رجله بالفلقة مع طالبي اللجوء

“الريبر”.. مهنة تشويق ومتاعب على خط التهريب

camera iconتعبيرية للاجئين سوريين يحاولون الوصول إلى اليونان من تركيا (Getty)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – برهان عثمان

“أن تعيش كأنك إحدى شخصيات فيلم هوليودي مشوق، متنقلًا بسرية عبر الحدود”، بهذه الكلمات يصف حمادة (24 عامًا) من سوريا عمله كـ “ريبر” على الحدود التركية- اليونانية، مؤكدًا لعنب بلدي أنها مهنة المغامرة والكسب “الجيد”.

“الريبر” هو الشخص الذي يتولى قيادة وإرشاد مجموعات من الأشخاص المتنقلين عبر الحدود، بطريقة غير شرعية، ولذا فهو يسير بهم على الأراضي التركية وبعدها في الأراضي اليونانية.

ويتعين على “الريبر” بحكم ظروف عمله أن يعرف كيف يتعامل مع الجيش وحرس الحدود والشرطة على الطرفين، حتى يصل بالمجموعة إلى وجهتها، هذه الرحلة تدخل شيئًا من الحيوية والإثارة إلى الحياة الرتيبة التي كان يعيشها هذا الشاب قبل قدومه إلى الأراضي التركية بعد أن أنهى دراسته الجامعية، على حد قول حمادة.

معنى “ريبر”

يمارس حمادة هذا العمل منذ ثلاث سنوات، دون أن يعرف مصدر أو سبب هذا الاسم “الريبر”، قائلًا إنه “أحد الأطراف الأساسية في مربع التهريب المتكون من المهرب والسمسار والريبر والأشخاص الراغبين بعبور الحدود”.

ويضيف أن مهنة “الريبر” تختلف عن المهرب والسمسار في مجال التهريب، فهو يسير مع الرحلة ويقطع الحدود ويخاطر بحياته، الأمر الذي يدفعه لأن يكون حريصًا على نفسه وعلى المجموعة التي ترافقه.

مصدر كلمة “ريبر” هو كردي، وتعني “القائد”، لذلك يعتبر اسم “ريبر” من الأسماء الشائعة بين الكرد.

لا يمكن لأي شخص أن يكون “ريبر”

محمد (22 عامًا) شاب آخر يعيش في منطقة “إسنيورت” الشعبية في مدينة اسطنبول التركية، ويعمل في مهنة التهريب، يرى أن “الريبر” أو الدليل يجب أن يتمتعا بالمصداقية أكثر من السمسار والمهرب، مستخدمًا التعبير السوري المحلي “رجلو بالفلقة مع المجموعة”، ولذا فهو غالبًا ما يكون صريحًا في وصف الطريق والرحلة، وقليل الكذب والإيهام، خلافًا للسمسار والمهرب اللذين تقتصر أدوارهما على المساعدة عن بعد.

وبحسب محمد، فإن هذا العمل يتطلب مواصفات خاصة لمن يود تجربته، منها الذاكرة الجيدة التي تمكنه من حفظ الطرقات وقدرته على قراءة الخرائط، بالإضافة إلى سرعة البديهة لاتخاذ القرار المناسب، مضيفًا، ”الوقت والذكاء والخبرة عوامل حاسمة قد تساعد على عبور المجموعة وإيصالها إلى المكان المقصود”.

ويرى محمد أن أهم شيء بالنسبة لمهنة “الريبر” هو امتلاكه ميزات القائد، فهو من سيشرف على توجيه المجموعة وضبط تصرفاتها وإجبارها على الخضوع له والقدرة على السيطرة على أي تمرد أو رأي مخالف داخل المجموعة.

كما أنه بحاجة إلى اللياقة البدنية، لتساعده في قطع الطريق والتغلب على مصاعبه والقدرة على مواجهة المشاكل في أثناء الرحلة، بحسب محمد.

تمارسها فتيات لكنها خطرة

“هذا عمل غير سهل”، يقول علي الحمد (31 عامًا) وهو أحد سماسرة التهريب في مدينة اسطنبول، شارحًا لعنب بلدي أن هناك “صعوبات لوجستية تتعلق بمعدات وآليات التنقل، ومنها فنية تتعلق بالاتصالات في أثناء الرحلة، ومنها أمنية تتصل بسلامة الريبر ومن معه من الركاب”.

ورغم ذلك فهذا العمل يجذب العشرات من الشبان بحسب علي، وخاصة بين 18 و25 عامًا، مدفوعين بحاجتهم المادية ورغبتهم في خوض هذه التجربة.

وأكد أن هذا العمل لا يقتصر على الذكور فقط، فهناك عدة فتيات يعملن كـ ”ريبر” وينقلن المجموعات بين الحدود.

“الريبر” يتحمل العقوبة

يتعرض “الريبر” أو (الدليل) إلى عقوبة قانونية مشددة على جانبي الحدود، في حال القبض عليه كما يقول علي، الذي ترك هذه المهنة بعد أن تم إلقاء القبض عليه في اليونان، وسجنه لعدة أشهر.

“لا تفرق السلطات المختلفة بين أطراف عملية التهريب، وهم يظنون أن الدليل هو العنصر الأساسي، غافلين عن كونه جزءًا صغير من عملية كبيرة وشبكة واسعة الامتداد والعلاقات والوسائل، وذات خبرة في التعامل مع السلطات”، يقول علي، الذي لا يزال يواجه العديد من التهم في اليونان، حيث أطلق سراحه رغم استمرار الدعوى وعدم سقوط التهم الموجهة ضده.

ولذا لجأ عكسيًا إلى الأراضي التركية، مفضلًا الابتعاد عن هذه المهنة” المحببة” كما يصفها، والتي كان يشعر فيها كأنه قائد يشق طريقه للنجاة بمجموعته قائلًا، “المال مهم لكن أجمل شيء هو الشعور بالسعادة عند إيصال المجموعة إلى بر الأمان ونظرة الفرح في عيونهم وكلمات الشكر الصادقة منهم”.

يتابع كل من محمد وحمادة عملهما في هذه المهنة رغم انخفاض أعداد المهاجرين هذه الأيام، معربَين عن قلقهما من تشديد الحراسة على المنافذ الحدودية وتزايد العقوبات التي تقع على العاملين في مجال التهريب، مصرين على أنهما يمارسان عملًا نبيلًا، على حد وصفهما، عبر تحقيق أحلام الناس في الوصول إلى مكان أفضل.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة