يعمل “الائتلاف السوري” المعارض على خطة لإدارة مدنية في محافظة إدلب، وذلك بعد تنفيذ البند الأول من الاتفاق التركي- الروسي، وهو سحب السلاح الثقيل من المنطقة منزوعة السلاح.
وتعاني المحافظة حاليًا من سوء الخدمات والتنظيم الإداري والمدني، إلى جانب الحالة الأمنية والعسكرية العشوائية، والتي فرضتها التعددية الفصائلية، وعدم وجود نظام مركزي يمكن العودة إليه في حال اندلاع أي مشكلة.
وكان وفد من “الائتلاف” قد زار، في الأيام الماضية، المنطقة العازلة المتفق عليها، بالتزامن مع الحديث عن خطوات يتم العمل عليها لتشكيل الإدارة الجديدة، والتي من المفترض أن يبدأ العمل عليها قبل نهاية العام الحالي.
ولم يتضح شكل الإدارة التي يدور الحديث عنها، لا سيما أن “حكومة الإنقاذ السورية” تدير إدلب بشكل شبه كامل، بعد الإعلان عنها العام الماضي.
خطة عمل محددة
تحدثت عنب بلدي مع رئيس “الائتلاف”، عبد الرحمن مصطفى، وقال إن “الائتلاف” أجرى خلال اليومين الماضيين جولات مهمة واجتماعات مع ممثلي مجالس المحافظات و”الفعالية الثورية”، ولمس عمليًا الجانب الإيجابي الذي تركه الاتفاق الأخير على حياة الناس وعلى الوضع عمومًا.
ويرى مصطفى أن هذا الواقع الجديد الذي أنتجه اتفاق إدلب يحتاج لخطة جديدة سواء على الجانب الاقتصادي أو المدني.
وستكون خطة العمل عملية ومحددة، وأضاف مصطفى، “نسعى لتكون أهدافها واقعية وقابلة للتنفيذ، وسيتم وضعها بسرعة من خلال خبرات الحكومة السورية المؤقتة وإمكانياتها وبالتنسيق مع المؤسسات التي تعمل بتماس مباشر مع الأهالي”.
تتركز النقاط الرئيسية للخطة في تأمين الخدمات والحياة الآمنة للمدنيين بأسرع وقت ممكن، والعمل على استعادة الأمن والاستقرار، وتوفير بيئة مناسبة قادرة على توليد فرص العمل.
وأوضح مصطفى أن “الحكومة السورية المؤقتة مستمرة في تقديم الخدمات الإدارية عمومًا، وهي الجسد التنفيذي الشرعي الوحيد على الأرض السورية (…) نحن نريد أن نوسع نطاق عملها بكامل طاقاتها على كل المناطق وسيكون ذلك من خلال الخطة التي يتم إعدادها”.
مسؤول العلاقات الإعلامية في “الحكومة المؤقتة”، ياسر الحجي، قال إن الحكومة تسعى لاستقرار الأمور المدنية في إدلب، عن طريق تشكيل المجالس المحلية في إدلب وريفها وإعادة تفعيلها، بعيدًا عن المناطق المشمولة في المنطقة منزوعة السلاح.
وأضاف الحجي لعنب بلدي أن إدلب منطقة غنية بالموارد الاقتصادية، مشيرًا إلى أنه في حال تفعيل المجالس المحلية ستكون المنطقة من جرابلس حتى المنطقة العازلة متواصلة اقتصاديًا، وتتبع لـ “الحكومة المؤقتة”.
وبحسب تصريحات الحجي، تغيب مساحات واسعة في إدلب وأرياف حماة عن خطة “الحكومة المؤقتة”، والتي تقع ضمن المنطقة منزوعة السلاح، ما يضع آلاف المدنيين أمام مشكلة كبيرة تتعلق بتبعيتهم الإدارية، والتي قد تكون للنظام السوري.
تعاون مع تركيا
وكانت تركيا بدأت بالعمل على الجانب المدني في إدلب، خاصةً أنها تحوي قرابة أربعة ملايين مدني، بعد حركات النزوح الأخيرة التي استقبلتها، آخرها من محافظتي درعا والقنيطرة.
وتمثلت الإجراءات بإحصاء مدني في إدلب، وعلمت عنب بلدي من أهالي في مدينة أريحا أن الجمعيات فيها طلبت من المدنيين بيانًا عائليًا لكل عائلة موجودة في المدينة.
وقال مصطفى، “نسعى لنقل التجارب الإدارية الناجحة لكل مؤسسة والاستفادة منها بغض النظر عن المكان، وكذلك التعلم من التجارب الفاشلة، وهذا ما يجب أن يكون عليه الوضع بالنسبة للمؤسسات الرسمية وكذلك منظمات المجتمع المدني والفعاليات الثورية الأخرى”.
واعتبر أن عمل “الحكومة المؤقتة” يجب أن يتوسع ويطال مناطق ريف حلب الشمالي بشكل كامل وبفعالية تامة، مشيرًا “نتطلع في هذا السياق إلى كل أشكال الدعم بما فيه الدعم التركي”.
وتوضح التقارير والدراسات أن معظم مساحة إدلب هي أرض زراعية أو صالحة للزراعة، وأنها أسهمت عبر سنوات طويلة بنحو ثلث احتياجات الأمن الغذائي السوري، خاصة في إنتاج الزيتون والقمح، بالإضافة إلى المنتجات الحيوانية.
ونظرًا لقربها من تركيا، اعتبر مصطفى أن التعاون ما بين وزارة الزراعة في “الحكومة المؤقتة” ونظيرتها في تركيا أمر محوري، لافتًا إلى لقاءات تم خلالها تقديم خطط الحكومة المؤقتة واستراتيجيتها في دعم القطاع الزراعي من خلال المجالس المحلية، بما يسهم في تطوير عملها.
التهجير إلى عامل مساعد
في حديث سابق مع الأكاديمي والوزير السابق في “حكومة الإنقاذ”، ياسر نجار، قال إن تشكيل الحكومة الجديدة التي يدور الحديث عنها كبعد مركزي لإدارة المدينة هي “فكرة إيجابية”، لكن من حيث التطبيق توجد عوامل عدة تعرقل إنجازها وتحبطها، أهمها حالة الفصائلية والفوضى التي من الصعب ضبطها بسهولة.
وتصور نجار عوامل نجاح الحكومة الجديدة، والتي يجب أن تكون على مسافة واحدة من الفصائل، التي ستدعم بدورها الإدارة الجديدة أيضًا، من خلال وجود أبعاد إدارية مع الجانب التركي.
“الدولة التركية إيجابية وتتعامل بنظام الولايات، والتي يمكن الاستفادة منها كونها محاذية للمحافظة ككلس وهاتاي وغازي عنتاب”، بحسب نجار، الذي أشار إلى كوادر ومثقفين وبنى تحتية يمكن الاستفادة منها إلى جانب البعد الإداري الإيجابي عند الأتراك، ومن الحالة الشعبية التي ستكون قيمة لإنجاز الحكومة.
وقال مصطفى، “نحن مطالبون بالاستثمار الجاد في التنوع الذي باتت تتمتع به المحافظة، من حيث وجود العديد من النازحين الذين يمتلكون خبرات متنوعة ويتمتعون بثقافات قادرة على التمازج والتلاقح، ومهتمون في أن نقلب كارثة التهجير القسري إلى عامل مساعد ونستغله بطريقة إيجابية”.
وأضاف أنه “من الضروري دعم المشاريع التجارية والصناعية الصغيرة والمتوسطة، وإعادة تحريك الفرص التجارية والصناعية المتوقفة، وهو أمر نسعى لتعزيزه خاصة وأنه سيسهم في رفد القطاع الزراعي”.
–