خمس محطات مرت بها العلاقات السورية- الأردنية بعد 2011
شهدت العلاقات بين سوريا والأردن خلال السنوات التي تلت عام 2011، تحولات دراماتيكية وخاصة من الجانب الأردني.
ومرت العلاقات بين الطرفين خلال السنوات الماضية بمحطات تستعرضها عنب بلدي.
بداية غامضة وحذرة
المحطة الأولى كانت مع بداية الثورة، إذ اتسم الموقف الأردني تجاه استخدام النظام السوري الآلة العسكرية ضد المتظاهرين السلميين بـ “الغموض والضبابية”.
كما انتهج الأردن استراتيجية تقوم على الحذر والتردد في إعلان موقف صريح من تصاعد وتيرة العنف، على عكس العشائر الأردنية التي طالبت مرارًا الحكومة بالتدخل، وخاصة العشائر الموجودة على الحدود بسبب التداخل السكاني والعشائري مع درعا.
واكتفى الأردن في هذه المرحلة بتقديم مساعدات إنسانية للنازحين من درعا الذين هربوا من تصاعد الأحداث في المدينة.
وفي المقابل شهدت سوريا خلال زيارات لوفود نقابية أردنية، في آب 2011، وطابقت تصريحاتهم رواية النظام الرسمية عن وجود مؤامرة تستهدف سوريا.
تغير المواقف.. نصيحة للأسد بالتنحي
ومع تطور الأحداث على الساحة السورية استمر موقف الأردن المتمثل بالحذر خوفًا من الانجرار إلى سيناريوهات غير متوقعة، حفاظًا على مصالحه الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية الحيوية مع الجارة سوريا.
ورفض الأردن سحب السفير من دمشق على غرار ما فعلت دول الخليج، بعد تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، في آب 2011، رغم تأييد عمان قرارات الجامعة.
واتخذ الأردن خطوة إلى الوراء، وبدأ بإعادة حساباته وترتيب أوراقه، إذ يعتبر الملك الأردني، عبد الله الثاني، أول من نصح رئيس النظام السوري، بشار الأسد بالتنحي.
وقال الملك الأردني في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” في تشرين الثاني، “أعتقد أنني لو كنت مكانه لتنحيت، وعليه أن يهيئ الأجواء لمرحلة سياسية جديدة ويبدأ حقبة جديدة من الحوار السياسي قبل أن يتنحى وذلك لعدم وجود من يخلفه لتغيير الوضع الراهن.
مرحلة الدعم.. طيار سوري يهبط في الأردن
ومع دخول الثورة السورية الحراك المسلح في عامها الثاني، وسيطرة فصائل المعارضة السورية على مساحات واسعة من سوريا، تحول الموقف الأردني إلى الداعم والمساند للمعارضة.
واحتضنت الأردن المعارضين السوريين على أراضيها، وسمحت لهم بحرية التحرك والتحدث لوسائل الإعلام ضد النظام السوري بشكل علني.
ووافق الأردن، في تموز 2012، على طلب العقيد الطيار حسن مرعي حمادة، الهبوط في المطار بعد انشقاقه مع طيارته “ميغ 21” ورفضه لقصف مناطق المعارضة.
كما كانت الأراضي الأردنية طريقًا لانشقاق رئيس الوزراء السابق، رياض حجاب، في آب 2012.
وفي كانون الثاني 2013، اعترف الأردن بالائتلاف السوري ممثلًا شرعيًا للشعب السوري والمفاوض الأساسي عنه.
مرحلة التصعيد.. “الموك” يزيد الدعم
وشهد عاما 2013 و2014 تطورًا في المواقف الأردنية تجاه الأحداث في سوريا، إذ وافق على تأسيس الـ”موك” على أراضيها.
و”موك” هي غرفة تنسيق عسكرية تضم ممثلين عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والعربية، وهدفها تقديم الدعم العسكري لفصائل من “الجيش الحر”، وخاصة في المنطقة الجنوبية.
كما طردت عمان السفير السوري في الأردن، بهجت سليمان، في أيار 2014، بسبب تصريحاته المثيرة للجدل وقيامه بتحركات “خارجة عن الأعراف الدبلوماسية”، بحسب الرواية الأردنية الرسمية.
ورد النظام السوري على خطوة الأردن بطرد القائم بالأعمال الأردني، لكن الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأردنية، صباح الرافعي، نفت ذلك.
وقالت الرافعي حينها إن “موضوع طرد القائم بالأعمال الأردني من العاصمة دمشق، غير صحيح لسبب بسيط هو أنه لا يوجد قائم بالأعمال هناك”.
وأضافت أن “سفير الأردن في دمشق، عمر العمد، تقاعد من منصبه في بداية 2014، وكل كبار موظفي السفارة الأردنية تركوا سوريا منذ مدة”.
وتصاعدت حدة التصريحات بين الطرفين، إذ هدد الأسد الأردن، في نيسان 2017، وقال إن لديه معلومات حول وجود خطط لدى الأردن، لإرسال قوات إلى جنوب سوريا بالتنسيق مع أمريكا، متوعدًا، “في حال دخولها لا نناقشها كدولة، بل كأرض”.
الرد الأردني كان على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، الذي وصف تصريحات الأسد، بـ”المنسلخة عن الواقع”.
وقال المومني في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، في نيسان 2017، إن “حديث الأسد منسلخ تمامًا عن الواقع، ويدل على حجم التقدير الخطير الخاطئ لواقع الأزمة السورية بأبسط حقائقها”.
وأضاف المومني أن “تصريحات الأسد مرفوضة وادعاءات (…) مؤسف أن يتحدث الرئيس السوري عن موقف الأردن، وهو لا يسيطر على غالبية أراضي بلاده”.
عودة العلاقات من بوابة “نصيب”
وخلال العام الماضي شهدت الساحة السورية تغيرات على الصعيد العسكرية تجسد في سيطرة قوات الأسد على مساحات واسعة من أراضي المعارضة بدءًا من الغوطة الشرقية مرورًا بريف حمص الشمالي إلى الجنوب السوري.
كما حصلت تغيرات سياسية تجسدت بتراجع مواقف الدول المطالبة برحيل الأسد عن السلطة والانتقال السياسي، وحصر الحرب السورية بمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وعقب سيطرة قوات الأسد على جنوبي سوريا، تموز الماضي، بدأ الأردن البحث عن عودة العلاقات وفتح معبر نصيب الحدودي، الذي يعتبر نافذة عمان إلى أوروبا.
وقرر الجانبان فتح المعبر، الاثنين الماضي، مع وجود لغة سياسية بين الطرفين ترحب بعودة العلاقات.
ورحب رئيس مجلس الأعيان الأردني، فيصل الفايز، بتعيين النظام السوري سفيرًا له في عمان وتبادل السفراء بينهما.
وقال الفايز بمقابلة مع تلفزيون “روسيا اليوم” الخميس الماضي، إن الأردن لا يمانع بوجود سفير سوري وترحب بوجوده في عمان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :