وادي جهنم.. مركز بحوث علمية سري في جبال الساحل
في جبال الساحل السوري وتحديدًا بمنطقة العرقوب على طريق القدموس- بانياس، أنشأ النظام السوري مركزًا سريًا للبحوث العلمية بعد عام 2011، مستغلًا الطبيعة الجغرافية التي تتميز بها المنطقة من وديان ومرتفعات، والتركيبة الطائفية التي تقطن فيها، والتي تشكل بيئة آمنة على خلاف المناطق السورية الأخرى.
وتعرف طبيعة عمل مراكز البحوث العلمية التابعة للنظام بالسرية التامة، ورغم الميزات التي يحصل عليها العاملون فيها، إلا أنهم يتعرضون لتشديد أمني كبير، وهم مجبرون على عدم الإفصاح عن نوعية الأعمال التي يقومون بها، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل تُراقب تحركاتهم في أوقات الدوام اليومي.
وبحسب ما قال موظف عمل سابقًا في مركز جمرايا لعنب بلدي، توضع كاميرات فوق مكاتب الموظفين ويمنع إدخال أي جهاز هاتف في أثناء العمل.
منشأة سرية لإيران
يعتبر مركز “وادي جهنم” والذي تعود تسميته إلى منطقة وادي جهنم السياحية بريف طرطوس من أبرز المواقع العسكرية للنظام السوري، ومن أهم منشآت تصنيع المواد الكيماوية، ورغم ارتباطه بالنظام في الظاهر، إلا أنه يعتبر منشأة إيرانية “سرية” لتصنيع صواريخ أرض- أرض بحسب ما أظهرته صور أقمار صناعية نشرها موقع “ISI” الإسرائيلي.
وتحدث الموقع، في 30 من آب الماضي، عن مصنع للصواريخ من نوع “أرض- أرض” أنشأته إيران قرب مدينة بانياس الساحلية في سوريا.
وبحسب ما ترجمت عنب بلدي عن الموقع، فإن المصنع الإيراني يتركز في منطقة وادي جهنم بالقرب من بانياس، وهو منشأة تصنيع وتجميع لأنواع مختلفة من الصواريخ بعيدة المدى (SSM)، وعرض الموقع صورًا من الأقمار الصناعية للمنشأة الإيرانية، وقال إن لها خصائص بصرية كمنشأتي بارشين وخوجير الإيرانيتين، المرتبطتين ببرامج طهران للصواريخ البالستية والأسلحة النووية.
وأضاف الموقع أن مصنع الصواريخ الإيراني قرب بانياس في مراحله النهائية من البناء، مقدرًا موعد انتهائه بالأشهر الأولى من عام 2019.
يومان مرا على حديث الموقع الإسرائيلي حتى استهدفت هجمات صاروخية المنطقة المحيطة بالمركز، 4 من أيلول 2018، وقالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إن الدفاعات الجوية السورية أسقطت صواريخ أطلقتها طائرات إسرائيلية على منطقة وادي العيون بريف حماة الغربي.
ونقلت الوكالة عن سكان محليين أن بقايا الصواريخ سقطت قرب بلدتي الناصرة وضهر القصير في ريف حمص الغربي، ورغم عدم تحديد الموقع الرئيسي الذي استهدفته الصواريخ، إلا أن شبكات موالية أشارت إلى المنطقة التي يتركز فيها مركز البحوث بريف طرطوس.
وبحسب ما رصدت عنب بلدي، يتولى العميد غسان عباس إدارة مركز البحوث في وادي جهنم، وهو مسؤول برنامج التسليح الكيماوي، ووضع في عام 2015 على قائمة العقوبات الأمريكية على النظام السوري.
ويتبع “وادي جهنم” للمعهد 4000 في منطقة مصياف بريف حماة الغربي، والذي يتركز العمل فيه بمنتجات عسكرية من المواد المتفجرة وحتى بعض المنتجات العسكرية كالقذائف والبنادق والصواريخ البالستية.
معلم سياحي حُوّل لـ”جهنم”
تحيط بـ”وادي جهنم” عدة قرى بينها الدي، جارة الوادي، الدويلية، باب النور، ويعرف بمعامله السياحية في منطقة الساحل، وكان مقصدًا لعدد من السياح في السنوات التي سبقت انطلاقة الثورة السورية.
عرف الوادي سابقًا باسم وادي الهنيدات، وتحول فيما بعد إلى “وادي جهنم” على خلفية المعارك التي دارت ضد “الاحتلال الفرنسي”، والتي قادها حينها صالح العلي، بحسب ما تحدثت شبكات موالية عبر “فيس بوك”، وتوجد رواية أخرى أن اسمه جاء من طبيعته الجغرافية المتميزة بالوعورة والعمق.
وينطلق الوادي من وادي الكوكعي حتى موقع وادي اللتاتيت، وينتهي في وادي البلوطية نسبة للقرية التي يمر بها.
يتميز بعمقه الشديد الذي يزيد على 700 متر، وتنتشر على سفوحه غابة عملاقة من أشجار الغار، والسنديان، والبلوط وبمساحة تزيد على 600 دونم.
هدف جديد لإسرائيل
وكانت القناة الثانية الإسرائيلية أشارت، في آب العام الماضي، إلى أن إيران بدأت ببناء مصنع للصواريخ بعيدة المدى في شمالي غربي سوريا، وفي تقرير حينها أظهر صورًا قال إن قمرًا صناعيًا إسرائيليًا التقطها، وتظهر موقع المصنع قرب مدينة بانياس على الساحل.
وأوضح التقرير أن “بعض الإنشاءات تشير إلى أن متفجرات ستخزن هناك”.
وتخشى إسرائيل من بسط إيران نفوذها في سوريا وإنشاء قواعد عسكرية، وزاد على ذلك الاتفاقية الدفاعية الأخيرة التي أعلن عنها النظام السوري مع إيران بعد زيارة وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي إلى دمشق.
وأشار الموقع الإسرائيلي إلى نقطة أساسية هي أن المصنع الإيراني قرب بانياس يقع ضمن النطاق التشغيلي لعمليات نشر منظومة “S-400” الروسية.
وقال إن إيران تستغل القدرات الدفاعية لروسيا في بناء المصنع الخاص بها، كخطوة لإبعاد أي هجوم إسرائيلي عليه.
وبحسب تقييم الموقع، من المحتمل أن تواصل إيران بناء المزيد من مصانع صواريخ “أرض- أرض”، باستخدام الوجود العسكري الروسي الذي يتجه أيضًا لنشر منظوماته.
ما هي مراكز البحوث في سوريا؟
مركز جمرايا هو أحد مراكز البحوث العلمية التي تجري فيها الدراسات والأبحاث لتطوير الأسلحة وتخزينها.
وبحسب ما نقل موقع “الآن” عن موظف سابق منشق فإن مراكز البحوث العلمية مقسمة إلى فروع ترتبط ارتباطًا مباشرًا مع القصر الجمهوري، وهي:
– “المعهد ألف”، الواقع في دمشق وهو المسؤول عن إنتاج الأنظمة الإلكترونية والحاسوبية وتطويرها.
– “المعهد ألفان”، وهو أيضًا في دمشق مسؤول عن أمور تتعلق بالتطوير الميكانيكي، من إنتاج قاذفات ومحركات صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
– “المعهد ثلاثة آلاف”، يقع في برزة شرقي دمشق، ومهمته تطوير الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وتصنيعها.
– “الفرع 450″، وهو المسؤول عن تخزين الأسلحة وتعود تبعيته للقصر الجمهوري مباشرة.
– “المعهد أربعة آلاف”، يقع في منطقة السفيرة في حلب يشرف على مشاريع الطيران، وهو المسؤول الأول عن كل برامج الصواريخ والقذائف، لكن النظام نقل أعماله بعد معاركه مع المعارضة في المنطقة إلى مصياف في ريف حماة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :