أطل معاون وزير التعليم العالي في سوريا، الدكتور رياض طيفور، في تصريح نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا)، أمس، السبت 18 من آب، بأن “الدورة التكميلية موجودة لطلاب السنوات الأخيرة، فهي ضمن الأنظمة التعليمية للجامعات وما زالت قائمة كما هي”.
وتابع طيفور، “أما فيما يخص الدورة الإضافية فإنه لم يصدر بعد أي شيء بخصوصها من قبل مجلس التعليم العالي، وكل ما ورد بخصوص الدورة الإضافية هو غير صحيح”.
لكن سرعان ما أصدرت وزارة التعليم العالي، بيانًا، لما أسمته “اللبس” الذي طال تصريح معاون الوزير، قالت فيه إن مجلس التعليم العالي والوزارة رأوا أنه لم يعد هناك حاجة للعمل بنظام الدورات التكميلية.
وجاء في البيان، “هذه القرارات قد اتخذت سابقًا لظروف استثنائية، واليوم تم العودة إلى القواعد الأساسية ونظام التعليم الأساسي، وتقرر أنه لا توجد دورة تكميلية”.
ليشكل ذلك جدلًا وتخبطًا بين الطلبة، أسهم الإعلام المحلي وصحفيون في إثارة حفيظة الطلبة وأعضاء من مجلس الشعب، واتهام الوزارة ورئيس الحكومة بالتخبط وسوء التخطيط.
الفرق بين الدورة التكميلية والإضافية.. أيهما الدخيل؟
سيل التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي بين ندب وشذب للقضية التي تحولت إلى جدلية، طالبت في مجملها بعدم إلغاء الدورة التكميلية، وبين مندد باتخاذ الوزارة قرارًا لم تتخذه هي أصلًا.
فالدورة التكميلية: موجودة دون صدور مرسوم، وهي محددة لطلاب التخرج حصرًا، وعدد المقررات التي يتم تقديمها أربعة فقط، كما لا يسمح للطلاب الذين يحملون أكثر من أربعة مقررات التقدم للدورة التكميلية، وعلى كل مقرر يتم التقدم لهُ يدفع الطالب 2000 ليرة سورية.
أما الدورة الإضافية: فهي تصدر بمرسوم رئاسي، ويحق لجميع الطلاب من كافة السنوات التقدم لها، كما أنها غير مأجورة (لا يتوجب دفع 2000 ليرة)، وعدد المقررات غير محدد عكس الدورة التكميلية.
“الدورة التكميلية” أقرت خلال المرسوم “رقم 245″،
بناءً على أحكام قانون تنظيم الجامعات “رقم 6″، لعام 2006 ولاسيما المادة “150” منه، وعلى أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بالمرسوم رقم “250” لعام 2006.
ورغم حصر الدورة الإضافية بمرسوم رئاسي، إلا أن الجامعات السورية لم تشهد انقطاع للدورة التي تكررت مراسيمها على مدار السنوات العشر الأخيرة.
من جانبه أوضح عضو الهيئة التدريسية في “جامعة البعث”، الدكتور هاني، في حديث إلى عنب بلدي، أن المرسوم الرئاسي حيال الدورة الإضافية يأتي بعد تقديم وزارة التعليم العالي طلبًا يوضح للرئيس الأسباب التي تدعو إلى الدورة والنتائج المراد تحقيقها، استنادًا إلى نسبة النجاح والترفع في الكليات.
ويرى الدكتور في “جامعة البعث” بحمص أن “سنوات الأزمة شهدت ظروفًا استثنائية على الطلبة والكليات دعت للاستمرارية في الدورات الإضافية، لتفادي تفاوت النسب بين معدل الخريجين ومتطلبات سوق العمل، الذي انعكس بدوره على ترتيب الجامعات السورية”.
ويأتي إلغاء الوزير رفع طلب المرسوم للرئيس في مصلحة الجامعات والنظام التعليمي في سوريا، بحسب تعبير هاني، استنادًا على نسب النجاح التي تؤثر في ترتيبها.
واحتلت جامعة دمشق بحسب تصنيف “ويب- ماتركيس العالمي” للجامعات المركز الثاني سوريًا و8481 عالميا متراجعة 3955 مرتبة، فيما حصلت الجامعة السورية الافتراضية على المرتبة الرابعة سوريًا و10109 عالميًا بتراجع 1445 درجة.
بين تعبير وتفسير.. “ضاع طالب”
هاجم عدد من أعضاء مجلس الشعب وفي مقدمتهم، وائل الملحم، المعروف بمواقفه ضد حكومة عماد خميس، رئيس الوزراء السوري، السبت على خلفية تداول وسائل الإعلام لما أسماه “التخبط” لدى وزارة التعليم العالي في سوريا.
ودعا ملحم الطلبة وذويهم إلى مناشدة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لإصدار المرسوم، إصلاحًا للقرارات الارتجالية والتخبط وسوء التخطيط لدى وزارة التعليم العالي، وفقًا لوصف عضو مجلس الشعب.
وقبل أكثر من ستة أشهر، أي في 7 من شباط هذا العام، قال وزير التعليم العالي، عاطف النداف، خلال حديثه لإذاعة “شام إف إم” المحلية، إنه لا وجود للدورة الامتحانية الثالثة “التكميلي” لهذا العام 2018، بالنسبة للمرحلة الجامعية الأولى (سنة أولى، ثانية.. الخ).
بينما ستكون هناك دورة تكميلية فقط لطلاب سنة التخرج على أربعة مقررات حصرًا، وطلاب المرحلة الجامعية الثانية من طلبة الدراسات العليا (دبلوم، ماجيستير، دكتوراه).
وعلل ذلك بأن وجود دورة تكميلية لطلاب المرحلة الأولى قد عوّد الطلبة على الكسل والاعتمادية وخفض معدلاتهم، وأسهم في تراجع تصنيف جامعة دمشق تحديدًا والجامعات السورية عامة، ضمن ترتيب أفضل الجامعات حول العالم.
وأشار وزير التعليم العالي إلى أنه لن يرفع كتاب لرئاسة الجمهورية لاستصدار المرسوم القاضي بمنح دورة إضافية والتي استعاض عنها بعبارة “دورة تكميلية” وتحديدها للسنوات الأولى، الأمر الذي يميز الدورة الإضافية عن التكميلية.
وهو ما أكده الدكتور هاني عضو الهيئة التدريسية في جامعة “البعث” بحمص، خلال حديثه لعنب بلدي.
وتوقع الدكتور استخدام الوزير الدورة التكميلية وإرفاقها بالمرحلة الجامعية في السنوات الأولى، لتكون أكثر وضوحًا على الطلاب، الذين عمموا اسم “الدورة التكميلية” أو “التكميلي” دون تميز عن “الدورة الإضافية”.
وبالرغم أن موقف وزير التعليم لم يتغير منذ ستة أشهر، ولا تختلف عن تصريح معاونه، الدكتور رياض طيفور لوكالة الأنباء السورية (سانا)، إلا أنه استخدم المفردات بدقة أكثر، بفصل عبارة “الدورة الإضافية” عن “الدورة التكميلية”.
وحيال نفي معاون وزير التعليم عدم وجود أي قرار بخصوص الدورة الإضافية والإشاعات حولها، اعتبر عضو اتحاد الطلبة في جامعة دمشق (فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية)، أن هذا السلوك فتح الباب أمام الإعلام المحلي والطلاب لـ “التصيد” في تصريحات معاون الوزير.
ويقول عضو اتحاد الطلبة لعنب بلدي إن خلال حديثهم مع الهيئة التدريسية في الجامعة، تبين أن معاون الوزير كان يكرر نفيه للإشاعات، التي نسبت له في منتصف شهر تموز الفائت.
إذ نشرت تصريحات منسوبة “لطيفور” معاون الوزير، بأن الدورة الإضافية أو التكميلية لكافة المراحل الجامعية ستستأنف هذا العام على أن توقف في العام المقبل.
وهو ما تسبب في تعميم مقصود أو غير مقصود من بعض وسائل الإعلام المحلية وصفحات وسائل التواصل الاجتماعية، في خلط بين عدم إقرار المرسوم أو تجاهل المرسوم الرئاسي.
وهو ما تسبب بفورة على وسائل التواصل الاجتماعي، تهاجم الوزير ومعاونه وتتهم الوزارة بالتخبط والتلاعب بمستقبل الطلبة.
ووصل الحال إلى إعلان صفحة “أخبار جامعة دمشق” عبر “فيس بوك”، نقلًا عن وزارة الداخلية، أن أي وقفة أو اعتصام للطلاب بشأن المطالبة بدورة إضافية (تكميلية) دون ترخيص مسبق من السلطات المختصة سيُعرّض الطلاب للتوقيف أمنيًا وفق الدستور السوري.
ويشهد المستوى التعليمي لجامعات سوريا تراجعًا خلال أعوام الحرب، وذلك وفق تصريحات صادرة عن مدير المكتب الإعلامي في جامعة دمشق، محمد العمر.
كما أثرت المراسيم المتعلقة بالترفع الإداري والدورات الاستثنائية وإعفاءات المستنفذين على قيمة الشهادة السورية.
لتوضح قضية “التكميلية” حالة الشرخ الكبيرة بين الطلبة ومسؤولي التعليم في سوريا، وغياب الأخير في دوره بكيفية ضبط قرارته العلمية، وسط غياب أي دور للجامعات التي تراها كما وصفها أحد طلبة في جامعة البعث لعنب بلدي حال الجامعات كحال الطلاب تتلقى الإملاءات فقط، الأمر الذي يجعل من التعليم هشًا”.