محمد رشدي شربجي
منذ استسلام درعا للأسد وتهجير من رفض المصالحة من أهلها، والحديث يدور حول آخر معاقل الثورة في سوريا، وهي محافظة إدلب، منطقة تخفيف التوتر الأخيرة التي تضاعف سكانها تقريبًا بفعل الهجرات والتهجير الداخلي من مختلف مناطق سوريا.
منذ بداية القرن، فرضت الولايات المتحدة أجندتها على العالم، وهذه الأجندة هي الحرب اللعينة على الإرهاب، التي ما فتئت تتوسع وتكبر حتى ابتلعت واقتلعت دولًا وأممًا وأقوامًا “تصادف” أن جميعها تنتمي إلى الإسلام.
لقد باتت الحرب على الإرهاب بوابة عبور ضرورية للدخول إلى نادي المجتمع الدولي، وإذا كان الإرهاب المعني إسلاميًا، فأنت سعيد الحظ، فالإرهاب الإسلامي مباح الدم والعرض والمال والأهل والمجتمع والماضي والمستقبل، هو ساحة مجانية محببة ومرغوبة ليمارس عليها العالم ساديته، وليجرب عليها أحدث ما تفتق به العقل البشري من أسلحة.
يساعد العالم السادي هذا، طرف مازوخي يتغذى على التعذيب، هو الحركات الجهادية محترفة العدمية والعبث واستدعاء العالم من أقصاه إلى أقصاه للتفنن في إفنائنا، وهو ما يبدو عليه الحال في إدلب اليوم.
فقد فشلت محاولات الأتراك لحل جبهة النصرة وتحييد العناصر الأجنبية فيها فشلًا ذريعًا، وأصر الجولاني على بقاء الأمور كما هي عليه، بل وخرج في خطاب معلنًا تجهيزه للمعركة القادمة ومحذرًا من الأتراك من خلال شرعييه الذين أطلقوا ألسنتهم في تكفيرهم في الفترة الأخيرة، تزامن هذا مع تصريح أمريكي بعدم وجود اتفاق مع روسيا بخصوص إدلب، وتهديد غربي بصيغة التمني لنظام الأسد إن هو استخدم السلاح الكيماوي مرة أخرى.
لا يمكن الجزم بمصير إدلب من الآن، فالمفاوضات الروسية التركية ستحدد مصير المحافظة، وليس من مصلحة روسيا تجاهل المصالح التركية تمامًا في هذا الوقت بالذات، ولكن ما هو واضح حتى الآن، أن الإخوة السلفيين لديهم قدرة عجيبة على الارتطام في نفس الحائط، في نفس المكان كل مرة.