حذرت الولايات المتحدة الأمريكية نظام الأسد مجددًا من أي هجوم على محافظة إدلب شمالي سوريا، بعد تغير واضح في موقف واشنطن من الملف السوري خلال الأسابيع الأخيرة.
التحذير الأمريكي سبقه الإعلان عن استعداد واشنطن للمشاركة في اجتماع جنيف في أيلول المقبل، والمشاركة بتشكيل اللجنة الدستورية السورية، كما أكدت دعمها لجهود المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بعد أيام على تقديم تبرعات خليجية للمساهمة بإعمار مناطق تحت سيطرة التحالف الدولي في شمالي سوريا.
التحذيرات الأمريكية حول إدلب
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، على الحساب الرسمي للوزارة في “تويتر”، اليوم الأربعاء 29 من آب، “أي هجوم روسي أو سوري على إدلب وأي نوع من التصعيد، فإننا سوف نحمّلهم المسؤولية عن ذلك، خاصة لاستخدام الأسلحة الكيميائية”.
وأضافت، “لذا فإننا نشجع روسيا على توضيح هذه النقطة لدمشق بأننا لن نتسامح مع ذلك”، بحسب تعبيرها.
وتسعى الإدارة الأمريكية، بحسب تصريحاتها الأخيرة، لمنع وقوع هجوم كيماوي على محافظة إدلب، آخر مناطق المعارضة السورية، عبر الضغط على روسيا والنظام السوري، ملوحة بشن ضربات جوية جديدة على النظام في حال تم استخدام الكمياوي، وتتشاطر مع بريطانيا وفرنسا مواقف القلق والتحذير حيال أي هجمات متوقعة.
أما السفيرة كيلي كوري، فقالت خلال كلمتها في مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سوريا على حساب الخارجية الأمريكية في “تويتر“، “نحن قلقون للغاية بشأن التهديدات لأرواح المدنيين في إدلب، إن العمليات العسكرية للنظام السوري في إدلب، لا سيما مع الدعم العسكري الروسي، من شأنها أن تصعد الصراع وتقوض فرص الحل السياسي”.
واعتبرت أن الحل الوحيد الدائم والأفضل للأزمة الإنسانية في سوريا هو من “خلال عملية سياسية ذات مصداقية في جنيف تقود إلى الإصلاح الدستوري والانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تخضع لإشراف الأمم المتحدة، وكذلك المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة أثناء النزاع”، بحسب تعبيرها
وقال ماتيس يوم أمس ردًا على الصحفيين، ”رأيتم إدارتنا تتحرك مرتين بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية (…) أؤكد لكم أن وزارة الخارجية تجري اتصالات نشطة، اتصالات نشطة في الآونة الأخيرة، مع روسيا للاستعانة بها في منع ذلك… الاتصالات مستمرة“، بحسب وكالة رويترز.
تبدل الموقف الأمريكي والاتهامات المتبادلة مع روسيا
واشنطن، التي أعلنت قبل أسابيع عن تخفيض قواتها في سوريا واستعدادها للانسحاب، على خلفيات سياسية واقتصادية، عادت مجددًا لتغيير موقفها من الملف السوري والضغط على روسيا والنظام من أجل تغيير السياسة المتبعة، علاوة على المطالبة بخروج إيران من سوريا.
وتصاعدت حدة التصريحات الأمريكية خلال اليومين الماضيين على خلفيه تحضير النظام وحليفته روسيا من أجل الهجوم على محافظة إدلب، واتهام واشنطن بالتحضير لاستخدام السلاح الكيماوي بالاتفاق مع المعارضة السورية هناك.
لكن الإدارة الأمريكية رفضت الاتهامات الروسية التي تتحدث عن إرسال بوارج وسفن حربية أمريكية محملة بالصواريخ من أجل ضرب سوريا بالتزامن مع التحضير الروسي للهجوم الوشيك على محافظة إدلب، وحذرت واشنطن روسيا وحليفها الأسد من مغبة تلك التهديدات.
قال المتحدث باسم “البنتاغون“، إريك باهون، “إن التقارير الروسية حول تعزيز القدرات العسكرية الأميركية في شرق البحر المتوسط ليست إلا دعاية كاذبة (…) لكن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة غير مستعدة للعمل حال اصدار الرئيس الأمريكي أمرًا باتخاذ مثل تلك الإجراءات”.
ونشرت وزارة الخارجية الأمريكية على حسابها في “تويتر” أمس، “أفادت تقارير البنتاغون أن المدمرة سوليفانز، وهي حاملة صواريخ موجهة، والمدمرة جيسون دنام غادرتا قواعدهما في الولايات المتحدة للانضمام الى حاملة الطائرات هاري ترومان في البحر المتوسط في عملياتها ضد تنظيم داعش”.
وفي سياق التبدلات الأمريكية، فقد أقرت إدارة الرئيس دونالد ترامب، قبل أسبوع، إلغاء مبلغ 200 مليون دولار كان مخصصًا لدعم مشاريع في الشمال السوري، وأعلنت عن تبرعات سعودية- إماراتية لدعم إعادة إعمار المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، المدعومة أمريكيًا.
وتلا ذلك زيارة وفد من التحالف الدولي يترأسه الجنرال باول فنك، شملت مناطق الشدادي بريف الحسكة، ومنبج بريف حلب الشمالي، وهي مناطق سيطرت عليها “قسد” من يد تنظيم “الدولة” خلال العامين الماضيين، تحت قيادة التحالف.
النظام السوري أبدى غضبه من الدعم الأمريكي الأخير عبر بيان له، يتهم واشنطن بدعم من أسماهم “الجماعات الانفصالية” عبر تقديم الدعم لهم، في إشارة لـ “قسد”.
وكان الحلف الثلاثي (أمريكا وبريطانيا وفرنسا) شن ضربات عسكرية محدودة ضد النظام السوري، بحسب ما أعلن الرئيس الأمريكي، ردًا على هجوم كيماوي في مدينة دوما بريف دمشق.
واعتبر الحلفاء أن الضربات “ناجحة وحققت التأثير المطلوب والمراد منها”، وفق تصريحات صدرت عن وزارت دفاع الدول الثلاث، لكن روسيا قللت من أهمية تلك الضربات وأعلنت أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت الكثير من تلك الصواريخ دون توضيح الخسائر الحقيقة من تلك الضربات.