“العمل بالتزكية” في الشمال.. ومبادرات مدنية لحل مشكلة البطالة

  • 2018/09/23
  • 11:22 ص

مزارعون في ريف حماة الغربي - 9 أيلول 2018 (عنب بلدي)

“بعد طلبات التوظيف التي أرسلتها للمنظمات والمؤسسات المنتشرة على امتداد الشمال السوري، وجدت من يزكيني لدى إحدى تلك المؤسسات”، يقول الشاب كرم (24 عامًا)، مضيفًا، “على الرغم من التزكية التي تكفل بها أحد معارفي إلا أني لا زلت أنتظر منذ شهر ونصف القبول بالوظيفة الجديدة أو الرفض بسبب وصول تزكية أفضل من تزكيتي”.

كرم أجانا، وهو ناشط سوري من الغوطة الشرقية، وصل إلى الشمال بعد اتفاقات التسوية مع النظام في آذار الماضي، فباشر محاولات الدخول إلى تركيا عبر طرق غير شرعية، فشلت جميعها، فقرر البقاء داخل البلاد مفضلًا الاستقرار في عفرين، الأكثر آمنًا، بحسب ما قال لعنب بلدي، باحثًا عن عمل فيها.

تخطيط أكرم اصطدم بعقبة العثور على العمل، فقد قدم سيرته الذاتية إلى عشرات المؤسسات، كما يقول، قوبلت بالرفض أو بالتجاهل.

أبو عبادة، أحد ناشطي الغوطة المهجرين، يعاني ذات المشكلة، ويشير لعنب بلدي إلى الأسباب التي تقلص فرص العمل في المنظمات المحلية أمام الباحثين عنها، وأولها الشهادة الجامعية التي حرم منها الكثير من شباب الغوطة خلال فترة الحصار الطويلة التي شهدتها المنطقة.

ويرى أبو عبادة، وهو طالب حقوق في السنة الرابعة، أن المحسوبيات هي سبب رئيسي في الوقوف بوجه فرص الشباب بالعمل، كون سوق العمل كبيرًا.

واضطر العشرات من الشباب المهجرين للخروج إلى تركيا اعتقادًا منهم بوجود فرص أكبر، مشيرًا إلى أن هناك شبانًا من أصحاب الكفاءات في الشمال السوري لا يزالون دون عمل حتى الآن.

ويتفق خالد الرفاعي مع أبو عبادة حول مشكلة عمل المهجرين، وبالأخص أصحاب الشهادات والطلاب، ويرى أن هذه المشكلة هي في غاية الأهمية.

وقال في حديثه لعنب بلدي، إن الكثير من الشباب انقطعوا عن تعليمهم بسبب الحرب، ومنهم من تخرج ولم يستطع إيجاد فرصة، مضيفًا أن “غالبية المهجرين وخاصةً أصحاب الكفاءات هم الآن دون عمل”، بالوقت الذي ترتفع فيه أجور المنازل والمعيشة، ويضيف مستنكرًا، “لا يوجد أي حراك من قبل المنظمات والمجالس المحلية ومجالس المحافظات لحل هذه المشاكل”.

لا إحصائيات رسمية ومبادرات مدنية

تغيب التصريحات الرسمية عن مشكلة البطالة وتغيب معها الإحصائيات لمعدلات البطالة في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، ولكن عدة منظمات ناشطة في الشمال السوري أطلقت مبادرات في سبيل إيجاد حلول لخلق فرص عمل لأكبر عدد من الشباب.

أطلقت منظمة  “People in Need”، العاملة في مجال الإغاثة في محافظتي إدلب وحلب منذ عام 2012، مشروع “المال مقابل العمل”، وبدأت تطبيقه قبل أربعة أشهر في الريف الحلبي بدورة تجريبية مدتها ثلاثة أشهر، أتبعتها بالدورة الثانية وتشمل مدينة حلب في قسمها الخاضع لسيطرة “الجيش الحر”

شاركت منظمة “همم” في مشروع “المال مقابل العمل” كشريك تنفيذي في مدينة حلب، بحسب مدير المنظمة بكري الزين، الذي أوضح أن المشروع يشمل 150 شابًا وفتاة، يوزع الشباب منهم ضمن تسع مجموعات للعمل في تنظيف الطرقات وترحيل الأنقاض التي خلّفها قصف النظام وترميم الأماكن العامة وإعادة تأهيلها، إلى جانب الإصلاحات البسيطة لشبكات الكهرباء والمياه المتضررة من القصف والتي لا تحتاج معدات ثقيلة، كما يساعدون المكاتب الإغاثية الموجودة في أحيائهم.

أما السيدات، فأوضح بكري أن المنظمة تكفلت برواتب أربع موظفات في الطبابة الشرعية للسيدات مهمتهن تغسيل الموتى النساء والتوثيق الجنائي، إضافة إلى مدرّسات يعملن في أربع روضات غير مدعومة، ثلاث منهن في الأحياء الشرقية والرابعة في حي المشهد غرب حلب.

وحول استمرارية المشروع، قال بكري إن “تجربة الريف الحلبي كانت ناجحة وتضاعفت أعداد المستفيدين وزادت المناطق المخدّمة فيها، لذا فإن فتح مجالات جديدة للعمل وزيادة عدد الشباب العاملين في مدينة حلب يعتمد على مدى نجاح التجربة ضمن الظروف الخاصة التي تعيشها المدينة”.

أربعة ملايين نسمة في إدلب

وتضم إدلب جميع المهجرين من عموم سوريا الذين خرجوا ضمن الاتفاقات التي وقعها النظام وروسيا مع المعارضة السورية، وآخرها كان ريف حمص ودرعا والغوطة الشرقية، واقترب عدد سكان الشمال السوري من حاجز الأربعة ملايين وفق إحصائية “منسقي الاستجابة”.

وبلغ التعداد السكاني في محافظة إدلب ثلاثة ملايين و867 ألف نسمة، وفق الإحصائية التي نشرتها المنظمة في 12 من آب الحالي، مشيرةً إلى إنها شملت محافظة إدلب وريفي حلب الغربي وحماه الجنوبي.

وتتوزع التركيبة السكانية في الشمال السوري على 58% من سكان المنطقة المقيمين، والبالغ عددهم مليونين ومئتي ألف نسمة، بحسب الإحصائية.

ويشكل عدد السكان النازحين من بقية المحافظات نسبة 21% من التعداد السكاني في المنطقة المحصاة، ويبلغ عددهم 829 ألف نسمة، بينما تصل نسبة عدد السكان النازحين والمقيمين في المخيمات إلى 20%، أي ما يعادل 791 ألف نسمة.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين المقيمين في المحافظة 19850 نسمة، أي ما يعادل 1% من التعداد السكاني.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع