ما وراء الإقبال الأردني على الدخول إلى سوريا
شهدت الأسواق الأردنية إقبالًا على الأسواق والمنتجات السورية بشكل ملحوظ، بعد أيام على فتح معبر نصيب الحدودي بين البلدين، والذي شهد أيضًا حركة عبور لمواطنين أردنيين إلى سوريا.
وجاء افتتاح المعبر بعد ثلاث سنوات على إغلاقه نتيجة سيطرة المعارضة على المنطقة الحدودية، لتعود التفاهمات الدولية مجددًا بعد سيطرة قوات الأسد على المعبر في تموز الماضي.
وأعلن الجانبان، الأردني والسوري، فتح معبر نصيب الحدودي بينهما رسميًا، الاثنين 15 من تشرين الأول، بعد ثلاث سنوات على إغلاقه بسبب الأحداث العسكرية لتبدأ التعاملات التجارية والاقتصادية تعود أدراجها بشكل تدريجي.
ورغم غياب الإحصائيات الرسمية لعدد العابرين إلى سوريا حتى اليوم، قدرت إحصائيات وزارة النقل الأردنية عدد المغادرين من المعبر في اليوم الأول لافتتاحه، بـ 162 مواطنًا أردنيًا و37 مواطنًا سوريًا وأجنبي واحد.
أسعار منافسة
يعود الإقبال على الأسواق والمنتجات السورية إلى انخفاض أسعارها مقارنة بنظريتها الأردنية، بما فيها أسعار المحروقات.
وقارن رئيس تحرير راديو “صوت البلد” الأردني، محمد العرسان، عبر حسابه في “تويتر” اليوم، الخميس 18 من تشرين الأول، أسعار المحروقات بين الجانبين.
وأرفق العرسان صورة تظهر عددًا من السيارات الأردنية المغادرة إلى سوريا صباح اليوم، لملء الوقود من ناحية، ولشراء الحاجات الخاصة من ناحية أخرى.
صورة أخرى لمركبات أردنية مغادرة الى #سوريا pic.twitter.com/TnpSDrmXRT
— Mohammed al Ersan (@JournalistErsan) October 18, 2018
ويقدر سعر ليتر البنزين في الأردن بـ 0.825 دينار (بما يعادل 1.163 دولار تقريبًا)، بينما سعره في سوريا 225 ليرة سوريا، بما يعادل (0.47 دولار تقريبًا).
وأيد الصحفي الأردني أمجد صالح شاهين، عبر صفحته في “فيس بوك”، اليوم، هذه المقارنة، بتبيان أسعار بعض المواد الغذائية الرئيسية بين سوريا والأردن، مردفًا “لحق حالك يا أبو العيا”.
تجارة الرمثا تنتعش
مدينة الرمثا الحدودي مع سوريا، شهدت انتعاشًا في الحركة الاقتصادية خلال الأيام الثلاثة الماضية، بعد دخول المنتجات والسلع السورية إلى داخلها، والتي كانت مقطوعة عنها منذ ثلاثة أعوام.
ونقل موقع “الوقائع الأخبارية” عن أحمد الزعبي وهو من سكان الرمثا، أن البضائع السورية تلقى طلبًا من قبل السكان بسبب جودتها وانخفاض أثمانها، بعد أن غابت لسنوات ماضية بسبب إغلاق معبري جابر والرمثا، اللذين كانا يشهدان حركة يومية نشطة.
وقال أردني آخر يعمل سائقًا على خط الرمثا- دمشق، إنه تمكن من تحميل نحو طن من الفواكه السورية، من الأراضي السورية إلى أحد المحلات التجارية في الرمثا، لافتًا إلى أن تلك الفواكه تم بيعها بشكل وسريع نظرًا لجودتها وانخفاض أسعارها.
من جهته، أكد رئيس غرفة تجارة الرمثا، عبد السلام الذيابات، أن معظم كميات الخضار والفواكه والسلع الأخرى، التي دخلت إلى الأردن حتى أمس، كانت محدودة وأغلبها لأغراض منزلية، وتوقع أن “تشهد الأيام المقبلة حركة عبور لشاحنات وبكميات تجارية وبيعها في الأسواق الأردنية”، وفقًا لـ “الوقائع”.
السياحة في سوريا بدل السياحة الداخلية
وإلى جانب التجارة والمواد التموينية، بدأ القطاع السياحي يسجل حجوزات وإقبالًا من الراغبين بالسفر بنية السياحة في سوريا، بسبب انخفاض أسعار الرحلات السياحية وغيرها من الميزات.
وأكد الذيابات ذلك بقوله إن هناك إقبالًا على شراء العملة السورية للتوجه إلى سوريا، بهدف السياحة وزيارة الأقارب، موضحًا أن الأردنيين كانوا قبل الأزمة “يفضلون الذهاب إلى سوريا لقضاء الإجازات والرحلات، لقربها وأسعارها المعتدلة”.
وتداول صحفيون وناشطون بروشورات إعلانية لعروض نشرتها شركات سياحية للرحلات إلى سوريا.
ويتجه الأردن إلى تطبيع علاقاته الاقتصادية مع سوريا، خاصة بعد فتح معبر نصيب، الذي سيعود بالفائدة الاقتصادية على الجانبين.
وتكررت زيارات الوفود الاقتصادية الأردنية إلى سوريا خلال الفترة الماضية، إذ زار وفد أردني، في أيلول الماضي، دمشق وضم النائب الأول لرئيس غرفة تجارة الأردن، غسان خرفان، وأكثر من 80 رجل أعمال، بدعوة من اتحاد غرف التجارة السورية.
كما زار وفد اقتصاد أردني، برئاسة رئيس غرفة صناعة الأردن عدنان أبو الراغب، العاصمة السورية (دمشق)، في أيار الماضي.
الليرة السورية قد تتحسن
ومع الإعلان عن فتح المعبر، بدأت أسواق العملات تشهد تغيرًا ملحوظًا لصالح الليرة السورية في الأردن، بعد أن زاد الطلب عليها بنسبة كبيرة خلال اليومين الماضيين.
وقال نائب رئيس جمعية الصرافين الأردنيين، مقبل المغايره، إن الطلب على الليرة السورية سيشهد ارتفاعًا وتحسنًا ملحوظًا خلال الأيام المقبلة، متوقعًا أن يصل التحسن إلى 10% خلال الأشهر المقبلة.
ووفقًا للمغايرة، فإن ما يقارب 350/390 مليون ليرة سورية تم تصريفها منذ فتح المعبر، مشيرًا إلى أن “زيادة الطلب في الأيام المقبلة سيكون مرهونًا بالحركة التجارية وحركة الشحن”.
من جهة أخرى، سجلت محال الصرافة في مدينة الرمثا الحدودية مع محافظة درعا السورية، إقبالًا واسعًا وملحوظًا من قبل المسافرين إلى سوريا، لتصريف أموالهم إلى الليرة السورية.
وأشار الذيابات إلى أنه تم تصريف أكثر من 150 مليون ليرة سورية من محلات الصرافة العاملة في مدينة الرمثا، خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفقًا لموقع “الوقائع” الأردني.
شروط العبور بين الجانبين
اتفاق المعبر ينص على السماح للمدنيين السوريين الدخول إلى الأردن بعد الحصول على موافقة أمنية مسبقة، الأمر الذي يشير إلى التنسيق الأمني بين البلدين، في حين يجب على المدنيين الراغبين بالسفر ترانزيت عبر الأردن إلى دولة ثالثة، الحصول على إقامة أو تأشيرة للدولة المسافر إليها أو القادم منها.
وتضمنت تفاصيل الاتفاق بين الطرفين السماح للشاحنات السورية بالدخول إلى الأردن بعد اتخاذ إجراءات التفتيش، إضافة إلى دخول المستثمر السوري الحاصل على بطاقة دون موافقة مسبقة وبسيارته الخاصة.
كما يسمح لسائقي السيارات العمومية السورية بالدخول إلى الأردن، لنقل المسافرين دون موافقة مسبقة وفق آلية اتفق عليها الطرفان، في حين يسمح الاتفاق للسوري الدخول بسيارته الخاصة التي لم تحمل لوحة سورية على أن تكون أوراقها قانونية.
ويفتح المعبر من الساعة الثامنة حتى الساعة الرابعة يوميًا، ويسمح للمواطن الأردني المرور إلى سوريا بسيارته الخاصة أو كمسافر عادي، إضافة إلى السماح للشحنات الأردنية المغادرة إلى سوريا.
وطلب النظام السوري اعتماد مندوب على الجانب الأردني لاستكمال عمليات التفتيش لعدم وجودها في الجانب السوري.
ومن المتوقع أن يؤدي فتح المعبر إلى تحسين العلاقات بين البلدين بعد قطيعة سياسية خلال السنوات الأخيرة، وسط ترحيب أردني بإعادة تبادل السفراء مع سوريا.
كما يتوقع أن يؤدي إلى رفد خزينة سوريا بمليارات الدولارات، جراء الضرائب الجمركية التي سيحصل عليها من مرور الشاحنات سواء على المعبر، أو شاحنات الترانزيت من لبنان.
وقدرت قيمة الصادرات السورية عبر معبر نصيب خلال عام 2010 بأكثر من 35 مليار ليرة سورية، فيما بلغت قيمة المستوردات نحو 47 مليار ليرة سورية.
وكانت قوات الأسد سيطرت بدعم روسي على معبر نصيب، في 6 من تموز الماضي، خلال الحملة العسكرية التي شنتها على مناطق سيطرة المعارضة في محافظة درعا جنوبي سوريا.
وعقب ذلك بدأت مفاوضات بين الطرفين ولقاءات فنية على أمل فتح المعبر، وسط مماطلة من الجانب السوري في محاولة منه لدفع الأردن إلى إرسال وفود إلى سوريا.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :