صواريخ إيران التي تتساقط في طريقها إلى سوريا

  • 2018/10/07
  • 12:19 ص

إبراهيم العلوش

في بداية هذا الشهر أطلقت إيران رشقة من الصواريخ من محافظة كرمنشاه الإيرانية باتجاه سوريا، وتساقط بعضها في المناطق الإيرانية نفسها، والبعض الآخر في الأراضي العراقية، وربما وصل ما تبقى منها إلى منطقة شرق الفرات السورية، وهذا ما لم يثبت حصوله.

وسائل التواصل الاجتماعي عجّت بالسخرية من القصف الإيراني، ومن تساقط الصواريخ على الطريق، وهذا ما دفع بمحافظ كرمنشاه إلى نفي تساقط بعض الصواريخ في إيران نفسها، ولكن المؤكد أن قوات الحشد الشعبي الإيرانية في العراق طوقت مواقع عدة لسقوط الصواريخ الإيرانية في العراق منعًا للتقليل من هيبة الصواريخ الممانعة.

في الوقت الذي تستعرض فيه إيران قوتها ضد السوريين، بحجة أنهم إرهابيون، وتقصفهم بالصواريخ، بعد أن قصفتهم بالميليشيات الطائفية، وبالمستشارين الذين يخططون لتهجير السوريين من ديارهم وتدمير مدنهم، في نفس هذا الوقت تقوم إسرائيل وبشكل شهري بقصف الإيرانيين ومواقعهم في سوريا، وقد  تكرر القصف في أكثر من مئتي موقع من المواقع الإيرانية في سوريا، وقتلت أعدادًا متفرقة من الإيرانيين، ولكن الأهم هو تدمير كميات هائلة من الأسلحة الإيرانية الثقيلة المشحونة إلى نظام الأسد وحزب الله المتحالفين معها لتدمير سوريا وإعادة هندستها طائفيًا.

بدا القادة الإيرانيون وكأنهم قادة في دولة عظمى، وهم يعلنون القصف الصاروخي ضد الأراضي السورية، لقد خيل إليهم أنهم قادة الاتحاد السوفياتي السابق، أو قادة الصين، ولكن مآل الصواريخ كان يؤكد أنهم مجرد قادة في ديكتاتورية دينية، وحكام لدولة فاشلة تنهار عملتها كل شهر، وتنخفض خمسة أشبار في جداول العملات العالمية!

يقول القادة الإيرانيون إنهم ينتقمون من داعش التي تدعي بأنها قامت بعملية نوعية في الأحواز، وصواريخها سافرت كل هذه المسافات لتبحث عمن تبقى من داعش، بعدما تقلصت داعش في سوريا إلى حد الانقراض، وقد امتنعت إيران عن قصف داعش طوال السنوات التي كانت الأخيرة تسيطر فيها على مدن الفرات وغيرها، فوجود داعش ثبّت الوجود الإيراني، وأعاد نظام الأسد إلى الوجود بعدما أوشكت الثورة السورية أن تطيح به، وإيران كانت مستفيدة من وجود داعش على الأقل، ان لم تكن داعمة لها لتبرير وحشيتها.

صواريخ إيران لا تزيد أهمية عن صواريخ كوريا الشمالية، فهي من نفس المنبت التقني، ومن نفس المبدأ السياسي الذي يعتمد على التهويش لتبرير الإذعان الذي ستخضع له. فكوريا الشمالية التي صدّرت الصواريخ إلى إيران، وساعدتها في تطويرها، تخضع اليوم لبازار قاسٍ من قبل أمريكا، وتتذلل من أجل إبقاء نظامها، والمساعدة في إنهاء الجوع في ذلك البلد الاستعراضي، وهي تملك القنبلة النووية، والصواريخ المتطورة، ولكنها تمامًا مثل إيران مصابة بالفشل الاقتصادي، وبالعمى السياسي، ولعل إيران تزيد عليها بإصابتها بالعمى الطائفي الذي ورطها في جرائم نازية ضد الشعب السوري ومن قبل ضد الشعب العراقي.

فحادثة الأحواز، التي حصلت في 22 من أيلول الماضي، قتل فيها نحو 60 عسكريًا من الحرس الثوري الإيراني، وجرح أكثر من 200 منهم، رغم فرارهم من الاستعراض بكامل حلتهم المنمقة، والتجأ البعض منهم إلى الاختباء في قناة المجارير المقابلة لمنصة الاستعراض التي تداولت صورها وكالات الأنباء العالمية، وكانت مثيرة للسخرية تمامًا مثل الصواريخ الإيرانية العابرة (للقارات).

هذه الحادثة جزء من ردود الفعل لأهالي الأحواز الذين يعانون التهميش والعنصرية، كونهم من أصول عربية، ومن مذهب طائفي مختلف، ناهيك عن حالة انهيار الخدمات في الأحواز التي وصلت إلى فقدان الماء الصالح للشرب، بالإضافة الى أعباء انهيار العملة، والفساد الذي تحاول صواريخ الملالي تجميله، وإضفاء العظمة عليه، بإطلاق الصواريخ العابرة للدول، والمتساقطة بشكل مثير للسخرية حتى من قبل الإيرانيين أنفسهم.

إيران التي أتمت دورها في تدمير المنطقة العربية، وخاصة دورها في تدمير سوريا، تُخرج أواخر ألاعيبها البهلوانية في إطلاق الصواريخ ضد السوريين، وليس ضد الإسرائيليين الذين يقصفون أذرعها كل شهر، ويتجسسون عليها، حتى في داخل إيران نفسها، حيث استعرض نتنياهو في أيار الماضي أكثر من نصف طن من الوثائق العسكرية المنقولة بشكل سري من طهران نفسها.

ونتيجة لسياستها العدوانية، تتعرض إيران اليوم لأكبر حملة من العقوبات عبر العالم، فهي تخضع لعقوبات أمريكية غير مسبوقة في التاريخ، كما قال وزير الخارجية الأمريكي، وتخضع منظماتها في فرنسا إلى الحجز والإغلاق بتهمة الإرهاب، وتنمية الأفكار المعادية للمجتمعات، والأنظمة التي تستضيفها، ففي فرنسا تم الحجز على مركز الزهراء الإيراني، وهو أكبر مركز لها في أوروبا، وخضع للتفتيش، وتم حجز أسلحة فيه، ادعت إيران أنها للدفاع عن المركز، وقبل أيام تم إلقاء القبض على دبلوماسي إيراني في النمسا، سلّم نصف كيلو من المواد شديدة الانفجار لمتهمين بمحاولة تفجير مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، الذي كان يضم أكثر من 25 ألف معارض.

ومثلما تركوا داعش تتمدد إلى حد يفوق إمكاناتها على الاستمرار، وبعدها قاموا بتقطيع أوصالها، فإن إيران أيضًا تمددت إلى العراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، وبشكل يفوق قدراتها، وقد بدأ موسم القطاف، ولعل وصفة النفط مقابل الغذاء التي دمرت العراق قبلها، هي الوصفة النهائية لاحتواء هذا النظام النازي بعد تقطيع أوصاله!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي