أحمد الشامي
انبرت الصحافة اﻷردنية للدفاع عن حياة الطيار «الكساسبة»، وبذلت في ذلك جهودًا جبارة. من بين الحجج التي استخدمتها هذه الصحف، القول إن الرجل هو «عبد مأمور» ينفذ اﻷوامر التي أصدرها له قادته وعلى رأسهم الملك «عبد الله الثاني».
لا نستبعد أن يكون إسقاط هذه الطائرة قد تم بصواريخ روسية، في إطار المناوشات «الودية» بين «بوتين» و «أوباما»، وبتواطؤ مع «اﻷسد»، الذي يريد دخولًا صريحًا لقواته على خط الحرب ضد اﻹرهاب واعتباره رسميًا كشريك في هذه الحرب.
هل هي مصادفة ألا تسقط سوى طائرة «عربية» في سرب «عربي» بالكامل يقوده اﻷمريكيون «من فوق» وليس «من الخلف» هذه المرة؟
سقوط طائرة «الكساسبة» فضح المستور وعرّى أنظمة «العروبة» المتخاذلة والمتعاونة مع اﻷمريكي وحتى اﻹيراني للدفاع عن «اﻷسد»، بما قد يحرج هذه اﻷنظمة المنافقة أمام شعوبها ويدفعها لفض حلفها الشيطاني مع أعداء السوريين، وهذا مستبعد، أو، وهو اﻷرجح، سيدفع هذه اﻷنظمة، مثلها مثل «أوباما» للاعتراف باﻷسد حليفًا ومراعاة المصالح الروسية، وهو ما يسر «بوتين» ويعطيه أوراق ضغط في حرب النفط المستعرة ضد مافياته.
بالنسبة للطيار اﻷردني فهو نفذ، حرفيًا، اﻷوامر وقصف مواقع «داعش» دون أن يصيب ولو بالخطأ أيًا من مواقع اﻷسد أو «براميله». هذا يعني أن «اﻷوامر» لا تلحظ إطلاقًا الدفاع عن السوريين اﻷبرياء وأن «النشامى» و «العربان» لا تهمهم دماء السوريين ولا حريتهم بل إرضاء من يعطي اﻷوامر.
لكن، من يعطي اﻷوامر؟
هل «قادة» العرب هم من يعطون اﻷوامر لطياريهم أم أن هؤلاء، هم أيضًا، عبيد مأمورون؟
بحسب «هوبز» فالسلطة هي لمن يوفر الحماية… هل اﻷنظمة العربية، باستثناء تونس، لديها شرعية كافية تسمح لها بحماية نفسها، خارج القوة المجردة والحماية الخارجية؟ الجواب هو كلا وهذا يدل على فشل هذه اﻷنظمة في بناء دولة أو إقامة مجتمع صحي.
في منطقتنا توجد ثلاثة أنظمة قادرة على حماية نفسها و «إصدار اﻷوامر» وهي «إسرائيل» و «إيران» و «تركيا»، ولكل منها سياستها الخاصة على حساب الضعفاء، بدلالة عزوف اﻷتراك عن الخضوع للضغوط اﻷمريكية بما يضر بمصالحهم.
الباقون، كلهم «عبيد مأمورون» بمن فيهم «اﻷسد».