في وقت يروج الإعلام الموالي للنظام السوري لهجوم عسكري متوقع في محافظة إدلب شمالي سوريا، خرج أبرز قياديين جهاديين في المنطقة بخطابين كان للمحافظة نصيب فيهما.
الجولاني مانحًا “ضوءًا أخضر”
قائد “هيئة تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”، زار قرى الساحل السوري التي لا تزال بقبضة المعارضة، وفي كلمة مرئية له، نشرت الثلاثاء 21 من آب، قال إن “الهيئة” بدأت مع الفصائل الأخرى بخطة لصد أي هجوم، وتضمنت إخراج مقاتلي كفريا والفوعة والحملات الأمنية ضد خلايا تنظيم “الدولة” “وعرابي المصالحات” مع النظام السوري.
وأكد أن موضوع تسليم السلاح في الشمال لا يمكن المفاوضة عليه، معتبرًا أن الاستسلام يعتبر “خيانة”.
الصحفي السوري نضال معلوف، كتب في موقع “سيريا نيوز“، الذي يديره، أن “الجولاني ظهر في ريف اللاذقية ليعطي رسالة تهديد بتوسع النصرة إلى الساحل”، مشيرًا إلى أن المهم كان إعلانه بشكل مباشر بأنه في حل من العلاقة مع تركيا عندما أشار إلى “عدم كفاية نقاط المراقبة” التركية، وأن العملية السياسية يمكن أن تشهد “تغيرًا بالمواقف”.
ولتركيا في محيط محافظة إدلب، الخاضعة للمعارضة السورية، 12 قاعدة مراقبة لاتفاق “تخفيف التوتر”، الذي يشملها بضمانة روسية- إيرانية- تركية، وينتهي مطلع أيلول المقبل، بحسب ما أكد رئيس أركان الجيش الحر، العقيد أحمد بري، لعنب بلدي، في وقت سابق.
معلوف أكد أن ظهور الجولاني كان ليتصدر المشهد مرة أخرى، وهو بداية نهاية الفصل الأخير من مسرحية “هيئة تحرير الشام” في إدلب، وإعطاء الضوء الأخضر لبدء عملية واسعة فيها تعود مناطق واسعة منها إلى سيطرة النظام وحلفائه.
“مركز المصالحة الروسي” التابع لوزارة الدفاع سارع، بعد خطاب الجولاني، إلى الإعلان أن فصائل إدلب رفضت الحوار مع النظام السوري، وقال إنهم يحضرون لهجوم في المنطقة.
وتتذرع روسيا، وحليفها النظام السوري، بوجود “هيئة تحرير الشام” المشكلة من عدة فصائل، أبرزها “جبهة النصرة” المنحلة، والتي أعلنت فك ارتباطها مع “تنظيم القاعدة”.
لكن المستشار العسكري السابق لـ “الجيش الحر”، إبراهيم إدلبي، قال لعنب بلدي، إن “الجولاني مجرد أداة بيد بعض أعداء الثورة، وهو وجماعته يعرفون بالبراغماتية”، معتبرًا أن “لدى الجيش الحر وأنقرة الكثير ليفعلوه قبل فوات الأوان، لوضع حد العمالة للقاعدة”.
البغدادي يستنهض مقاتليه
وبعد عام كامل على آخر تسجيل صوتي منسوب لزعيم تنظيم “الدولة الإسلامية”، “أبو بكر البغدادي”، نشرت “مؤسسة الفرقان الإعلامية” التابعة للتنظيم تسجيلًا جديدًا غير مؤرخ للبغدادي مدته 54 دقيقة، يعلق فيه على أحداث جديدة ويدعو مقاتليه لمواصلة القتال.
وقال في التسجيل الذي نشرت، مساء الأربعاء 22 آب، ”ميزان النصر أو الهزيمة عند المجاهدين ليس مرهونًا بمدينة أو بلدة سلبت وليس خاضعًا لما يملكه مملوك من تفوق جوي أو صواريخ عابرة للقارات أو قنابل ذكية”.
وجمع البغدادي إدلب بمناطق أخرى طرد منها التنظيم في وقت سابق بقوله، “يا جنود الخلافة في الشام وفي دمشق والرقة وإدلب وحلب ثقوا بوعد الله ونصره (…) أبشروا وأَمّلُوا خيرًا فإن مع الضيق فرجًا ومخرجًا”.
ولا يسيطر التنظيم على مناطق في إدلب، إلا أن فصائل المعارضة تقاتل ما تصفها بـ “الخلايا النائمة” التابعة له، وتتهمه بتنفيذ تفجيرات وعمليات اغتيال في المنطقة، سبق وأن تبنى عددًا منها.
وخسر التنظيم أغلب الأراضي التي سيطر عليها قبل ثلاثة أعوام في سوريا، بفعل معارك لـ “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة أمريكيًا، وقوات الأسد المدعومة روسيًا، و”الجيش الحر” المدعوم تركيًا.
وينحصر وجوده اليوم في جيوب صغيرة في أرياف دير الزور.
المستشار العسكري إبراهيم إدلبي قال لعنب بلدي إن “الروس والإيرانيون هم الأسعد الآن بعد أن أصبح اليوم بيدهم ورقة التنظيمات الإرهابية، وخاصة بعد تأكيد الجولاني أنهم سيدافعون عن إدلب، وبنفس الوقت خطاب البغدادي الذي أكد به أن لديه مقاتلين في المنطقة”.
وأكد أن الروس كانوا بانتظار “ورقة الإرهاب” للتقدم إلى إدلب.
وأشار إدلبي إلى أن “فصائل الجيش الحر بالأساس لديها خطتها للدفاع عن إدلب، والرد على من يحاول التقدم”.
ما تخشاه فصائل إدلب، بحسب إدلبي، هو أن “تضرب خلايا داعش (تنظيم الدولة)، إن وجدت، خطوط الدفاع في الظهر، إضافة إلى التخوف من انسحاب جماعة الجولاني كما حدث شرق إدلب دون اشتباك”.
وكانت “تحرير الشام” انسحبت مع فصائل أخرى من مناطق شرقي إدلب (شرق سكة الحديد)، بعد هجوم لقوات الأسد، مطلع العام الحالي، جوبه بمقاومة خجولة.
ورغم أن “تحرير الشام” ومقاتلي تنظيم “الدولة” على خلاف منهجي- ديني أساسه التبعية لتنظيم “القاعدة”، وقد شنت “الهيئة” عدة حملات تقول إنها تستهدف مقاتلي التنظيم في إدلب، إلا أن روسيا وأمريكا تنظران إلى الفصيلين على أنهما “إرهابيان”.