انشقاق أم إعادة هيكلة
جريدة عنب بلدي – العدد 24 – الأحد – 15-7-2012
النظام السوري هو نتيجة تحالف المعسكرين الغربي والشرقي إبان الحكم السوفيتي، هو الولد الشرعي (في هذه الحالة) لهذا التحالف القائم والذي استمر ويُرجى منه أن يستمر وفق معادلة الأسد (في الحكم) = استمرارية أمن اسرائيل. ونشير سريعًا إلى أن أول من صوّت على إنشاء دولة إسرائيل كان (الاتحاد السوفيتي). وطبيعة العلاقة بين الكتلتين وكيف كانت تُحل بيد النظام السوري بدءًا من حرب لبنان وتصفية المقاومة بكل أطيافها، وقتل وترحيل الفلسطينيين، إضافة لدورهم المشؤوم في النزاع العراقي الإيراني ومشاركتهم مع معسكر (الأعداء) في تحرير الكويت. كان جل مساعدي حافظ الأسد ضباط وسياسين استمروا مع خليفته بشار، وكان منهم طلاس الأب وما عرف عنه من الإعدامات وقرارته الشهيرة. فقد فرض هو شخصيًا توريث الحكم لبشار بمباركة التفاحة الأمريكية ذات الثوب الأحمر مادلين أولبرايت. ولا نتكلم هنا عن كونها يهودية، بل أمريكية تنفذ سياسة بلادها. فبغض النظر عن الديمقراطية والحريات، فاستمرار المعادلة هام وأساسي، وكان الابن مناف طلاس في هذا الاتفاق في منصب قيادي. وليس هذا ببعيد من نواف الفارس، فهو مارس خلال تاريخ المنطقة الشرقية التي ينحدر منها مع والده أدوارًا هامة في تهميش دور العشائر وتجييرها لمصلحة النظام، وقد تبوء نواف عدة مناصب منها الأمن السياسي في اللاذقية علاوة عن مناصب متعددة كمحافظ وغيره.
إنّ ما يلفت الانتباه هو طبيعة وآلية وشكل عملية الإنشقاق. فمن وجه أرى أنه انشقاق عن النظام للمحافظة على روح النظام، وقد جاء هذا متزامنًا مع مبادرة عنان وتأكيد الحل السلمي ومرحلة انتقالية. إضافة إلى نقطة مهمة وهي كيف انشق مناف ولمَ لم يلتحق بالأحرار، ومن أين غادر ولم استُقبل في فرنسا بترحيب أوربي. لم هذا الدعاية السياسية له واظهاره أنه نبيل ومحب للبلد ويرغب في الإصلاح؟! إني أؤكد أنّ انشقاقه أتى أيضًا وفق خطة عنان. فعادة ما يكون الإنشقاق أبعد عن الجسم وليس ملاصقًا منه إن لم يكن منه.
انشق نواف وفق خطة عنان لما يملكه هو وعشيرته من امتداد بشري وتوزع ديمغرافي وجغرافي للعشائر السورية وتنوع ارتباطها العشائري (القبلي والمالي) والخضوعي التبعي ورضا دول الخليج. إن المنطقة الشرقية (دير الزور) يمكن أن تؤثر عشائريًا على حمص وريف حلب وحماة من الشرق ومعرة النعمان ودرعا، أي على المناطق الساخنة أو الأكثر سخونة كما أشار بشار في وعده لعنان، إن ظهور مناف ونواف في هذة المرحلة المحتقنة والتي جاءت كما أسلفت بعد جولة عنان، تشير وبدون أدنى شك أن طرف المعادلة الأول، أي عائلة الأسد، بدء يفقد دوره، ويُبحث الآن عن آلية لنقل الدور نفسه مع بقاء المضمون واختلاف الشكل فقط.
لقد أيقن المجتمع الدولي المناصر سرًا أو علنًا لنظام الأسد، استحالة استمرارية بشار وأن التغيير حتمي. ونحن نسأل كيف ولصالح من وعلى حساب من؟
إن العقل الجمعي والإرث التاريخي والحضاري للشعب السوري يجعل هذه المعادلة معادلة أقرب لما يسمى (مستحيلة الحل)، فالداخل الثائر الحر لم ولن يرضى بتسوية يمنية أو طبخة أوربية بوعاء سوري. إن الإنسان السوري لن يرضى إلا بما بدء به وقد أصر وصبر، فلن يكن له إلا ما يريد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :