول فصل الشتاء لما تتسبب به من ضرر على الخيام والصراع القائم على التوسع العشوائي”.
وتعطي المنظمة التركية خيمة لكل ستة أشخاص على الأقل، وترفض بناء الحفر الفنية بشكل عشوائي لما تتسبب به من أمراض وأوبئة قد تهدد حياة النازحين، لا سيما أن الحفر الفنية الجديدة تم بناؤها في الخيام أو بجوارها مباشرة، بحسب المصدر.
ومع كثرة المخالفات التي شهدها مخيما المحمدية في دير بلوط، والتعدي على أملاك المنظمة التي أسست ومولت المخيم، أنذرت “آفاد” السكان بإزالة جميع المخالفات وردم الجور والتصوينات الحجرية، رغم رفض الكثيرين للأمر واستمرار بناء المخالفات وإدخال مواد البناء إلى المخيم.
وعقب ذلك دخلت المنظمة برفقة “الشرطة الحرة” وعناصر من “فيلق الشام” لتنفيذ قرارها وإزالة المخالفات، ولاقت بعض المعارضين لتنفيذ القرار والتعرض لأفراد المنظمة، ما استدعى الشرطة للتدخل وحل الخلاف، منوهة إلى أن من لا يرغب بسياستها فعليه أن يجد مكانًا آخر يناسب طموحاته، وفقًا للقيادي.
ويصف القيادي سياسة المنظمة التركية بالصحيحة، خاصة وأنها الداعمة والمالكة للمخيم، إلى جانب منع انتشار فوضى السكن والأمراض بين صفوف النازحين.
عنب بلدي حاولت التواصل مع قائد الشرطة الوطنية شمال حلب، العميد عبد الرزاق أصلان، لاستيضاح الأمر، لكنه رفض التواصل مع الإعلام واعتذر عن عدم الإجابة.
الفلسطينيون.. لاجئون مرة أخرى
نظم النازحون في المخيم، وجلهم من الفلسطينيين، اعتصامًا للاحتجاج على تردي أوضاعهم المعيشية، وفقًا لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا.
وأشارت المجموعة إلى أن النازحين المعتصمين مستمرون حتى تحقيق مطالبهم من مساعدات إغاثية ومالية وطبية، إضافة لتحسين الخدمات في المخيم، كما اشتكوا من أوضاع سيئة تصل إلى عدم توفر مياه صالحة للشرب، وغياب الخبز لأيام.
وعبر الفلسطينيون في اعتصامهم عن سخطهم وغضبهم لغياب السلطة الفلسطينية والمنظمات والفصائل ومنظمة “أونروا” عن مأساتهم.
الانتقال من المخيم
لا تزال التهديدات الموجهة لأهالي المخيم قائمة حتى ساعة إعداد التقرير بعد إنذار “آفاد” لسكان المخيم المجاور بحملة تفتيش جديدة، لإزالة كل المخالفات والتضييق بشكل أوسع على النازحين الذين بدؤوا يفكرون بترك المخيم والانتقال إلى منازل في بلدات أخرى.
وجاءت فكرة الانتقال من المخيمات بعد الإهانات التي طالت النازحين خلال الأيام السابقة، إلى جانب التهديد بالسلاح ومحاولات الاعتقال لكل من يعترض على الأوامر، خاصة وأن المخالفات التي أزيلت كانت ضرورية لسكان الخيم.
ويتبع المخيم بإدارته لمنظمة “آفاد” التركية، وتتولى “الشرطة الحرة” و”فيلق الشام” مسؤولية حماية المنطقة، التابعة لمنطقة عفرين شمالي سوريا.
واستقبلت منطقة عفرين في الأشهر الماضية الآلاف من مهجري الغوطة الشرقية وجنوبي دمشق، بموجب اتفاقيات الخروج التي فرضتها روسيا والنظام السوري.
ووصل المهجرون في سبع دفعات، خمس منها إلى شمالي حلب واثنتان إلى إدلب، وتوزعوا في مخيمات أنشئت من قبل “الهلال الأحمر” التركي في النواحي التابعة لعفرين ومن بينها جنديرس وديربلوط.
وبحسب إحصائية نشرها “منسقو الاستجابة شمالي سوريا”، في أيار الماضي، بلغ عدد المهجرين من جنوبي دمشق تسعة آلاف و250 شخصًا، توزعوا على ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :