البداية من المتحف.. هل تسترد إدلب وجهها الثقافي؟

  • 2018/08/19
  • 10:03 ص

عنب بلدي – إدلب

سنوات عدة اقترن فيها اسم محافظة إدلب بحالة الحرب وتبعاتها في سوريا، فالمدينة التي عانت من القصف والنزوح والاقتتال تسعى مؤخرًا إلى خلع ثوب الحرب عنها، واسترداد اسمها الذي اقترن في الماضي بالحضارة والثقافة.

أعاد متحف إدلب فتح أبوابه أمام الزائرين بما بقي فيه من آثار شاهدة على عصور وحضارات مختلفة شهدها الشمال السوري، بدءًا من العصور الحجرية وحتى العصر الحديث، مرورًا بحضارات تجسدت بشكل رئيسي في حضارة إيبلا، التي تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد.

وكان المتحف قد أغلق عام 2013 بسبب العمليات العسكرية في سوريا، متعرضًا للنهب والسرقة والعبث والتخريب.

ماذا بقي من المتحف؟

يقول مدير متحف إدلب، أيمن بانو، إن المتحف أعيد افتتاحه، الاثنين 13 من آب، بإمكانيات “متواضعة”، حيث عرضت فيه مخطوطات مهمة توثق أحداثًا تاريخية واجتماعية في حضارة إيبلا، التي تعتبر “الأقوى والأجمل” في تراث مدينة إدلب.

وأشار  بانو، في حديث إلى عنب بلدي، إلى وجود نصب بازلتية للكهنة والأمراء والممالك والشخصيات الدينية، وأوانٍ فخارية وجرار، بالإضافة إلى لوحات فسيفسائية وبعض الدمى الطينية التي تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد.

وأضاف “المتحف يجسد حالة التطور الفني والثقافي الحضاري لإدلب، أي منذ صناعة الصور والمدى والقوارير الطبية والتجميلية، إلى اللوحات الفنية التي رسمها بعض الفنانين السوريين”، معتبرًا أن “افتتاح المتحف هو بداية النشاط الثقافي في إدلب، والتحول من حالة الحرب إلى الحالة الثقافية”.

يرى مدير المركز الثقافي في إدلب، فايز قوصرة، أن أهمية المتحف تكمن باحتوائه على الأرشيف الملكي الذي تم اكتشافه في إيبلا، ويتجاوز عدده أكثر من 15 ألف رُقم مسماري، تروي نصوصًا سياسية وأدبية عن تلك الحضارة.

وكانت بعثة إيطالية اكتشفت، في ستينيات القرن الماضي، وجود حضارة إيبلا في إدلب، ومركزها تل مرديخ قرب بلدة سراقب، وتعتبر من أهم ممالك الشرق الأدنى القديم.

قوصرة قال لعنب بلدي إن المتحف أعيد افتتاحه بجهود المركز الثقافي في إدلب ومختصين في علم الآثار، ومن المقرر تخصيصه كمركز للبحث العلمي والدراسات التاريخية.

آثار إدلب في مهب التنقيب

كغيره من الآثار في إدلب، تعرض متحف إدلب، الذي افتتح عام 1989، لأعمال تخريبية وأعمال سرقة، خلال سنوات النزاع السبع، اقتصرت على سرقة كل ما هو معدن من ذهب وفضة، فيما تعرضت بعض القطع الأثرية للتكسير.

ومع ذلك، تقول مديرية الآثار والمتاحف في حكومة النظام السوري إن معظم الآثار التي كانت تحتويها متاحف سوريا بالعموم “تم إنقاذها”، عبر وضعها في أماكن خاصة داخل مدينة دمشق.

وكانت “حكومة الإنقاذ السورية” العاملة في إدلب، حذرت من القيام بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار في أي مَعلم أثري في المحافظة، مشيرةً إلى أن الأمر “تحت طائلة المساءلة القانونية”.

ويأتي بيان الحكومة بعد عمليات نهب وسرقة كبيرة طالت المعالم الأثرية في محافظة إدلب، على مدار السنوات الثلاث الماضية، أبرزها المتحف الوطني في المدينة.

إذ استغل بعض التجار والعسكريين ثغرة غياب هيئة فعلية تهتم بالآثار وتحافظ عليها، لاستخراج الآثار وبيعها خارج البلد بأسعار مرتفعة.

وفي حديث سابق مع علي الفرحان، المهتم بالتاريخ السوري وعضو المنصة المدنية في أورفة، قال إن عمليات التنقيب العشوائية خلفت الكثير من الأضرار بالمواقع الأثرية في سوريا، وأبدى خشيته من استمرار الوضع الحالي لسنوات أخرى مقبلة، وخاصة في ظل الحرب وغياب الاستقرار، وبالتالي تهديد المزيد من المواقع.

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب