“حرب ذرائع” بين روسيا وتركيا في إدلب

  • 2018/09/16
  • 11:22 ص

تعزيزات تركية في ريف حماة الشمالي - 20 نيسان 2018 (عنب بلدي)

عنب بلدي – خاص

تشد روسيا وتحشد كل الذرائع إلى طرفها للدخول في معركتها التي تعتبرها مصيرية في محافظة إدلب، وبذلك تحرج تركيا التي تضع أيضًا ذرائعها وحججها للبقاء في المحافظة، الواقعة شمال غرب سوريا.

روسيا تواصل الدفاع عن حربها ضد “الإرهاب”

على الرغم من التحذيرات الغربية والأممية، تبقى روسيا ماضية في إيجاد ذرائع مختلفة لإغلاق ملف إدلب بشكل كامل، وفي سياق التعليق على تصريحات واشنطن بشأن تطورات الوضع في سوريا، أكدت الخارجية الروسية أن “محاربة الإرهابيين” في سوريا لا سيما في إدلب ستتواصل حتى القضاء عليهم، ودعت الدول الغربية إلى عدم عرقلة العملية.

الخارجية الروسية شددت، في بيان صادر في 5 من أيلول، على محاربة الإرهاب مع استمرار ظروف عمل نظام وقف إطلاق النار الذي لا يشمل تنظيم “الدولة الإسلامية” و”هيئة تحرير الشام” وغيرها من فروع “تنظيم القاعدة”، بحسب وصف الوزارة.

وبررت روسيا مرارًا استهدافاتها الجوية على مواقع في إدلب بأنها “ليست بهدف العدوان وإنما بغية تدمير مواقع تابعة للإرهابيين الذين يستخدمونها لمهاجمة الجيش السوري والمدنيين والعسكريين الروس الموجودين في سوريا بدعوة من الحكومة الشرعية للبلاد”.

موسكو أكدت أنها تعمل بتنسيق وثيق مع الحكومة التركية، وتتخذ اجراءات مشتركة معها لتجنيب سقوط ضحايا بين المدنيين السوريين، ولكن على الرغم من تأكيدات الخارجية الروسية، إلا أن القصف الأخير الذي استهدف محمبل في ريف جسر الشغور بالريف الشمالي لمحافظة إدلب أصاب سوق البلدة ما أدى إلى مقتل خمسة مدنيين بينهم أطفال ونساء، بحسب أرقام الدفاع المدني السوري.

وتعتبر روسيا أن “الإرهابيين” يحتجزون الملايين كـ “رهائن” في إدلب، وأن هذا غير مقبول، كما تقول إنه “لا يمكن أن يكون سلام مع الإرهابيين. لا ينبغي أن تكون لدى أنصار فكر القاعدة في إدلب فرصة لنشر الإرهاب حول المنطقة والعالم بأكمله”.

تمسّك موسكو بفتح النار على المحافظة المتاخمة للحدود التركية بات جليًا حين رفض الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، طرح نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، في قمة طهران التي أقيمت، الجمعة 7 من أيلول، لتطبيق وقف إطلاق النار.

وبرر بوتين رفضه بعدم إمكانية إبرام أي اتفاق مع “جبهة النصرة”، لكن أردوغان أكد على كلمة الهدنة وعلى جعل المصطلحات بخصوصها واضحة، داعيًا إلى إعطاء فرصة للمدنيين للعيش بسلام.

وقال، “لا يمكننا أن نرضى بترك إدلب تحت رحمة نظام الأسد، الذي لا تزال مجازره ضد شعبه حاضرة في أذهاننا”.

لكن الرئيس الروسي قال إنه لا يمكن تطبيق وقف إطلاق النار في إدلب، وإبرام هدنة مع “جبهة النصرة” التي تقوم بقصف حميميم بالطائرات المسيرة.

لكنه أعطى مساحة صغيرة بشأن الهدنة في أثناء المؤتمر الصحفي الذي تبع القمة، وقال إنه من الممكن إبرام اتفاقيات هدنة مع بعض الجماعات والأطراف في إدلب.

وعلى الرغم من الرفض الروسي للطرح التركي، بات من اللافت التوافق الإيراني-التركي حول ضرورة تطبيق وقف إطلاق النار في إدلب، وجاء ذلك على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال القمة الثلاثية.

الرئيس الروسي حاول خلال القمة والمؤتمر الصحفي التأكيد على ضرورة محاربة “جبهة النصرة”(المنحلة في هيئة تحرير الشام)، وقال إن النظام السوري وروسيا سيردان على أي استفزاز في إدلب، مضيفًا، “الحكومة السورية يجب أن تستعيد السيطرة على كل أراضيها”.

ذرائع تركية لتعزيز الوجود

لم تقف تركيا موقف المتفرج على الترويج والحشد الإعلامي الروسي، فبدأت بالحشد الإعلامي بالتزامن مع مؤازرات تابعة لقواتها وصلت إلى المنطقة لتعزيز نقاط مراقبتها.

تركز الحشد الإعلامي التركي على احتمالية مشاركة “وحدات حماية الشعب” (الكردية) إلى جانب قوات الأسد وروسيا في الحملة العسكرية المرتقبة على إدلب.

وآخر التصريحات في هذا المنحى كانت لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الذي قال فيها إن “الوحدات” قد تساعد النظام السوري في الهجوم على إدلب، وجاء ذلك في رسالة أرسلها جاويش أوغلو إلى صحيفة “نيويورك تايمز”، الخميس 13 من أيلول، ردًا على مقال رأي نشرته الصحيفة.

وقال الوزير التركي إن “تقارير جديدة تشير إلى أن وحدات حماية الشعب، وهي جماعة إرهابية تنشط في سوريا، تلقت أسلحة ومساعدات مدفوعة الثمن من قبل دافعي الضرائب الأمريكيين، وأقامت تحالفًا مع الأسد، وترسل قوات في إطار اتفاق تم التوصل إليه في تموز لمساعدته على استعادة السيطرة على إدلب من مقاتلي المعارضة”.

وحذر جاويش أوغلو من أن واشنطن ينبغي أن “تقيم من هم حلفاؤها الحقيقيون في المنطقة”.

جاء ذلك بعد تلميحات وتقارب بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والنظام السوري، إذ أبدى الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي والتي ينضوي تحتها “حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، ألدار خليل، استعدادًا للمشاركة في أي عملية عسكرية ضد مناطق سيطرة المعارضة في إدلب، وجاء ذلك في مقالة نشرها على قناة “روناهي”، في تموز الماضي، وتحدث فيها عن السيناريوهات التي تنتظر إدلب.

وقال، “لا نرى أننا بعيدون عن أن نكون طرفًا أكثر تأثيرًا في إدلب من خلال دعمنا لاجتثاث الإرهاب هناك والإسهام في الحد من الدور التركي وإفشال مخططات أردوغان”.

لكن “قسد” نفت التنسيق مع النظام السوري للمشاركة في العملية العسكرية على إدلب، وقالت في بيان، في 13 من آب الماضي، إن الاشاعات التي تم تداولها “غير صحيحة”، سواء من ناحية المشاركة مع النظام السوري أو التنسيق معه في المعارك.

وجاء في البيان أن “قسد” ملتزمة ببرامجها وخططها لاستكمال العمليات العسكرية التي بدأتها للسيطرة على الريف الشمالي لمحافظة دير الزور، والتركيز على طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من الجيب الأخير المتبقي له في منطقة حوض الفرات الأوسط.

تركيا تعتبر “الوحدات” امتدادًا لـ”حزب العمال الكردستاني” (PKK) والمصنف في قائمة الإرهاب الخاصة بها، رغم نفي الوحدات لكونها فرعًا للحزب.

وتعتبر أنقرة استقرار إدلب وإبعاد القوات “الكردية” عن حدودها، إحدى الأولويات التي يقتضيها أمنها القومي، ولذا تحاول إبعاد “الوحدات” والقوات التي تقاتل في صفوف “قسد” عن حدودها، وآخر عملياتها في هذا الإطار كانت عملية عفرين.

النقاط التركية في الشمال السوري

في إطار تعزيز وجودها، وصلت آليات عسكرية تركية جديدة، الخميس 15 من أيلول، إلى نقاط المراقبة في ريف حماة الغربي، تضم ست دبابات وعشر مصفحات وسيارات خاصة بالإشارة، واتجه قسم منها إلى اشتبرق بجسر الشغور.

وتستمر تركيا بإرسال تعزيزات والتي شملت أيضًا مخافر جاهزة مسبقة الصنع وكتلًا إسمنتية، بالإضافة إلى القوات الخاصة التركية التي وصلت إلى نقطة مورك، في تطور هو الأول من نوعه داخل إدلب.

كما أرسل الجيش التركي، الأربعاء 14 من أيلول، تعزيزات عسكرية جديدة إلى وحداته على الحدود مع سوريا، بحسب وكالة “الأناضول” التركية، وتضم التعزيزات التي وصلت إلى مدينة كلس مدفعية وآليات عسكرية.

النقاط ثبتها الجيش التركي، مطلع العام الحالي، وبلغ عددها 12 نقطة مراقبة في إدلب، وكان ذلك بموجب اتفاق “تخفيف التوتر”، وركز الجيش في انتشاره بالمحافظة على اختيار المناطق “الاستراتيجية” للتثبيت فيها، اعتمادًا على قربها من نفوذ قوات الأسد وحليفته روسيا، أو الجغرافيا التي تشكلها من حيث الارتفاع والإطلالة العسكرية.

ويركز الجانب التركي على إيقاف الهجمات إلى جانب العمل على إنهاء وجود “الجماعات الإرهابية”، بحسب ما قال وزير الخارجية التركي، الذي أكد أن المقترح التركي في مدينة إدلب “واضح”، ويتمثل بوقف الهجمات والعمل على إنهاء وجود “الجماعات الإرهابية”.

ودعا جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه البولندي والروماني، في 11 من أيلول الحالي، الجميع لرفع أصواتهم ضد هجمات النظام السوري وإيجاد حل سلمي في سوريا.

وأكد الوزير أن تركيا حاولت في قمة طهران، إلى جانب اجتماعات “أستانة” و”سوتشي”، منع مجزرة إدلب، لكن النظام السوري مستمر في الهجمات، مشيرًا إلى أن النظام وداعميه (روسيا وإيران) يؤمنون بالحل العسكري.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي