تعتمد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” على دعم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والحكومات الإقليمية، في تمويل أعمالها وأنشطتها، وتشكل هذه المصادر أكثر من 92% من المساهمات المالية للوكالة، بينما يتم تمويل ما تبقى من احتياجات الوكالة عبر تبرعات الأفراد.
وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية الجهات الداعمة، وتمول نحو خُمسي احتياجات الوكالة الأممية، وفق تقرير صادر عن “أونروا” عام 2013.
وكان لإعلان الولايات المتحدة نهاية العام الماضي تقليص دعمها للمنظمة أثر كبير في تعطيل الكثير من المشاريع المقدمة لصالح نحو ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ودول الشرق الأوسط.
اليوم، ومع إعلان الإدارة الأمريكية قطع تمويلها الذي يبلغ 300 مليون دولار أمريكي سنويًا بشكل كامل للوكالة، بات من المفترض البحث عن بدائل لاستمرار العمل ودعم اللاجئين الفلسطيين حول العالم.
من يملأ الفراغ؟
أطلقت “أونروا” في كانون الماضي، حملة بعنوان “الكرامة لا تقدر بثمن” استجابة لتقليص “غير مسبوق” في الدعم المقدم لها.
وقالت الوكالة عبر موقعها الرسمي إن “لاجئي فلسطين يستحقون تضامننا الجماعي لحماية كرامتهم وذلك من خلال توفير المساعدات الغذائية الطارئة للفئات الأكثر حاجة ومن خلال عدم تعطيل التعليم لأطفالهم والرعاية الصحية لأفراد عائلاتهم”.
بالإضافة إلى هذه الحملة سعت “أونروا” إلى جمع تبرعات من دول كثيرة حول العالم، وحصلت على دعم من قطر والمملكة العربية السعودية والكويت لسد العجز المالي، رغم ذلك فإنها لم تحصل سوى على جزء يسير مما كانت الولايات المتحدة تقدمه.
وبحسب رسال مفتوحة من مفوض “أونروا”، بيير كرينبول، نشرها الموقع الرسمي للوكالة في الأول من أيلول الحالي، فإنها تعاني من عجز كبير لا تتمكن بموجبه إكمال أعمالها للعام الحالي.
وجاء في الرسالة، “إننا لا نزال بحاجة ماسة إلى أكثر من 200 مليون دولار من أجل النجاة من أزمة هذا العام، وندعو جميع المانحين إلى إدامة الحشد الجماعي من أجل النجاح في هذا المسعى الحاسم”.
الأردن، وعلى اعتبارها واحدة من أكثر الدول تضررًا من القرار الأمريكي، نظمت مؤتمرًا برعاية أردنية سويدية، وبرعاية الاتحاد الأوروبي واليابان وتركيا نهاية الشهر الحالي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف حشد الدعم المالي والسياسي للأونروا.
ورغم التحركات الحثيثة للوكالة والدول المضررة من القرار إضافة إلى السلطة الفلسطينية، فإن الدعم الدولي لا يبدو حتى اليوم على مستوى أزمة العام الأول، ما ينذر بصعوبة حشد دعم دائم يضاهي ما قدمته أمريكا منذ تأسيس الوكالة عام 1949.
قرار سياسي
إلى جانب سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في تقليص مخصصات الدعم الخارجي عمومًا، لكن قضية “أونروا” تحديدًا هي قضية سياسية بالدرجة الأولى، وهو ما أكدته تقارير وسائل إعلام أمريكية، وجهت اتهامات لصهر ترامب، جاريد كوشنير، بالوقوف وراء القرار دعمًا لإسرائيل، وفي محاولة لإنهاء قضية حق العودة وتمرير “صفقة القرن”.
مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، نشرت في 3 من آب الماضي، مضمون تسريبات لرسائل بالبريد الإلكتروني أرسلها كوشنير إلى مسؤولين أمريكيين، اعتبر فيها أن أونروا “تبقي الوضع الراهن على ما هو عليه، وهي فاسدة وغير فعالة ولا تساعد على السلام”، وأضاف “من المهم أن يكون هناك جهد صادق ومخلص لتعطيل الأونروا”.
المجلة اعتبرت أن تحركات صهر ترامب في قضية “أونروا” جزء من خطة “سلام للشرق الأوسط يعمل عليها منذ 18 شهرًا”، في إشارة إلى “صفقة القرن”.
ونظرًا للأساس السياسي لقضية وقف دعم “أونروا” فإن تمويلها وتعويض النقص في مخصصاتها المالية يتوقف على اعتبارات سياسية أيضًا لدى الدول المانحة الأخرى، وهو ما يصعّب ردم الفجوة المالية الكبيرة.
–