انتكاسة في الواقع الصحي بريف حمص بعد التسوية
حمص – عروة المنذر
رغم مضي أكثر من خمسة أشهر على سيطرة النظام السوري على ريف حمص الشمالي، لم يلحظ سكان المنطقة أي تغير جوهري في الواقع الخدمي بشتى قطاعاته، وسط وعود بتفعيل المؤسسات الخدمية بشكل كامل.
تحسن قطاع المياه والكهرباء بشكل طفيف، لكن المنطقة برمتها تشهد واقعًا “كارثيًا” بالقطاع الصحي، الذي يعد من أهم القطاعات الخدمية.
تهجير الأطباء
ضغوط كثيرة مارستها قوات النظام مدعومة من روسيا على المنطقة، والتي أدت إلى اتفاق التسوية في ريف حمص الشمالي، والذي بسط فيه النظام السيطرة على المنطقة، بعد سنوات من انسحابه منها لصالح فصائل المعارضة.
وقضى الاتفاق الخاص بريف حمص الشمالي، في أيار الماضي، بتعزيز الأمن والاستقرار في مدن وبلدات المنطقة، بالإضافة إلى تحويل فصيل “جيش التوحيد” الذي دخل بالتسوية مع النظام والروس إلى شرطة محلية مهمتها الرئيسية الحفاظ على أمن المنطقة، والإشراف على الطريق الدولي.
وأدى الاتفاق الذي جرى في أيار 2018، إلى تهجير عدد كبير من سكان ريف حمص الشمالي وعلى رأسهم الأطباء والممرضون الذين عملوا في المشافي الميدانية بشكل خاص.
أحد الأطباء الذين فضلوا التهجير على البقاء، والذي طلب عدم ذكر اسمه، قال لعنب بلدي “اخترت التهجير على البقاء تحت سلطة الأفرع الأمنية، فكوادر المشافي الميدانية إرهابيون في نظر النظام، الذي يزعم أننا كنا نقدم المساعدة الطبية لمن يسميهم (إرهابيين) من (جبهة النصرة). كنا نقوم بواجبنا الإنساني ونقوم بتقديم المساعدة الطبية بأقل الإمكانات بغض النظر عن انتماء المريض السياسي أو الفصائلي، فنحن أصحاب رسالة ولسنا أصحاب سياسة”.
وأضاف، “تقدم لنا الجهات المانحة رواتب مقابل تقديم الخدمات الطبية للسوريين الذين يعانون جراء القصف بشكل مجاني، إنها قمة العطاء. واجبي الطبي حتم علي الخروج لأكمل عملي، ففي مناطق النظام لا يوجد قصف ولا اشتباكات”.
استمرار العمل الميداني
بعد الانتهاء من قوافل التهجير ودخول مؤسسات الدولة بشتى قطاعاتها، وضعت وزارة الصحة يدها على المشافي الميدانية وقدمت الدعم اللوجستي البسيط لها حاليًا لتستطيع تقديم خدمات الإسعافات الأولية، وفرزت بعض الأطباء لتقديم المعاينة.
حسام، من ممرضي مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي الذين رفضوا التهجير، قال لعنب بلدي، “المشفى الميداني كان بالأساس مستوصفًا لصالح وزارة الصحة، وتم تطويره من قبل المنظمات وتحويله إلى مستشفى مقبول ومؤهل بشكل جيد لاستقبال الحالات الحرجة، وعند دخول وزارة الصحة أغلقت الأقسام التي استحدثتها المنظمات، وعاد المستوصف إلى سابق عهده ليقدم خدمات بسيطة لا ترقى إلى احتياجات المنطقة”.
وفي ظل ندرة الأطباء والممرضين يضطر السكان للتوجه إلى المشافي الخاصة في مركز المحافظة.
أحد سكان قرية الفرحانية تحفظ على ذكر اسمه قال لعنب بلدي، “بعد دخول قوات النظام تأملنا بعودة الخدمات بشكل مقبول، لكن الواقع يقول عكس ذلك، فالواقع الصحي تراجع بشكل كبير عما كان، ولا يوجد حتى طبيب أطفال، ونضطر للتوجه إلى مدينة حمص للحصول على خدمات صحية مقبولة”.
الخدمات والأمن أساس عودة الأطباء
غادر كثير من أطباء ريف حمص الشمالي إلى مناطق سيطرة النظام بعد سيطرة فصائل “الجيش الحر”، ورغم سيطرة النظام على المنطقة من جديد، يرفض الأطباء العودة إلى الريف الشمالي بسبب تدني المستوى الخدمي، وانعدام الأمن في المنطقة بشكل عام.
عنب بلدي التقت أحد الأطباء من قرية الغنطو خلال زيارته إلى المنطقة، وقال، “لا أفكر حاليًا في العودة إلى المنطقة فالخدمات تكاد معدومة والتعليم في أدنى مستوياته والكهرباء غير منتظمة ويصعب الحصول على المياه.. عدا عن الوضع الأمني، فإن لم يتحسن بشكل حقيقي لن أفكر بالعودة”.
وأردف الطبيب “إن عدت وفتحت عيادتي لن أستطيع تغطية احتياجات الناس، بسبب نقص عدد الأطباء، فمعظم الأطباء الذين غادروا لا يفكرون بالعودة، بالإضافة إلى تدني الحالة المادية لمعظم السكان الأمر الذي يدفعني للعمل مجانًا”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :