عنب بلدي – خاص
شكلت الفصائل الفلسطينية المقاتلة إلى جانب قوات الأسد في سوريا، نواة المعارك الدائرة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في البادية السورية، لا سيما معارك تلول الصفا شرقي السويداء.
عملت قوات الأسد في معاركها الحالية، على زج الميليشيات الفلسطينية لمواجهة تنظيم “الدولة” في الريف الشرقي للسويداء، تحت شعار تتبناه هذه الفصائل هو “الدفاع عن الوطن والعروبة”.
الأعداد المعلنة للقتلى والمصابين في صفوف هذه الميليشيات مؤخرًا، توضح حجم المشاركة الفلسطينية في المعارك، لا سيما مقتل ضباط برتب عالية، كان آخرهم العميد وليد الكردي، من مرتبات “جيش التحرير الفلسطيني”.
قتلى في مواجهة تنظيم “الدولة”
نعى “جيش التحرير الفلسطيني” عبر معرفاته الرسمية، خلال الأيام الثلاثة الماضية، ما يزيد على 20 شخصًا قتلوا في محيط تلول الصفا في بادية السويداء.
وكان أبرز القتلى في صفوف “جيش التحرير” العميد وليد الكردي، إلى جانب عشرة ضباط برتبة “ملازم شرف”، أعلن عن مقتلهم الجمعة 28 من أيلول، على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، إضافة إلى عدد من المصابين.
وعاد “جيش التحرير الفلسطيني”، السبت 29 من أيلول، لينشر قائمة القتلى والجرحى من مقاتليه البالغ عددهم 12 عنصرًا، والموزعين على مشفى تشرين والسويداء العسكريين.
وجاء في بيان للفصيل نشره عبر منصاته في مواقع التواصل “بعد السؤال المتكرر من أهالي الأبطال في جيش التحرير الفلسطيني، هذه لائحة بأسماء الشهداء والإصابات في محيط تلول الصفا، في أثناء العمليات الحربية في الكتيبة 412”.
وكانت شبكة “مخيم اللاجئين الفلسطينيين” نشرت قبل أيام وثيقة صادرة عن مستوصف “قوات القادسية” في دمشق، وتحتوي على عشرة أسماء لمفقودين، إضافة لـ 15 مصابًا آخرين من المقاتلين الفلسطينيين، جميعهم أصيبوا أو فقدوا في معارك بادية السويداء ضد تنظيم “الدولة”.
وبدأ “لواء القدس” الفلسطيني المساند لقوات الأسد، مطلع أيلول الحالي، عملية عسكرية للسيطرة على البادية السورية من يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، من جهة ريف حمص الشرقي.
ونشر عبر معرفاته الرسمية تسجيلًا مصورًا لتوجه قواته إلى ريف حمص الشرقي للسيطرة عليه بشكل كامل من يد تنظيم “الدولة” والذي لا يزال ينشط في المنطقة بعمليات كر وفر.
وبلغت حصيلة قتلى “جيش التحرير الفلسطيني” منذ بدء الأحداث في سوريا 271 عنصرًا، قضوا خلال المشاركة في معارك قوات الأسد، بحسب إحصائية “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”.
حصن تلول الصفا
تستمر قوات الأسد في محاولاتها للقضاء على الجيب الأخير المتبقي لتنظيم “الدولة الإسلامية” في بادية السويداء، منذ أيار الماضي، حين حاصرت التنظيم في تلول الصفا ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة والتي يستفيد التنظيم منها في مناوراته.
وتنفذ قوات الأسد ضربات جوية بشكل يومي على آخر الجيوب بعمق بادية السويداء الشرقية، وتتحدث عن إصابات “كبيرة” في صفوف التنظيم، لكنها لم تتمكن حتى الآن من بسط سيطرتها الكاملة عليه.
وجهة تنظيم “الدولة” وانسحابه نحو المنطقة المعروفة بتلول الصفا كانت مدروسة بسبب الطبيعة الجغرافية الوعرة، والتي تحوي مغاور وجروفًا تجعل من حركة المشاة والآليات العسكرية صعبة للغاية.
وتعتبر التلول أحدث الصبات البركانية في سوريا وتمثل شكلًا دائريًا يبلغ أقصى قطره نحو 19 كيلو مترًا وأدناه 16 كيلو مترًا.
الفلسطينيون وسط الحراك السوري
ورغم استغلال شعار “القضية الفلسطينية” من جميع الأطراف، لم يكن فلسطينيو سوريا بعيدين عن الصراع السوري- السوري، إذ نالوا نصيبهم من القتل والتهجير واختبروا معتقلات النظام وأفرع المخابرات.
ويوجد في سوريا ما يزيد على 13 مخيمًا للاجئين الفلسطينيين، بعضها رسمي والآخر غير رسمي، ويقدر عدد الفلسطينيين فيها بنحو نصف مليون نسمة.
أكبر المخيمات هو مخيم اليرموك الذي دمر بشكل شبه كامل، إلى جانب مخيمات السبينة وخان دنون وحندرات والوافدين وغيرها على امتداد المدن السورية.
وشهد مخيم اليرموك حراكًا مسلحًا من سكانه الفلسطينيين المنقسمين بين مناصر للثورة ومؤيد للنظام، عقب قصفه من قبل النظام السوري لأول مرة كانون الأول 2012، كما دخلت عدة فصائل معارضة إليه.
ولم ينجُ الفلسطينيون من الاعتقال، إذ وصل عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون النظام السوري إلى 12492 معتقلًا، قضى منهم 541، بينهم 63 امرأة، وفقًا لإحصائية مركز توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين في سوريا التي نُشرت في نيسان الماضي.
فصائل فلسطينية رديفة لقوات الأسد
تعد “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، التي يتزعمها أحمد جبريل، أحد أبرز الفصائل المقاتلة في سوريا، وتركزت عملياتها إلى جانب قوات الأسد في ريف دمشق، أما “جيش التحرير الفلسطيني” فنشط إلى جانب قوات الأسد في مخيم اليرموك.
كما يعتبر “لواء القدس” من أبرز الميليشيات المقاتلة إلى جانب قوات النظام، ويحمل شعار “فدائية الجيش العربي السوري “، ويضم اللواء عددًا من أبناء مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين، ومخيم حندرات في ريف حلب.
ويلقب مقاتلوه بـ “الفدائيين”، الأمر الذي اعتبره ناشطون سوريون “شيطنة” للقضية الفلسطينية وحرفها عن مسارها، ويقدر عدد عناصره حاليًا بين ألفين وثلاثة آلاف مقاتل.
ويتركز عمل الميليشيا في محافظة حلب، وتأسست في عام 2014 بقيادة المهندس محمد سعيد، وينحدر معظم مقاتليه من مخيم “باب النيرب” للاجئين الفلسطينيين، في المحور الشرقي للمدينة.
ومن الفصائل المقاتلة أيضًا إلى جانب النظام، “تحالف القوى واللجان الشعبية الفلسطينية”، والذي يضم فصائل مسلحة عديدة، أبرزها “فتح الانتفاضة” و”الجبهة الشعبية- القيادة العامة” و”قوات الصاعقة” و”جبهة النضال الشعبي”.
ويضاف إليها ميليشيا “قوات الجليل” التي يقودها الفلسطيني فادي الملاح، والذي عمل سابقًا تحت إمرة الفلسطيني السوري أحمد جبريل، أمين عام “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، وأحد أبرز موالي النظام السوري.
وتشكلت تلك الميليشيا منتصف عام 2012، وتلقى عناصرها تدريبات على يد ضباط إيرانيين ومقاتلين من “حزب الله” اللبناني، ليبدأ نشاطها بالظهور في العام 2014، خلال معارك القلمون.
في العام 2015 تلقت هذه الميليشيا أكبر خسائرها بمقتل 11 مقاتلًا لها دفعة واحدة، خلال معارك القلمون الشرقي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.