حمص – عروة المنذر
تسارعت العجلة الاقتصادية في ريف حمص الشمالي بشكل ملحوظ بعد سيطرة قوات الأسد على المنطقة، مطلع أيار الماضي، بسبب الإصلاحات التي بدأها الأهالي لمنازلهم المتضررة من القصف، الذي لم ينقطع طوال سبع سنوات مضت.
لكن انخفاض أعداد العمال شكل أزمة لدى أرباب العمل وأصحاب الورش، إذ فضل الشباب القادرون على العمل الهجرة إلى الشمال السوري، وواجه من بقي منهم في الريف الشمالي التجنيد الإجباري والاحتياطي والمضايقات الأمنية.
محاولات يائسة
انخفض عدد العمال في ريف حمص، بسبب حملة التهجير التي نفذها النظام بموجب اتفاق التسوية، ونتيجة لسياسة التجنيد الإجباري والاحتياطي، أو التطويع الذي لجأ إليه الشباب نتيجة الاستدعاءات الأمنية المتكررة من قبل مفارز الأمن، ما أدى إلى إفراغ المنطقة من طبقة العمال بشكل شبه كامل، وشكل أزمة حقيقية في إيجاد كادر بشري يستطيع القيام بالأعمال التي تحتاج إلى مجهود عضلي بشكل عام.
“أبو كامل”، صاحب “مرملة” في مزارع مدينة تلبيسة، يقول لعنب بلدي إنه فقد عددًا كبيرًا من العمال الذين كانوا يعملون لديه بسبب سَوقهم إلى الخدمة الإلزامية والاحتياطية، “ما شكل عبئًا على “المرملة”، ودفعني إلى رفع الأجور للضعف في محاولات يأسة لاستقطاب بعض العاملين”.
ويضيف، “نتيجة للمضايقات الأمنية التي تمارسها مفارز الأمن، اضطر الشباب القادرون على العمل إلى التطوع مع الميليشيات الرديفة لما تقدمه من رواتب مغرية وحماية”.
الأجور مرتفعة
في أثناء سيطرة فصائل المعارضة على ريف حمص شهدت أجور العمال انخفاضًا حادًا بسبب عدم دخول مواد بناء ومواد أولية للصناعات، ما أدى إلى تراجع فرص العمل وانعدامها في بعض الأحيان، وبعد دخول المنطقة في اتفاق التسوية وفتح أوتوستراد دمشق- حلب، وإقدام الأهالي على أعمال صيانة وترميم المنازل، زاد الطلب على اليد العاملة، وارتفعت الأجور وتضاعفت في بعض الحرف التي تحتاج إلى خبرة كبيرة.
أبو إسماعيل، “معلم صحية” من قرية الغنطو، تحدث لعنب بلدي عن المفارقة التي وجدها بين الفترة التي سبقت اتفاق التسوية والتي تلتها.
ويقول، “قبل التسوية لم أجد عملًا في مصلحتي، أما بعد دخول المنطقة في المصالحة اتجه السكان إلى إصلاح بيوتهم، وانعكس ذلك بشكل فوري على زيادة الطلب على العمل”، مشيرًا إلى أن الأجور ارتفعت بشكل كبير، لا سيما أن عددًا كبيرًا من “معلمي المصالح” تفتقدهم المنطقة.
أما أبو جابر، صاحب معمل بلوك، فيقول لعنب بلدي إنه اضطر لمضاعفة أجور العمال من أجل الحفاظ عليهم.
وكان عدد من أصحاب المصالح أرسلوا بعض عمالهم إلى الخدمة الإلزامية بالاتفاق مع ضباط، ومن ثم سحبهم و”تفييشهم” ليعودوا ويكملوا عملهم لعدم قدرة أصحاب العمل على الاستغناء عنهم.