برهان عثمان – أورفة
تعرض عدد من السوريين المقيمين على الأراضي التركية خلال الأشهر الأخيرة إلى عملية ترحيل وصفها بعضهم بـ “القسري” إلى الأراضي السورية، رغم حصولهم على بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، ووجود ذويهم على الأراضي التركية.
واعتبر بعض المرحلين القرار مؤسفًا بحقهم، كما يقول عمر الحسن (25 عامًا) الذي أمضى أربع سنوات في تركيا، معبرًا عن “عدم الأمان” داخل الأراضي السورية والتي “لا تزال تشهد حالة من عدم الاستقرار والفوضى”.
وينص قانون الحماية المؤقتة الصادر عن الحكومة التركية على عدم جواز ترحيل المشمولين به إلى أي منطقة قد يتعرضون فيها للتعذيب أو العقوبة المهينة، أو تكون حريتهم أو حياتهم فيها مهددة سواء بسبب العرق أو الدين أو الجنس.
الانتظار المر
تخرج سمر المدهون (24 عامًا) مع طفليها باحثين عن بقايا الخضار في السوق القريب لمنزلهم في منطقة الهاشمية في ولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا.
تقول سمر، “أحاول جمع الخضار والفواكه التي يتم تركها في أرض السوق لأسد به جوع أطفالي”. هذه السيدة تعتمد على ما تجود به “أيدي المحسنين” في معيشتها وتدبير أمور منزلها، الذي بقيت فيه وحيدة مع طفلين دون السادسة من العمر بعد ترحيل زوجها إلى سوريا، وتصف المدهون حياتها بالصعبة فهي تعيش في انتظار عودة زوجها.
ولا أرقام حقيقة حول أعداد المرحلين من تركيا إلى سوريا، فيما يتحدث الشارع السوري عن مئات المرحلين.
تضيف سمر، “لا يكاد صراخ أبنائي يتوقف ولا أسئلتهم عن والدهم الغائب عنهم منذ أشهر، وأنا لا أعرف بماذا أجيبهم”.
قانون الحماية
الحكومة التركية لم توضح أسباب الترحيل بشكل مباشر، في الوقت الذي تعد السلوكيات المخالفة أبرز الأسباب إلى جانب تكرار بعض الأفراد لتصرفات مخالفة للقوانين مثل المشاجرات الجماعية، أو التحريض بين السوريين والأتراك، وهو ما حصل مؤخرًا في أحداث شغب جرت في أورفة، أو الانتماء إلى منظمات مصنفة إرهابية عند الدوله التركية مثل “حزب العمال الكردستاني” وذراعه السورية “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، بالإضافة لامتهان سلوك التسول وممارسة النصب والاحتيال.
يؤدي ذلك إلى صدور سجل قضائي بحقهم، كما يُرحّل الشباب السوريون المخالفون، إلى مناطق “لا تشكل خطرًا على حياتهم”، وهي مناطق الشمال السوري في ريف إدلب، حيث يتم نقلهم إلى الجانب السوري من معبر باب الهوى.
ويتيح قانون الحماية المؤقتة للدولة أن تستبعد منها كلًا من مرتكبي الجرائم الوحشية أو جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو الجرائم المعاقب عليها بالحبس في حال ارتكبت في تركيا أو الجرائم المنصوص عليها في القسم السابع من القانون الجزائي التركي، أو تلك التي قد تهدد الأمن العام والنظام العام في تركيا، بالإضافة إلى المتورطين بنشاطات مسلحة في دولهم ولم ينهوا نشاطاتهم المسلحة بعد، وكذلك الذين يقومون بأعمال إرهابية أو التخطيط أو التحريض أو التورط بها.
قلق مستمر
يعيش مهند المخلف (37 عامًا) في بلدة حارم الحدودية بعيدًا عن عائلته، ويقول لعنب بلدي، “عائلتي لا تغيب عن مخيلتي وهم هناك بمفردهم بلا معيل، لا أعلم ماذا أفعل”.
لا يستطع مهند، وبعد ثلاثة أشهر من ترحيله، استيعاب ما حصل معه، حيث تم إلقاء القبض عليه في مدينة إدرنة التركية، ثم نقل إلى مركز الأجانب في ولاية أنطاكيا ومنها إلى معبر باب الهوى، حيث تم تسليمه للجانب السوري، معتبرًا أنه لا يستحق هذا المصير، فهو لم يرتكب مخالفة قانونية تستحق طرده وإبعاده، عن عائلته.
ويوجد الكثير من السوريين في أورفة يعيشون حاليًا حالة من الخوف على مصيرهم، وخاصة بعد التشديد الأمني التركي إثر أحداث الشغب الأخيرة.
وكانت مدينة أورفا شهدت، خلال الأسبوع الماضي، هجمات على ممتلكات السوريين واعتداء على بعضهم، كما نُظمت فيها عدة مظاهرات ضد السوريين من مئات الأتراك، وذلك على خلفية شجار وقع بين عائلة سورية وأخرى تركية، وخلف عددًا من الضحايا السوريين والأتراك.