لماذا صامت الثورة يوم الجمعة ؟!
جريدة عنب بلدي – العدد 25 -الأحد – 22-7-2012
رغم إعلان النظام وهيئاته القضائية والشرعية أن أول أيام شهر رمضان المبارك سيكون يوم السبت الموافق 21 تموز 2011، إلا أن كثيرًا من السوريين صاموا يوم الجمعة العشرين من تموز باعتباره أولَ أيام رمضان بالنسبة لهم. لكن لماذا؟؟
لماذا يرفض كثيرٌ من السوريين اتباع ما يعلنه النظام و»جهاته المختصة» فيما يتعلق برؤية الهلال ويتبعون دولًا أخرى في ذلك؟؟ وهل حقًا يجب الفصل بين رأي الشعب -أو جزءٍ منه- بالحاكم وشرعيته من جهة وبين اتباعِ الهيئة القضائية التابعة له والمُوكَلِ إليها إعلان رؤية الهلال وسواها من القضايا الشرعية؟؟ وهل خرج من صام الجمعة بصيامه عن القاعدة الفقهية؟
لا يزال الجدل الفقهي في معنى الرؤية والآلية المعتمدة لإثبات دخول الشهر القمري مستمرًا لم يتوقف، ويبدو أنه لن يتوقف!! وتبرز بهذا الصدد قضيتان: أولاهما: الرؤية، وثانيتهما: توحيد الأهلة.
ففي الرؤية، يبرز الجدل حول معنى الرؤية بين قائلٍ بدخول الشهر عند ولادة القمر بالحساب الفلكي، وبين قائلٍ بوجوب رؤية الهلال (بالعين المجردة أو بغيرها). ورغم استحالة رؤية الهلال في بلاد الشام قبل مغيب الشمس من يوم الخميس كما يقول الفلكيون، إلا أن الباب مفتوحٌ للأخذ بالرأي الأول في هذه الحالة.
أما فيما يتعلق بتوحيد الأهلة، فقد دعا عددٌ من الفقهاء إلى اعتماد العالم الإسلامي لبدء الصيام، وسائر مناسباته الدينية، على تقويم أم القرى «مكة المكرمة»، بغض النظر عن تفصيل الحالات في كل قُطرٍ، بهدف توحيد شعائر العالم الإسلامي. وهذه فتوى أخرى تبرر للثورة والثوار فعلهم، بل وتحسب لهم أنهم يسعون لوحدة الأمة لا لفرقتها وهذا أمرٌ ينبغي تقديره.
رغم ذلك، فقد صام كثيرون من منطلقٍ سياسي بحتٍّ. وإن كان لذلك تغطيةٌ فقهية، إلا أن السبب الرئيس كان مخالفةَ النظام الجائر المستبد. فكثرٌ هم من لا استعداد لديهم لاتباع الظالم أو الطاغية ولو كان ذلك مرتبطًا بأمور الشرع، طالما في المسألة سِعةٌ شرعيةٌ وأقوالٌ عدّة. وقد شهد التاريخ الإسلامي بعضًا من هذه المواقف، التي اتخذها فقهاء، كانت فتواهم الدينية تأخذ بعين الاعتبار مقاطعة الحاكم الظالم ( مثل رفض الإمام أحمد أن يأخذ الأجر أو الهبة من المأمون).
وقد يقول قائلٌ: إن إعلان دخول الشهر القمري وسواه من القضايا الدينية والفقهية والشرعية أمرٌ مرتبطٌ بالقضاء وليس بالسلطة السياسية، وبالتالي يجب اتباع أمر القاضي ولو لم نكن على وفاق مع النظام السياسي. قد يكون هذا الكلام صحيحًا لو كان النظام القضائي في البلد مستقلًا ونزيهًا وغير مرتبطٍ بالنظام السياسي الجائر المستبد وغير تابعٍ لأمره. إلا أن الحال ليس كذلك في حالتنا السورية، فالقضاء – بما فيه القضاء الشرعي- ليس نزيهًا ولا مستقلًا بل على العكس من ذلك فهو يتلقى أوامره من الحاكم وينفذ رغباته -شأنه في ذلك شأن علماء السلطان- والتاريخ وما حدث عام 1986 من تأجيل شهر رمضان ليومٍ خيرُ شاهدٍ.
سواءٌ كان الدافع وراء الصيام يوم الجمعة فقهيًا أو سياسيًا إلا أنه لا يتعارض مع شرع الله وليس بدعًا من الدين في شيء، بل أنه أوصل الرسالة أن الشعب يرفض النظام ويقاطعه وهو غير مستعدٍ لاتباع الظالم، وإيصال هذه الرسالة في هذه الأيام من الجهاد في سبيل الله. والله أعلم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :