حماة – إياد عبد الجواد
لم يكتب النجاح لموسم القطن في سهل الغاب بريف حماة هذا العام، رغم محاولات المزارعين الحثيثة في تأمين البذار والأسمدة، فقد اعترضتهم كارثة تمثلت بالآفات التي تعرض لها المحصول، وأبرزها “دودة اللوز”.
عاد النشاط الزراعي إلى منطقة سهل الغاب بعد غياب لسنوات، وشهدت الأشهر الماضية زراعة عشرات الهكتارات في القسم الشمالي من سهل الغاب، بعد تأمين المستلزمات الخاصة بالزراعة وضمان تصريف الإنتاج إلى المحافظات الأخرى.
وتقدر تكلفة زراعة الدونم الواحد من القطن بأربعة آلاف ليرة لحراثة الأرض، و15 ألفًا تكلفة السقاية، وتسعة آلاف ثمن السماد، إضافة إلى عشرة آلاف أجرة العمال، عدا عن تكاليف النقل والقطاف في أثناء موسم الحصاد، بحسب ما قال محمد العبد الله، أحد مزارعي سهل الغاب.
“دودة تضرب الموسم”
المهندس الزراعي أنس أبو طربوش، قال لعنب بلدي إن موسم القطن في سهل الغاب تعرض هذا العام لإصابة بدودة اللوز الشوكية، وهي فراشة صغيرة الحجم طولها حوالي تسعة ميليمترات، ولون أجنحتها الأمامية أخضر فاتح.
وتتغذى اليرقات حديثة الظهور على الأنسجة النباتية، وبحسب المهندس الزراعي، تهاجم فيما بعد البراعم الورقية والتي تتفتح عنها أوراق مجعدة، وبعد تقدمها بالعمر تهاجم البراعم الزهرية وتأكلها ما يسبب سقوطها على التربة.
لا تتوقف دورة حياة الدودة عند ذلك بل تعمل على ثقب جوزات القطن من الداخل، وتتغذى على محتوياتها، وتخرج برازها من ثقب الدخول على شكل كتل صغيرة متماسكة، ما يؤدي إلى تلف الجوزات المصابة.
وأوضح أبو طربوش أن دورة حياة الحشرة تستمر من خمسة إلى ستة أجيال في العام، وأن مكافحتها تأتي باستخدام مبيدات “مانعة الانسلاخ” في بداية ظهور الإصابة وفي الطور العمري الأول لليرقات مثل “ليوفينرون”.
كما يمكن استخدام مانعات التغذية “إيمامكتين بنزوات”، ويمكن استخدام “المبيدات البايرثرودية” في بداية الإصابة وقبل دخول اليرقات إلى جوزات القطن.
وفي حال تقدم الإصابة يجب استخدام مبيدات متخصصة بحرشفية الأجنحة مثل “فلوبيندياميد”.
وبحسب المهندس الزراعي، تبلغ المساحة المزروعة من القطن في منطقة سهل الغاب 700 دونم موزعة على مساحات متفرقة.
ارتفاع التكاليف
تعرف زراعة القطن بارتفاع تكاليفها قياسًا بالمزروعات الأخرى، ويرتبط ذلك بأسعار البذور المستوردة، وأسعار السماد، إضافةً إلى المحروقات المرتفعة وأجور تجهيز الأرض للزراعة، فضلًا عن المبيدات الزراعية وأجور اليد العاملة.
وقال المهندس، إن الأمور المذكورة أدت إلى ارتفاع تكاليف الزراعة، وزاد عليها الإصابة بالديدان، مقدرًا تكاليف زراعة الدونم 100 ألف ليرة سورية.
إلى ذلك تحدث شجاع الصالح رئيس المجلس المحلي في قرية الزقوم عن صعوبات أخرى تعترض الزراعة، بينها قلة المياه.
وأشار إلى أن عدم توافر مياه الري أجبر المزارعين على شرائها من أصحاب الآبار الارتوازية، والتي تصل تكلفه الساعة الواحدة من الحصول عليها إلى أكثر من ثلاثة آلاف ليرة سورية.
ورغم هذه الصعوبات، يأمل المزارع عدنان الحلبي بإنتاج محصول جيد من القطن، بعد زراعته لـ 20 دونمًا منها بعد تأمين البذار والأسمدة من قبل التجار.
ولا تقتصر الآفات التي تعترض الزراعة على دودة اللوز فقط، إذ يشير المزارع إلى آفة أخرى تسمى “حشرة الذباب الأبيض”، لافتًا إلى أن الأمر يزيد من خسائر المزارعين ما ينعكس على وضعهم المعيشي.
واحتلت سوريا المرتبة الثانية عالميًا في إنتاج القطن من حيث وحدة المساحة، قبل عام 2011، كما احتلت المرتبة الثالثة آسيويًا في إنتاج القطن العضوي، لكن الحرب لعبت دورًا كبيرًا في تراجع إنتاجه بسبب عزوف الفلاحين عن زراعته نتيجة ارتفاع تكاليفه.
وكان إنتاج سوريا من القطن قبل الحرب يصل إلى أكثر من مليون طن سنويًا، انخفض بنسبة تصل إلى 93% في السنوات الست الماضية، ولم تتعدَّ قيمة الإنتاج 50 إلى 100 ألف طن في 2015.
ويطلق السوريون على القطن “الذهب الأبيض” نظرًا لمكانته في الاقتصاد السوري، وهو ينافس النفط في عائداته، لا سيما أنه كان يوفر فرصًا لمئات آلاف العمال.