قضبان وزارتي التعليم والدفاع تحاصر شباب سوريا
دمشق – ماري العمر
بين إلغاء الدورة التكميلية في الجامعات السورية، وفرض موافقة كشرط للراغبين بالسفر إلى خارج البلاد، يجد آلاف الشباب السوريين أنفسهم محاصرين بين قضبان القرارات التعسفية، التي تفتح لهم بابًا واحدًا ينتهي بالانضمام إلى صفوف الجيش.
بعد أيام على إصدار الحكومة السورية قرارًا يقضي بإلغاء الدورة التكميلية في الجامعات للعام الدراسي 2018- 2019، ألحقت الحكومة قرارها بإجراءات جديدة، تمنع سفر مئات الشباب الذين انتهى تأجيل خدمتهم في الجيش، وتفرض عليهم الحصول على موافقة سفر من شعب التجنيد.
ونقلت صحيفة “الوطن” عن مصدر في “إدارة الهجرة والجوازات” بداية أيلول الحالي، أن القرار صدر من وزارة الدفاع، ويقضي بالحصول على “موافقة سفر” من شعبة التجنيد لكل من يتراوح عمره بين 17 و42 عامًا عند مغادرة البلاد، ويستهدف أولًا الطلاب الجامعيين بعد انتهاء رخصة تأجيلهم لخدمة الجيش، وحرمانهم من الدورة التكميلية.
كما يتوجب على كل من أراد الحصول على جواز سفر أو تجديده دفع مبلغ 50 ألف ليرة سورية للبنك كتأمين خروج.
أعادت إدارة الهجرة تطبيق المرسوم رقم 30 لعام 2007، الذي لم يسمح للسوريين ومن في حكمهم الذين أتموا 17 ولم يتجاوزوا 42 عامًا بمغادرة سوريا إلا بموافقة مسبقة من مديرية التجنيد العامة ومناطقها والشعَب التابعة لها، وضمن شروط.
وتتلخص الشروط بـ:
أ- تقديم كفالة مالية أو عقارية أو تجارية أو صناعية أو زراعية أو كفالة ضابط أو موظف أو عامل دائم من الفئة الأولى مستحق لمعاش تقاعدي لقريب من الدرجة الأولى.
ب- تحدد قيمة الكفالة حسب فئات المكلفين وسبب السفر وفقًا للنظام.
ج- يجوز لأعضاء البعثات الرياضية والعلمية والفنية المرخص لها رسميًا مغادرة البلاد دون كفالة، شرط تقديم ضمانات كافية يعود تقديرها إلى مديرية التجنيد العامة.
د- لا يحول تحصيل قيمة الكفالة دون ملاحقة المكلف المكفول المتخلف عن السوق بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون.
القرار الملزم بالحصول على موافقة سفر، تم تطبيقه فور صدوره من دون أي إعلان أو إنذار مسبق، ما أحدث حالة من الإرباك على المراكز الحدودية وفي المطار، إذ لم يبلّغ المسافرون به قبل مدة محددة، وتم منع المئات من المغادرة، ما اضطرهم لخسارة حجوزات سفرهم والأموال التي دفعوها.
القراران يحاصران شباب البلد
عمر، طالب جامعي في فرع الهندسة الميكانيكية، يقول لعنب بلدي، إنه لم يعد يستطيع إكمال جامعته والاستفادة من السنوات التي بذلها في الدراسة، بعدما ألغت وزارة التعليم العالي الدورة التكميلية لهذا العام وبشكل مفاجئ وتعسفي، كما أنه لا يستطيع الحصول على موافقة سفر.
ويصف عمر شروط الدوائر الحكومية بالتعجيزية، وخاصة أنه كان طالبًا في الفترة الماضية، ولا يستطيع تأمين المبلغ المطلوب، وأهله فقراء لا يملكون المال أيضًا.
ويتساءل كيف سيحصل على موافقة سفر، والالتحاق بصفوف الجيش بات أمرًا مفروضًا عليه، وفي نفس الوقت يصر على السفر ليعيل أهله “المعدمين” بعدما خسر دراسته وذهبت سنوات الدراسة سدى، بحسب وصفه.
ولا تهدد تلك القرارات مستقبل المؤجلين للخدمة الإلزامية، بل تلاحق أهم فئات المجتمع من الشباب المطلوبين لخدمة الاحتياط، حتى لو كانوا موظفين أو أصحاب شهادات أو مسؤولين عن عائلة وأطفال.
المخابرات تكمم الأفواه المعارضة
المهندس أحمد من سكان دمشق، يقف أمام شعبة التجنيد آملًا بالحصول على موافقة سفر، ولكنه مطلوب للاحتياط وما عاد بمقدوره أن يسافر بناءً على تلك القرارات.
“لسنا قادرين على الالتحاق بصفوف الجيش ولا نستطيع السفر، لقد حاصرونا ودمروا مستقبلنا”. وفوق ذلك فقد ألغى أحمد فكرة السفر بسبب سوء معاملة الموظفين في الشعبة وقال “ألا يكفينا ما لقينا من قرارات وهموم حتى نلقى هذه المعاملة؟”.
الشبان الغاضبون من قرارات مصيرية تهدد حياتهم لا يقدرون حتى على الاعتراض أو إبداء رأيهم بما أملي عليهم، خاصة بعد تجربتهم بالمظاهرة التي طالبت بالدورة التكميلية وما لقوه من الأمن السوري.
يقول عمر إن رفاقه طالبوا المعنيين وبشكل سلمي عبر مظاهرة في ساحة الأمويين، بالتراجع عن قرار إلغاء الدورة التكميلية، لكنهم تعرضوا للاعتقال والتهديد من المخابرات بسجنهم إذا تجرؤوا مرة أخرى على ذلك، “فكيف لنا أن نتجرأ ونطالب بأي وسيلة كانت بتعديل أو إلغاء قرار منع السفر وخاصة أنه صادر عن وزارة الدفاع وليس عن وزارة التعليم العالي”.
يسعى الشباب ممن لم يبلغوا سن الـ 18 إلى السفر خارج سوريا هربًا من الخدمة الإلزامية والملاحقات الأمنية، رغم قلة البلدان التي لا تزال تستقبل سوريين.
وكان القاضي الشرعي الأول في دمشق، محمود المعراوي، قال، مطلع العام الحالي، إن نسبة القاصرين المسافرين خارج البلد تزداد باستمرار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :