التهاب البنكرياس.. حالة مرضية قد تهدد الحياة

  • 2018/09/02
  • 11:46 ص
التهاب البنكرياس

د. أكرم خولاني

آلام البطن مشكلة طبية شائعة ومتعددة الأسباب، وأحد تلك الأسباب هو التهاب البنكرياس، وإن كانت هذه الحالة نادرة نوعًا ما، إلا أنها على درجة عالية من الخطورة، كما أن تشخيصها قد يكون صعبًا في بعض الأحيان، لذلك لا بد من التعريف بها وبأعراضها وبأهم الأسباب المؤدية إليها لتجنب ما يمكن تجنبه منها.

ما هو البنكرياس

البنكرياس أو المعثكلة، هي غدة طويلة مسطحة، ذات لون وردي مائل إلى الأصفر، يتراوح طولها ما بين 14 و20سم، وعرضها حوالي 38 سم، وسمكها حوالي 25 سم، تأخذ موقعًا عرضيًا خلف المعدة.

وللبنكرياس وظيفتان:

  1. إفراز إنزيمات هضمية قوية الفاعلية إلى داخل الأمعاء الدقيقة تساعد على هضم الكربوهيدرات والبروتينات والدهون.
  2. إطلاق هرمونيّ الأنسولين والغلوكاغون إلى مجرى الدم، وهذان الهرمونان مسؤولان عن معالجة السكريات داخل مجرى الدم، ويقومان بتنظيم عملية تخزين الطعام في الجسم واستخدامه لاحقًا لإنتاج الطاقة.

ما المقصود بالتهاب البنكرياس؟

مرض التهابي يصيب غدة البنكرياس، ينقسم إلى النوع الحاد، والذي يظهر فجأة ويستمر لأيام عدة، والنوع المزمن، والذي يستمر لمدة أعوام.

كما يتراوح التهاب البنكرياس بين حالات بسيطة تشفى من تلقاء نفسها، وأخرى شديدة قد تكون مهددة للحياة.

وهو يصيب حوالي ثلاثة أشخاص من كل 10 آلاف شخص في السنة، كما أنه أكثر شيوعًا لدى الرجال منه لدى النساء.

ما أسباب الإصابة بالتهاب البنكرياس؟

السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد هو وجود حصيات في كيس المرارة، ومن بين المسببات الأخرى: الإفراط في شرب الكحول، تناول بعض الأدوية كالبريدنيزولون وخافضات السكر الفموية والأزوثيوبرين، وحمض الفالبرويك وأدوية نقص المناعة المكتسبة، اختلال توازن دهنيات الدم (زيادة الدهون الثلاثية)، العدوى بفيروسات النكاف أو كوكساكي أو الهربس أو ببعض الجراثيم أو الفطريات، الخضوع لعملية جراحية أو التعرض لإصابة في تجويف البطن، ويبقى 10-15% من الأشخاص الذين يصابون بالتهاب حاد في البنكرياس ولا يتم الكشف عن المسبب الحقيقي الدقيق للمرض.

أما العامل المسبب الرئيسي لالتهاب البنكرياس المزمن فهو الإفراط في تناول المشروبات الكحولية خلال فترة زمنية طويلة، وفي حالات أخرى قد تكون العوامل المسببة لالتهاب البنكرياس المزمن: اضطرابات في عملية الاستقلاب على خلفية وراثية، وقد لا تكون معروفة إطلاقًا في أحيان أخرى، علمًا أن الرجال أكثر عرضة من النساء للإصابة بحالات الالتهاب المزمن في البنكرياس، وخاصة الرجال في سن 35-40 عامًا.

ما أعراض الإصابة بالتهاب البنكرياس؟

من أكثر أعراض التهاب البنكرياس الحاد شيوعًا آلام بالجزء العلوي من البطن فوق المعدة، وألم حارق في الربع الأيسر العلوي من البطن يرتد إلى الظهر بشكل زناري، مع غثيان وإقياءات مستمرة، وارتفاع حرارة.

يشتد الغثيان والإقياء بعد تناول الطعام وخاصة الأغذية الغنية بالدهنيات، ويكون الألم البطني ثابتًا، فيظهر المريض متوعكًا ومهتاجًا، وغالبًا ما يلجأ لاتخاذ وضعية تسكينية، فيعطف الفخذين والساقين على البطن ويجلس مضطجعًا على أحد الجانبين.

وبالفحص السريري قد يكون ضغط الدم مرتفعًا بوجود الألم، وقد ينخفض إذا حدث تجفاف أو نزيف، كما ترتفع نبضات القلب ومعدل التنفس أيضًا، وقد تخفت أصوات الأمعاء بسبب وجود شلل لا إرادي للأمعاء، وقد يلاحظ وجود اليرقان.

أما التهاب البنكرياس المزمن فيتظاهر بألم في الجزء العلوي من البطن، وفقدان غير مبرر للوزن، وإخراج براز دهني ذي رائحة كريهة وذلك بسبب نقص إنزيمات البنكرياس الضرورية لعملية الهضم، وقد يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري أو سرطان البنكرياس.

كيف يتم تشخيص الإصابة بالتهاب البنكرياس؟

يتطلب التشخيص تحقيق معيارين من المعايير الثلاثة الآتية:

  1. بدء ألم حاد مميز في المنطقة الفوق معدية أو ألم مبهم في البطن قد يمتد إلى الظهر (انظر للعلامات والأعراض).
  2. مستويات مصل الأميلاز أو الليباز تكون أكثر أو مساوية لثلاثة أضعاف الحد الأعلى الطبيعي، علمًا أن الأميلاز والليباز هما إنزيمان تفرزهما غدة البنكرياس، ويعتبر الارتفاع في الليباز مؤشرًا مهمًا لالتهاب البنكرياس لما له من نوعية أكبر ويبقى في الدم لمدة أطول.
  3. دراسة تصويرية مع تغييرات مميزة، أشعة مقطعية، أو أمواج فوق صوتية للبطن، أو أمواج فوق صوتية بالتنظير الداخلي، أو تصوير الأقنية الصفراوية والبنكرياسية بالطريق الراجع (ERCP)، أو تصوير الأقنية الصفراوية والبنكرياسية بالرنين المغناطيسي (MRCP).

وقد يلاحظ مخبريًا: كثرة الكريات البيض، فرط سكر الدم، بيلة غلوكوزية، نقص كلس الدم، فرط بيليروبين الدم، ارتفاع ناقلة الببتيد غاما غلوتاميل.

كيف يعالج التهاب البنكرياس؟

يتم علاج التهاب البنكرياس الحاد في المستشفى، ويتم وضع المريض على حمية فموية مطلقة مع تدبير داعم من خلال استخدام الإماهة الوريدية، والسيطرة على الألم، وإراحة الامعاء، وتتراجع الهجمة في غضون 2-7 أيام، ويباشر بإعادة الإطعام عند عودة مستوى أميلاز المصل إلى الطبيعي وزوال الأعراض السريرية، وقد تكون هناك حاجة للتغذية الوريدية في الهجمات الطويلة.

وفي حالات القيء المستعصي يستطب إجراء شفط أنفي معدي للمساعدة على إراحة الأمعاء والبنكرياس عن طريق وضع حد لإفرازات المعدة في الاثني عشري، وهو المنشط الأقوى لتحريض إفراز البنكرياس.

في 20% من الحالات تكون هنالك حاجة إلى معالجة الالتهاب الحاد في قسم العناية المشددة، إذ إن التهاب البنكرياس الحاد قد يسبب أضرارًا في القلب، وفي الرئتين، وفي الكليتين. بعض الحالات الأشد حدة وخطورة من الالتهاب الحاد في البنكرياس قد تسبب تلف وموت أنسجة البنكرياس (النخر)، وفي بعض الحالات الحادة والخطيرة للغاية قد يتم إجراء عملية جراحية لاستئصال الأنسجة المصابة في حال تطور التهاب ثانوي.

وقد يكون سبب النوبة الحادة من التهابات البنكرياس هو وجود الحصى في كيس المرارة، ما يستوجب، غالبًا، استئصال المرارة أو إجراء تصوير الأقنية الصفراوية والبنكرياسية بالطريق الراجع (ERCP).

أما علاج التهاب البنكرياس المزمن فيتم بإعطاء علاجات تحتوي على إنزيمات البنكرياس، أو على الإنسولين، إذا كان البنكرياس غير قادر على إفراز هذه المواد، ويتم إعطاء إنزيمات البنكرياس على شكل أقراص فموية يجب تناولها مع وجبة الطعام من أجل تحسين القدرة على امتصاص المواد المغذية، كما أن الحفاظ على نظام غذائي يحتوي على مستويات منخفضة من الدهون قد يساعد أيضًا، وقد نلجأ إلى التدخلات الجراحية عند المرضى الذين يعانون من التهاب البنكرياس المزمن أو الناكس، وتتضمن استطبابات التدخل الجراحي: العلاج الطبي المحافظ غير الناجح، والآلام المستعصية، وضعف التغذية، والإدمان على المسكنات.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية