“تنفق الشركات العالمية آلاف الدولارات من أجل صناعة ديكور دمار أو تمثيل مشهد حربي.. هنا لا ننفق شيئًا، أرضنا أصبحت مسرحًا دراميًا حيًا”، بهذه العبارة يصف المخرج أحمد إبراهيم أحمد استغلال ركام الحرب في سوريا لأعمال فنية.
يستغل مخرجون في مناطق سيطرة النظام السوري تعرض مناطق كثيرة للدمار، نتيجة القصف المتكرر الذي سبق سيطرة قوات الأسد عليها، لاتخاذها مواقع لتصوير مشاهد لأعمالهم، إذ يجدون فيها “اللوكيشن” المناسب من دون حاجة لصنع ديكورات.
وكان آخر هؤلاء المخرجين جود سعيد، الذي نشرت وكالة “سانا” الرسيمة أمس، الأربعاء 29 من آب، صورًا لفريق عمل فيلمه “نجمة الصبح” في أثناء تصوير بعض مشاهد الفيلم في أحد أنفاق مدينة دوما.
وأدى المشاهد الممثل لجين اسماعيل، ويجسد شخصية “عارف” الذي ينضم لصفوف الثوار، بخلاف شقيقه الذي يؤدي دوره الممثل محمد الأحمد.
وقال اسماعيل لـ”سانا” إن هذا الدور مختلف عنه جسديًا ونفسيًا وسلوكيًا ولكنه مغر، ويمتلك خصوصية إضافة إلى الأماكن التي صور بها كالأنفاق، متوقعًا أن يحظى الفيلم لدى عرضه بإعجاب الجمهور لأنه أنجز بحرفية ودقة عالية، على حد قوله.
ويتناول الفيلم أحداثًا جرت عام 2013 في سوريا عن قصة نساء مختطفات وما يعشنه من صراعات، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
ويتناول فيه جود سعيد قضية المختطفات من وجهة نظر النظام، وسبق أن صور معظم مشاهد الفيلم في ريف اللاذقية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يجد أحد المخرجين نفسه بمنأى عن تكبد عناء تحضير موقع التصوير، نظرًا لوجود المواقع المدمرة أصلًا، فسبق أن قدم جود سعيد وغيره من المخرجين أعمالًا انطلقت من تلك البيئة المدمرة مثل:
فيلم مطر حمص
يعتبر فيلم “مطر حمص” للمخرج جود سعيد من الأفلام التي أثارت جدلًا بسبب تحميله مسؤولية الدمار الذي حدث في مدينة حمص للثوار، وتبرئة النظام.
أنتج الفيلم عام 2016 واتخذ من المناطق التي هجر سكانها ودمرت بشكل شبه كامل في حمص موقعًا لتصوير مشاهده، راويا قصة عائلة تعيش في حمص القديمة، في ظل سيطرة المعارضة المنطقة، ومعاناة تلك العائلة مما اعتبره سعيد “الإرهاب”.
فيلم رجل الثورة
يتحدث المخرج نجدت أنزور بفخر عن تصوير فيلم “رجل الثورة” وكيف أنهاه خلال أسبوعين فقط، ما يعتبره زمنًا قياسيًا، لكنه لم يشر إلى أن مواقع التصوير وجدها جاهزة من دون أن يضطر لزيادة أي ديكور آخر، إذ سبقته المعارك لتدمير تلك المناطق ما جعلها المكان المثالي لتصوير فيلمه.
يروي فيلم “رجل الثورة” قصة صحفي أجنبي يأتي إلى سوريا عن طريق التهريب، باحثًا عن موضوع يحقق له الشهرة، فيصطدم البطل بما يراه في سوريا، ويجد أنه معاكس لما تنقله وسائل الإعلام الأجنبية.
ويبلغ الفيلم قمة تشويه الحقائق بتشويه صورة الهجوم الكيماوي وتقديمه للرأي العام بأنه مفبرك، ويسعى الصحفي الأجنبي، الذي يؤدي شخصيته الممثل سيف الدين سبيعي، إلى معرفة الحقيقة من خلال الانضمام إلى فصائل معارضة.
يؤكد “رجل الثورة” وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وتأليف حسن م يوسف، على دعاية النظام ببراءته من استخدام الكيماوي، ويعطي إثباتات لادعاءاته، ويتهم بالمقابل “الخوذ البيضاء” بالتدبير وفبركة الهجمات الكيماوية عبر وسائل الإعلام.
مسلسل “فوضى”
يقول المخرج سمير حسين “أبهرني مشهد الدمار في مدينة داريا، واستفدنا من الأصوات الناجمة عن قصف المدافع وإطلاق الرصاص حتى أننا أدخلناها في مشاهدنا”.
هكذا وصف مخرج مسلسل “فوضى” الذي عرض في رمضان 2018 حالة تصوير المشاهد الخارجية، التي استفاد فيها من الدمار الذي حل بمدينة داريا، نتيجة قصف قوات الأسد لها على مدى سنوات، بالإضافة إلى تصوير المشاهد الداخلية في أحد منازل حي “القصاع” المحاذي لمدينة “جوبر” والذي كان يتعرض يوميًا للقصف الجوي.
وتظهر أحداث المسلسل المدينة المدمرة بما يتوافق مع رواية النظام، وتمرر رسائل سياسية، إذ تستعرض شوارع داريا وأزقتها المدمرة، وجدرانها التي رسم عليها علم النظام السوري، ليعطي انطباعًا بأن الحي مؤيِّد للنظام، وأن ولاء الأهالي هو الذي تسبب بسقوط الهاون على المدينة من قبل “العصابات الإرهابية”، وأن خروج الأهالي من المدينة هو فقط بسبب الوضع الأمني غير المستقر، وليس بسبب التهجير القسري الذي مورس بحقهم.
https://www.youtube.com/watch?v=GNPpRDDTLxc&t=20s