طهران كعاصمة لدولة في محور الشر
إبراهيم العلوش
تحت العنوان الروسي الذي صرحت به ماريا زاخاروفا: قتلنا ونقتل وسنقتل… الإرهابيين في سوريا. عقدت في طهران قمة تضم الرؤساء الثلاثة، الإيراني والروسي والتركي، يوم الجمعة الفائت في السابع من أيلول. وطبعًا الإرهابيون هم كل من لا يقبل بالاحتلال الروسي الإيراني ودميته بشار الأسد.
كان الرئيس الروسي يتكلم في القمة باسم النظام السوري، علمًا أنه لم يسمح حتى لمسؤول من الدرجة العاشرة بأن يمثل النظام السوري، النظام الذي يزعم أنه انتصر على السوريين. وكان إلى جانبه الرئيس الإيراني يستعرض دور بلاده في سوريا وتهجيرها لنصف الشعب السوري وإسهامها الدؤوب بالتعفيش وبالتعذيب.. وبالإعمار!
الرئيس التركي الذي يدرك أن تدمير إدلب فوق سكانها، سيكون بداية المطاف لإنهاء التأثير والوجود التركي في سوريا، وتبخر المصداقية من خطاباته، كان مصرًا على وقف الحرب على مدينة إدلب وسكانها المدنيين، وكان خطابه أشبه بالاستجداء أمام رئيسين أنيقين يجمّلان ويفتخران بالقتل وبالتهجير!
لم يخطئ الرئيس الأمريكي جورج بوش عندما اعتبر أن إيران جزء من محور الشر، فالسوريون اليوم وحدهم يعلمون مدى صدق هذا التصنيف، وذلك بعد سنوات من القتل والتعذيب والتهجير الذي تمارسه إيران وميليشياتها الطائفية في سوريا. فوزير الخارجية الإيراني الذي يعتبر مثالًا للأناقة والتهذيب، والذي تحيط به عاصفة من البارفانات وهو يتصرف في الاستقبالات الأوروبية بلطف وتهذيب، خلع جلده الناعم، وكشّر عن أنيابه في دمشق، يوم الاثنين 3 من أيلول، عندما توعد أهل إدلب بالقضاء المبرم على الإرهاب، ومهما كانت النتائج كارثية على الشعب السوري. فسكان إدلب البالغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين مواطن سوري، كلهم إرهابيون بنظر الوزير الإيراني… طبعًا لأنهم ضد بشار الأسد!
قمة طهران تليق بإيران كدولة في محور الشر، فهي تشرعن القصف والتعفيش، وتتوعد السوريين بالقتل لأنهم إرهابيون ولا يقبلون باحتلال بلادهم، ، فإيران أعادت كل ممارساتها الإرهابية في العراق، وبنسخة مجددة، ومارست التهجير بشكل مروع ضد السوريين، وهي تعمل على إبقاء سوريا بلدًا مرهونًا للفوضى وللتنظيمات الإرهابية من ميليشيات الدفاع الوطني، وحزب الله، وعصائب أهل الحق وغيرها من التنظيمات التي تتناغم مع أداء داعش والنصرة. ولم تنفع خطابات الرئيس التركي المتضرعة لوقف الحرب على إدلب وتهجير ثلاثة ملايين إلى مصائر مجهولة ما يهدد مستقبلًا السلام، ليس في سوريا وحدها، وإنما في المنطقة كلها.
في صباح القمة كانت الطائرات الروسية تقصف قرى إدلب وتبحث عن المستشفيات التي برعت بقصفها، فالسجل الروسي حافل بتدمير حوالي 800 مستشفى ميداني منذ تدخلها واحتلالها لسوريا في أيلول 2015، ناهيك عن الحملات الإعلامية الروسية ضد منظمة القبعات البيضاء التي تحاول إنقاذ المتضررين من القصف وإخراج الجثث والناجين من تحت الأنقاض، فروسيا تعتبر أنها منظمة إرهابية لأنها تنقذ الناس ولأنها تصور الطائرات الروسية، وهي ترمي الغازات الكيماوية فوق الأسواق والبلدات لإرهاب الناس ودفعهم للاستسلام لنظام الأسد ولأجهزة مخابراته.
النظام حشد ميليشياته الطائفية حول إدلب منذ شهر، وهو ينتظر موسمًا جديدًا للقتل، وللتعفيش، فالمذابح هي نصيب هذه المنطقة، منذ مذابح حلب وحماة وإدلب في الثمانينيات، فمذبحة جسر الشغور مثلًا، التي قام بها علي حيدر قائد الوحدات الخاصة في التاسع من آذار عام 1980، قتل فيها أكثر من 200 مواطن ممن تجرؤوا على التظاهر ضد نظام الأسد الأب، مؤسس هذا الخراب الذي يحل ببلادنا اليوم وتؤججه قمة طهران.
ويذكر أن علي حيدر، وبعد أن طرده حافظ الأسد، تفرغ للعبادة في أحد جوامع قرى طرطوس، وهو ينتقد مذابح بشار الأسد التي لا ترتقي إلى مهارة أبيه ومهارته الشخصية في القتل، فحرب بشار الأسد كما كان يردد في بداية الثورة السورية مكلفة، وتتسبب بقتل أعداد كبيرة من ضباط الجيش، الذي كان يرأس الوحدات الخاصة فيه، والتي كان لها دور بارز في مذابح حلب، وحماة، ولم تقصّر مع الأشقاء اللبنانيين قتلًا، وإذلالًا، وتعفيشًا خلال عقود طويلة!
اجتمع مجلس الأمن بعد انتهاء قمة طهران، وطالب المتحدثون فيه بأن تكف روسيا، وايران عن التورط اكثر في الدماء السورية. والمنظمات الأممية ناشدت روسيا بأن تكف عن قصف المدنيين وقتلهم، سواء بالقذائف، أو بالصواريخ، أو بالكيماوي، ولكن المندوب الروسي صوّر ذلك بأنه محاربة للإرهاب، ومن أجل عودة الشرعية إلى نظام الأسد!
مشاهدة أخيرة: خرج الرئيس الروسي ووزير خارجيته من اجتماع قمة طهران وهما يلوكان شيئًا ما في أفواههم، لعله شواء إيراني، أو شواء من بقايا إحدى ضحايا القصف الروسي في إدلب، وهما يتذوقانه، ويطلبان المزيد منه!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :