يتواصل الحصار المفروض على مخيم الركبان الحدودي مع الأردن، وسط استغلال معاناته من قبل الأطراف الدولية اللاعبة في سوريا.
وبعد أن كان المخيم ملاذًا للفارين من جحيم المعارك، بات ورقة ضغط تتقاذفها الجهات الدولية مع النظام السوري، لتمرير أجنداتها السياسية على حساب عشرات آلاف اللاجئين السوريين.
الحصار يهدد حياة اللاجئين
وأفاد مدير شبكة “البادية 24″، عبد الله عبد الكريم، في حديث إلى عنب بلدي، اليوم الأحد 2 من أيلول، أن المخيم محاصر من جوانبه كافة، بعد إغلاق المنفذ الواصل إلى الأردن بضغط روسي، وإغلاق طريق الضمير من قبل قوات الأسد.
وأضاف عبد الكريم أن إغلاق طريق الضمير في حزيران الماضي، فاقم معاناة المخيم، خاصة مع اعتباره الطريق الوحيد أمام القوافل الإغاثية التابعة لمنظمة “الصليب الأحمر”.
المخيم يقع في منطقة الركبان على الحدود السورية- الأردنية، وهي منطقة صحراوية وتعتبر امتدادًا للبادية السورية، وتسطير عليها فصائل المعارضة بدعم من التحالف الدولي.
وحذر عبد الكريم من كارثة إنسانية تنتظر اللاجئين مع مواصلة الحصار وتدهور الأوضاع الصحية والغذائية داخل المخيم، لاسيما بعد إطلاق عدة نداءات استغاثة من النقاط الطبية في المخيم.
يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أسواق المخيم، وإغلاق العديد من المحال التجارية نظرًا لانقطاع المواد عنها، علاوة على موجات الحر التي ترافقت مع الحصار.
وكان قائد “جيش مغاوير الثورة” العامل في قاعدة التنف، منهد الطلاع، قال لعنب بلدي، في آب الماضي، إن قوات الأسد منعت دخول المواد الغذائية للمخيم نهاية تموز الماضي، بالتزامن مع انقطاع أي وسيلة لإيصالها للمنطقة.
وجاء منع دخول المساعدات بعد السيطرة الكاملة على الجنوب السوري، المتمثل بمحافظتي درعا والقنيطرة.
وقالت مصادر إعلامية من المخيم لعنب بلدي إن قوات الأسد منعت المساعدات، في خطوة للضغط على الأهالي للخروج من المخيم باتجاه المناطق التي تسيطر عليها بموجب اتفاقيات “تسوية” و”مصالحة”.
الأطراف الدولية والأسد يحاصرون المخيم
الحكومة الروسية اتهمت مرارًا الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تتخذ من منطقة الركبان منطلقًا لتدريب فصائل المعارضة، والتي تسميها موسكو “الجماعات الإرهابية”، وزاد حصارها على المخيم قبل شهرين بحجة الضغط على واشنطن للخروج من المنطقة.
لكن التصريحات الروسية تبدو متناقضة حيال ملف المخيم، وكان آخرها تصريح وزير الخارجية، سيرغي لافروف، قبل يومين، إذ قال “في سياق اتصالاتنا الأخيرة مع الأمريكيين، يبدو أن هناك تفاهمًا حول ضرورة فتح مخيم الركبان في أقرب وقت ممكن، وبرعاية الأمم المتحدة، لسحب اللاجئين من هناك حتى يتمكنوا من العودة إلى منازلهم”.
لافروف أضاف أن واشنطن “لا تسمح حتى بوصول موظفي الأمم المتحدة إلى تلك المنطقة وتعرقل إيصال المساعدات الإنسانية، ولكن المسلحين من هذا المخيم، بما في ذلك (جبهة النصرة)، يشنون هجمات دورية على المناطق المحررة في هذا الجزء من سوريا”.
ولطالما اتهم النظام السوري وحليفه الروسي نازحي مخيم الركبان بالانتماء لمنظمات “إرهابية”، وتنفيذ هجمات انطلاقًا من المخيم الذي يخضع لسيطرة جيش “أسود الشرقية” التابع لـ “الجيش الحر”.
ويدير المخيم مجلس مدني محلي، من وجهاء وشيوخ العشائر في المنطقة، والفعاليات المدنية.
ولم يعلق الجانب الأمريكي على الاتهامات الروسية.
وما زال المخيم يفتقر لأدنى مقومات الحياة الطبيعية، بحسب عبد الكريم، ويزيد ذلك الصمت الدولي والأممي عن مأساة النازحين، وخاصة وأن آخر قافلة أممية دخلت المخيم كانت في منتصف أيار الماضي.
ويعتبر اللاجئون الضغوطات الروسية والسورية محاولة لإجبارهم على العودة إلى مناطق سيطرة الأسد.
ويقع مخيم الركبان في منطقة صحراوية على الحدود السورية- الأردنية قرب منطقة التنف، أنشئ في 2014، ويعيش فيه أكثر من 70 ألف نازح سوري، ينحدر معظمهم من أرياف الرقة ودير الزور وحمص وحماة.
وتعتبر الأردن أن مشاكل المخيم مسألة سورية وليست أردنية، كونه واقعًا على الأراضي السورية، ورفضت أكثر من مرة إدخال مساعدات إليه، خوفًا من دخول لاجئين منه إلى المملكة.
كما شددت الرقابة على الحدود، خاصة عقب الهجوم الذي استهدف موقعًا عسكريًا أردنيًا فيها عام 2017.
وفي عام 2017 لم تستطع الأمم المتحدة إدخال سوى دفعتين من المساعدات الإغاثية إلى المخيم، كما سمحت الأردن، مطلع العام الحالي، بدخول مساعدات لمرة واحدة فقط.
وبحسب المصادر شهد المخيم موجات نزوح بالمئات في الفترة الماضية، إلى مناطق سيطرة النظام السوري، بسبب الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه والتهديد العسكري المحيط به.
وينتشر في محيط المخيم فصيلا “الشهيد أحمد العبدو” و”مغاوير الثورة”، التابعان لـ “الجيش الحر” والمدعومان أمريكيًا.