ريف حمص – عروة المنذر
بعد سيطرتها على ريف حمص الشمالي، ربطت حكومة النظام السوري كل حركة أو معاملة في الدوائر الرسمية ببيان وضع من شعبة التجنيد، وعلى غير المعتاد لم تنفذ قوات الأسد والأفرع الأمنية أي حملة اعتقالات تهدف إلى سَوق المتخلفين عن الخدمة، بل اتخذت خطة بديلة تهدف من خلالها للتضييق على الشباب وإجبارهم على الالتحاق بصفوف القوات عن طريق التجنيد الإجباري، أو الالتحاق بالميليشيات الرديفة المساندة للقوات الحكومية في العمليات العسكرية.
استراتيجية التضييق الجديدة إلى جانب سيطرة القوات على معظم المناطق التي كانت تنتشر فيها المعارضة، دفعت عددًا لا بأس به من المتخلفين عن الخدمة للتقدم إلى شعبة التجنيد، ليتم سَوقهم.
رفضت شعبة التجنيد سَوق الشباب، وأجلت تجنيدهم إلى أجل غير معلوم، وفق ما قال مصدر مطلع من داخل تجمع “الدريج” في ريف دمشق، لعنب بلدي.
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، “يوجد في التجمع أكثر من 15 ألف عسكري يفرز عدد منهم ويدخل وافدون جدد، ما شكل أزمة في الفرز، وجعل شعب الجنيد ترفض سَوق المتخلفين في بعض المناطق”.
وأكد ذلك الشاب محمد، من مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، الذي راجع شعبة التجنيد للحصول على دفتر خدمة علم والالتحاق بالخدمة، ويقول “رفضت الشعبة سوقي الآن، وتم تأجيلي ستة أشهر”، مشيرًا إلى أنه بسبب الوضع المادي السيئ وعدم القدرة على العمل راجع الشعبة، معتبرًا أن الخدمة باتت “تحصيل حاصل”.
وسيطرت قوات الأسد على ريف حمص الشمالي، مطلع أيار الماضي، وبموجب ذلك خرج المقاتلون الرافضون للتسوية وعائلاتهم إلى إدلب.
إقبال على الميليشيات الرديفة
مع سيطرة قوات الأسد على المنطقة بدأ وسطاء بالترويج لميليشيات تساند تلك القوات، لتفتح مكاتب لها بشكل منظم كميليشيا “القاطرجي”، و”الطرماح”، و”لواء الرضا”.
مهمة هذه المكاتب هي تجنيد الراغبين في صفوفها بعد خضوعهم لمقابلة بسيطة، وبغض النظر عن الملف الأمني للمتقدم في أفرع الأمن، إذ تعمل مكاتب خاصة على تبييض صفحة المتطوع الأمنية لدى فروع النظام السوري.
ولاقت هذه الميليشيات إقبالًا واسعًا لدى المتخلفين عن الخدمة الإلزامية، وعلى الرغم من عدم احتساب الفترة التي يقضيها المتطوع مع الميليشيا من خدمته العسكرية، كان سوء الأوضاع المادية للكثير من سكان المنطقة الدافع الرئيسي لمعظم المتطوعين، بالإضافة إلى الخوف من الملاحقة الأمنية من قبل أفرع المخابرات.
أحد متطوعي ميليشيا القاطرجي من قرية الغنطو، قال لعنب بلدي إن التوجه إلى الشمال السوري لم يكن خيارًا سليمًا، ولا التطوع مع قوات الأسد بمختلف تسمياتها أيضًا، مضيفًا أن تردي الوضع المادي بسبب الحرب الطويلة “واقع اضطر بعض الشباب السوري للعمل كمرتزقة على جانبي الصراع في سوريا”.
ويبلغ الراتب الشهري في تلك الميليشيات بحدود 70 ألف ليرة (155 دولارًا تقريبًا)، أما في الخدمة الإلزامية فلا يتجاوز 14 ألف ليرة سورية، وفق المتطوع الذي رفض ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته.
لا تشارك ميليشيا “القاطرجي” في القتال إلى جانب قوات الأسد، كما هو الحال في بقية الجماعات المسلحة، باستثناء تلك التابعة لـ “قوات النمر”، ويقتصر عملها على حراسة آبار الغاز في بادية تدمر، ومرافقة الحمولات.
تنافس بين “الفرقة الرابعة” و”الفيلق الخامس”
ما يحصل في ريف حمص تكرر في مناطق توصلت إلى تسوية مع روسيا والنظام السوري، كما يحصل في درعا، التي تشهد إقبالًا ملحوظًا من المتخلفين عن الخدمة العسكرية كخيار فرضته قوات الأسد.
مراسل عنب بلدي في درعا تحدث عن تسجيل نحو 2500 عنصر من المطلوبين لخدمتي الجيش، الاحتياطية والإلزامية، في صفوف “الفيلق الخامس”، الذي يترأسه القيادي السابق في فصائل المعارضة، أحمد العودة.
بينما تجاوز أعداد المنتسبين لصفوف “الفرقة الرابعة” حوالي 1500 عنصر، مقابل عروض تقدمها “الفرقة”، لمنافسة “الفيلق الخامس” وجلب أكبر عدد من العناصر إليها.
وتفرض قوات الأسد على أبناء درعا خيار الانضمام إلى أحد تشكيلاتها العسكرية والقتال في صفوفها، مقابل عدم اعتقالهم بتهم تتعلق بـ “الإرهاب”، وهذا ما يجعل الشباب المطلوبين أمام خيار الانتساب لتلك التشكيلات لحماية أنفسهم.