الحج إلى موسكو قبل دمشق

  • 2018/08/24
  • 11:16 ص
مهند الحاج علي

مهند الحاج علي

مهند الحاج علي – المدن

وتيرة زيارات المسؤولين اللبنانيين إلى موسكو خلال الأسبوعين الماضيين ليست بالعادية. تيمور وليد جنبلاط زار روسيا، وهي الثالثة له خلال شهور قليلة، ليلحق به النائب طلال أرسلان، وكلاهما برفقة وفد. وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل كان أيضاً ضيف موسكو هذا الأسبوع، وخلّف وراءه سيلاً من التصريحات لا بد من الوقوف عليها.

في الشكل، فإن للزيارة علاقة مباشرة بالمبادرة الروسية لعودة اللاجئين السوريين الى ديارهم، إذ اعتبرت وسائل الاعلام الموالية للعهد، اللقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف واللبناني جبران باسيل، انطلاقة للخطوات التنفيذية للمبادرة الروسية. وكأن المبادرة الروسية أطروحة دكتوراه، فيها قسم نظري وآخر تطبيقي. المبادرة النظرية انطلقت في 26 الشهر الماضي بعد اللقاء بين الكسندر لافرنتييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي، والرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا، تلتها العملية أو التطبيقية مع زيارة باسيل!

والحال أن حصر الاجتماع بالمبادرة الروسية الأخيرة، ليس واقعياً، سيما لو أخذنا في الاعتبار المعلومات عن امتداد اللقاء بين لافروف وباسيل على مدى ثلاث ساعات ونصف تشمل الغداء والمؤتمر الصحافي أيضاً. والدليل أن تصريحات لافروف وأيضاً مقابلة وكالة “تاس” الروسية مع باسيل، تضمنتا العلاقات الاقتصادية وأيضاً العسكرية بين لبنان والإتحاد الروسي. للمرة الأولى، تطرق وزير الخارجية اللبناني، وهو الممثل الأساسي للعهد، إلى قضية سياسية محورية لا يأتي أحد على ذكرها في لبنان، وستكون سمة المرحلة المقبلة: كيف سيتصرف لبنان الرسمي مع المعارضة السورية بعد انتهاء الحرب، واستئناف العلاقات “المميزة” بين “العهد القوي” من جهة، وبين النظام السوري من جهة ثانية.

بالتزامن مع اتصال الرئيس اللبناني ميشال عون بنظيره السوري بشار الأسد، أدلى وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بتصريح في موسكو لم تتناوله وسائل الاعلام اللبنانية، أو ما تبقى منها، بالجدية المطلوبة. رداً على سؤال عن احتمال انتقال معارضين سوريين الى لبنان بعد انتهاء القتال. والسائل، أي مراسل وكالة “تاس”، حدد بأنه لا يقصد “جبهة النصرة” أو “داعش”. لكن وزير الخارجية اللبناني، وبعد توضيح الصحافي، اعتبر في رده كل من قاتل النظام السوري ارهابياً سيُلاحق على الأراضي اللبنانية. قال باسيل إن أي ممثلين للمعارضة المسلحة، حتى لو افترضنا اختباءهم في مخيمات السوريين أو الفلسطينيين، “لا يملكون مساحة للمناورة. وإذا اختاروا البقاء في لبنان، ستضيق مساحة المناورة نتيجة اجراءات قوات الأمن. الحكومة والشعب اللبناني أبديا نيتهما التخلص من أي فكر ونشاط ووجود إرهابي”.

من الصعب أيضاً فصل هذا التصريح عن الاتصال بعون، وعمّا ورد في كلام لافروف. ذاك أن وزير الخارجية الروسي ألمح بعد لقائه إلى مستوى جديد من العلاقات بين البلدين، اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، وفقاً لما جاء في خبر وكالة “تاس”. تحدث الوزير الروسي عن اتفاق على “العمل بفاعلية لإرساء ديناميات ايجابية في العلاقات اللبنانية – الروسية، ولدرس مشاريع واعدة جديدة بعضها على المستوى الإقليمي”.

ولا بد أن ينعكس هذا التناغم والوعود بعلاقات مميزة، في ظل الدور الصاعد لروسيا، على المقاربة السورية للحكومة اللبنانية، والتي ستتضمن حزمة سياسات من اعتبار المعارضة بأسرها إرهابية، إلى التعاون لاحقاً مع النظام في خصوص أي منشقين على أراضيها. مستشار لباسيل رافقه إلى موسكو، ربط في تصريح اعلامي بين عودة النازحين و”الاتصال بالمؤسسات المسؤولة في سوريا”، في حين تشي تسريبات بزيارة قريبة وعلنية لمسؤول لبناني رفيع المستوى إلى دمشق للبحث في هذه القضية.

ومن هذه البوابة تحديداً، يتعرض رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الى ضغوط لتكرار تجربته المريرة نهاية عام 2009، وزيارة دمشق، لكن هذه المرة بطلب روسي.

مقالات متعلقة

صحافة عربية

المزيد من صحافة عربية