الولاء قبل العلم

الامتناع عن الالتحاق بالجيش يكلف مدرّسي السويداء وظائفهم

camera iconمدير التربية في السويداء (وكالة سانا)

tag icon ع ع ع

السويداء – نور نادر

وصلت نيران الحرب في سوريا، إلى تدمير السلك التعليمي في السويداء وفصل المدرّسين من عملهم بسبب عدم التحاقهم بالخدمة العسكرية في الجيش.

مع ازدياد النقص البشري في صفوف المجندين، والملاحقات المكثفة لتجنيد ما تبقى من فئات الشباب السوري، لجأت وزارة الدفاع لفرض كل الأساليب المتاحة من أجل إجبار جميع المطلوبين على الالتحاق.

وأصدرت رئاسة مجلس الوزراء الأربعاء الماضي، 26 من أيلول، تعميمًا بفصل 185 معلمًا من مختلف المحافظات السورية، بسبب تخلفهم عن الخدمة الاحتياطية، ونالت محافظة السويداء النصيب الأكبر من الفصل بـ 67 مدرسًا.

واستندت الحكومة في تعميمها على أحكام قانون خدمة العلم الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007 والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2014، ولا سيما المادة 74.

وجاء في المادة 74 للمرسوم التشريعي في 2014، “تفرض عقوبات بحق المكلفين الذين يتخلفون عن الالتحاق بخدمة العلم الإلزامية أو الاحتياطية، وتنهى خدمة المكلفين العاملين في جهات القطاع العام والمشترك الذي يتخلفون عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية لأكثر من سَوق ولمدة 30 يومًا بالنسبة للخدمة الاحتياطية، بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع”.

الولاء يعلو على العلم

ومع صدور القرار بفصل 67 مدرّسًا من السويداء، قبل أيام، رأى المعنيون من كوادر التعليم، أن النظام يرى في تعليم السلاح والقتل أولوية على مجال التعليم وبناء الأجيال. صفاء، إحدى المعلمات في مديرية التربية بالسويداء، قالت لعنب بلدي إن “المدرّسين المفصولين هم من النخبة وذوي الكفاءة، واعتبرت أن القرار يفضل خيار الدمار والقتل في البلاد، بدلًا من تكريس القدرات لبناء أجيال بعيدًا عن لغة الدماء”.

ولم تكن هذه القرارات جديدة على المحافظة بعد فصل الكثيرين من المعلمين منذ عام 2014، على خلفية مواقفهم السياسية، ووصلت حتى حرمانهم من رواتبهم ومستحقاتهم، كما حصل مع شادي صعب، أحد المدرّسين المفصولين قبل أربعة أعوام.

وتعليقًا على القرار الجديد كتب شادي، عبر صفحته في “فيس بوك”، “بدأت حملة مكافحة الفساد بفصل 68 مدرّسًا من مديرية تربية السويداء على خلفية اكتشاف تورطهم بعمليات سرقة للطباشير من المدارس، والمشاركة بمؤامرة كونية على الطبشور الوطني”.

وتؤثر تلك القرارات في مقدمتها على الشريحة المستهدفة في المجتمع من الطلاب المحرومين من مدرّسيهم ودروسهم، بما ينذر بتدمير مستقبلهم.

مجد، أحد طلاب المرحلة الثانوية في السويداء، قال لعنب بلدي إن غالبية الطلاب باتوا يلجؤون للمدارس الخاصة، لأن الأساتذة المفصولين يذهبون للتدريس فيها وبينهم مجموعة من أفضل المدرّسين بالمحافظة.

ويضيف مجد أن الطلاب باتوا يتخوفون من قرارات مفاجئة “قد تحرم طلاب التعليم الخاص من التسجيل في جامعات الدولة أو التقدم لامتحانات الثانوية العامة مع طلاب مدارس الدولة على سبيل المثال”، بحسب تعبيره.

مدرّس سلبي!

منتصف أيلول الحالي، أصدرت وزارة التربية، عبر كتاب وصل إلى مديرية تربية السويداء، بيانًا أوقفت بموجبه رواتب بعض المدرّسين، على خلفية دراسات تؤكد أنهم معارضون للنظام.

نشأت سالم منذر، أحد المعلمين المفصولين في السويداء، وصله كتاب الوزارة وجاء فيه، “بإشارة إلى كتاب وزارة العدل المعطوف على كتاب رئاسة مجلس الوزراء، والمتضمن بأن العامل منذر (معارض وسلبي)، ووفقًا للكتاب لا يمنح منذر أي مبالغ مالية ريثما يصدر قرار صرفه من العمل”.

الحادثة أنتجت موجة سخط وسخرية في آن واحد من أهالي المحافظة، بعد تعنت النظام السوري بفصل الموظفين والمدرّسين على خلفية آرائهم السياسية، والاستبداد المتمثل بفرض الولاء على مكونات الشعب.

وكتب الصحفي أسامة أبو ديكار، عبر صفحته الشخصية في “فيس بوك”، تعليقًا على فصل المدرّس منذر، “المشكلة ليست بالتهمة فهي وسام له من فاسدين عبثوا بالتعليم والمناهج وخربوا عقول الأجيال، لكن المشكلة تكمن بالرسالة التي تؤكد أنه بسبع سنوات من الدمار والحرب لم يتعلموا ولن يتعلموا”.

ويعمل منذر في دائرة المناهج التابعة لمديرية التربية، وليس هو المدرّس الوحيد المحروم من مهنته ورواتبه، بل إن القرارات طالت الكثيرين، وبلغ عدد المطلوبين للتجنيد الإجباري في محافظة السويداء، نحو 50 ألف شخص، بين مطلوبين للاحتياط أو الخدمة الإلزامية أو المنشقين، في وقت يرفض أهالي المدينة الانخراط بالحرب السورية باعتبارها “حربًا من أجل الكراسي والسلطة”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة