إدلب الروسية-التركية-الإيرانية

  • 2018/08/31
  • 12:11 م
مهند الحاج علي

مهند الحاج علي

مهند الحاج علي – المدن

تستضيف طهران في السابع من سبتمبر المقبل قمة بين الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان. هي قمة استثنائية قد تحمل قرارات مصيرية حول سوريا، لكنها، وبشكل لافت، خالية من السوريين. ذاك أن الرئيسين الإيراني والروسي اليوم هما اليوم والدا الرئيس السوري بشار الأسد، بالتبني، في حين يُمسك أردوغان بخيوط بقايا المعارضة والثورة السورية. للنظام والدان، لكن المعارضة والثورة أضحت نصف يتيمة.

القمة مصيرية. هي كذلك لأنها ستُحدد مصير إدلب وحوالى مليونين يقيمون في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة و”هيئة تحرير الشام”. كما أنها قد تحسم شكل الحل السياسي المرتقب في مفاوضات أستانة التي تحظى برعاية هذا الثلاثي. والسؤال الأكبر هنا هو هل تحمل هذه القمة مفاجآت من النوع الثقيل، مثل حل سياسي لم نتوقعه، أو تنازل لأنقرة في إدلب لمصلحة روسيا؟ هناك 3 نقاط يجب أخذها في الاعتبار عند بحث هذه الأسئلة.

أولاً، هناك مؤشرات أولية إلى ثبات تركيا، تُقابلها إعلانات رنّانة روسية ونظامية عن العملية العسكرية “المرتقبة”. العملية أشبه بمفاوضات البازار، وكل هذا الكلام التصعيدي خاضع للمفاوضات والتنازلات. وزير الدفاع التركي خلوصي أكار تحدث بوضوح عن هدف تركيا الحفاظ على نظام خفض التصعيد في إدلب، وبالتالي على الأمن البشري فيها، وإيصال المساعدات الإنسانية. لكن أكار أشار أيضاً الى دفع الأطراف الى طاولة المفاوضات لتجنب الحرب في إدلب، وكذلك أكد بوضوح “إن شاء الله، سنمنع هجوماً على إدلب”.

المؤشرات الأخرى عسكرية، من تحصين نقاط المراقبة التركية في محافظة إدلب، وإرسال قوات إضافية، وأيضاً رفع منسوب الدعم العسكري للمعارضة، وفقاً لمصادر تركية معنية. لكن النقاط نفسها ليست كافية من الناحية العسكرية لخوض معركة متكافئة مع الجانب الآخر، ووقف حملته المرتقبة.

ثانياً، الأوراق الروسية في التفاوض مع الجانب التركي متنوعة، وزادت قوة بعد الإجراءات الإقتصادية الأميركية ضد أنقرة. ذاك أن تركيا اليوم إن لم تكُ تحتاج إلى أسواق جديدة لتعويض خسائرها، لن تفتح أبواب أزمة اقتصادية جديدة مع روسيا، وهي شريكة تجارية وسياحية أساسية لأنقرة. نتحدث هنا عن مئتي مليون دولار شهرياً من الصادرات التركية إلى روسيا، تُضاف اليها العائدات السياحية الكبيرة. والواقع أن المفاوض الروسي يضع اليوم تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري على طاولة بحث واحدة، إلى جانب إدلب، ما يجعل المرء يتساءل عمّا إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب جزءاً من الماكينة الروسية. من المنطقي توقع مرونة تركية ما على طاولة المفاوضات، سيما لو قدم الروس تسهيلات اقتصادية.

ثالثاً، هناك قاعدة للحل راسخة بين روسيا وإيران من جهة، وبين تركيا من جهة ثانية. تقضي هذه القاعدة بتبادل أراضٍ، أي السماح للأتراك بتوسيع رقعة المنطقة الخاضعة لإدارتهم (درع الفرات وتوابعها)، مقابل السماح للروس والإيرانيين والنظام المدعوم منهما، بالتقدم في محافظة إدلب. في موازاة ذلك، تبعث تركيا بعض المعارضين السوريين إلى أستانة للمشاركة مع معارضي روسيا ومصر في مفاوضات مع ممثلي النظام السوري. أليس من المنطقي أن تتكرر هذه المعادلة في المأزق الحالي، وبخاصة أن حلفاء تركيا فشلوا حتى الآن في التخلص من “هيئة تحرير الشام”؟

ومثل هذه المعادلة تسمح أيضاً بإقامة منطقة آمنة لاستيعاب أي أعداد جديدة من اللاجئين الوافدين من إدلب، وربما أيضاً بتقدم تركي جديد باتجاه المناطق الكردية.

كل هذه المسائل المصيرية للسوريين ستُبحث في غيابهم، وفي طهران، للأسف!

مقالات متعلقة

صحافة عربية

المزيد من صحافة عربية