إدلب تنتظر تحركات “تحرير الشام”

  • 2018/08/19
  • 12:27 ص

تخريج دفعة من مقاتلي النخبة في هيئة تحرير الشام - آب 2018 (AFP)

عنب بلدي – خاص

تترقب إدلب ما ستقوم به “هيئة تحرير الشام” من خطوات لتحييد المحافظة عن معارك تروج لها قوات الأسد والميليشيات المساندة لها.

ورغم غياب أي مبادرة معلنة عن تحولات جديدة في سياسية “الهيئة”، دارت تحركات “خفية” في الأيام الماضية اندرجت ضمن الحديث الذي يدور عن قرب حل النقطة الشائكة في المحافظة، وهي ذريعة “الإرهاب”.

تعتبر “تحرير الشام” العقبة الأساسية التي يتذرع بها النظام السوري وروسيا لبدء العمل العسكري تجاه إدلب، كونها مصنفة على لوائح “الإرهاب” ومستثناة من اتفاق “تخفيف التوتر” الموقع بين الدول الضامنة (تركيا، إيران، روسيا).

طوال الأشهر الماضية رفضت “تحرير الشام” حل نفسها مع بقية الفصائل العسكرية في إدلب، لكن هذا الموقف دار على لسان قادة مهاجرين ومصنفين ضمن التيار المتشدد فيها كـ “أبو اليقظان المصري” و”أبو الفتح الفرغلي”، ورافق ذلك الحديث عن انقسام في البيت الداخلي فيها بين تيار يريد إنهاء العزلة الدولية، وتيار يريد قتال تركيا والفصائل التي تدعمها كـ “أحرار الشام” و”الجيش الحر”.

تعتبر “تحرير الشام” من أبرز الفصائل المقاتلة في الشمال، وتقسم عملياتها العسكرية إلى قطاعات، ومن أبرز مكوناتها “جيش الملاحم” و”جيش الساحل” و”جيش البادية” و”سرايا الساحل” و”جند الشريعة”.

مهلة.. “الجبهة الوطنية” تتحرك

شهدت إدلب في الأيام الماضية عدة تطورات، أبرزها اندماج الفصائل تحت مسمى “الجبهة الوطنية للتحرير” التي تتلقى دعمًا عسكريًا من تركيا، والتي كان لها اليد الطولى في ذلك، بعد اجتماع عقدته في أنقرة ضم قادة عدة فصائل وأجبرتهم على الاندماج كحركة استباقية قبل بدء أي عمل عسكري للنظام.

استثنى التشكيل “تحرير الشام” وفصيل “جيش العزة”، ودارت التساؤلات عن إمكانية دمج “الهيئة” في الأيام المقبلة كي يتم القضاء على ذرائع الروس، وبحسب ما قالت مصادر عسكرية من “الجيش الحر” لعنب بلدي (طلبت عدم ذكر اسمها) أعطت تركيا مهلة لـ “الهيئة” للاندماج وحل نفسها، وقابل ذلك تحركات من قبل “الجبهة الوطنية” لكسب مجموعات مقاتلة من الأخيرة للانضمام في صفوفها.

وأضافت المصادر أن الأيام المقبلة من المفترض أن تشهد انشقاقات من قبل مجموعات تتبع لـ “تحرير الشام”، وتعلن اندماجها مع “الجبهة الوطنية”، وهذه العملية من شأنها أن تضعف “تحرير الشام” وتجبرها على حل نفسها في نهاية الأمر.

الأمر الذي لا يمكن إغفاله هو علاقة بعض التيارات التابعة لـ “الهيئة” مع تركيا، والتي تحسب على التيار الذي يريد إنهاء العزلة الدولية، وما يؤكد ذلك الخطوات التي بدأتها تركيا في الأيام الأولى لنشر نقاط المراقبة في الشمال، وخاصةً في الريف الغربي لحلب، إذ رافقت “تحرير الشام” الأرتال التركية، وكان لها دور أساسي في حمايتها حتى اليوم.

ويمكن القول إن تركيا في الوقت الحالي تمسك بزمام قسم لا يستهان به في “تحرير الشام”، ويرتبط ذلك بما حصل في معارك الريف الشرقي مؤخرًا، بعد انسحاب “تحرير الشام” من مناطق واسعة، بالتزامن مع اتفاق “أستانة6” والذي وضع الريف الشرقي لإدلب بيد الروس والنظام السوري، الأمر الذي أعطى صورة حينها بأن “الهيئة” نفذت البنود المتفق عليها دوليًا بالتفصيل، إلى جانب فصائل “الجيش الحر” التي كانت موجودة سابقًا في المنطقة.

ويقود الحديث السابق إلى مقابلة لمسؤول إدارة الشؤون السياسية في “الهيئة”، يوسف الهجر، مع قناة “الجزيرة”، أيار الماضي، وحذفته القناة بعد أيام، لكن معرفات “تحرير الشام” كانت قد نشرته وتداولته قبل الحذف.

تحدث الهجر في المقابلة عن العلاقة “المتينة” التي تربط تركيا و”تحرير الشام”، وقال “نحن من أسهم بإدخالها وتثبيتها، وقد أفشلنا أصحاب الثورة المضادة الذين أرادوا أن يحصل اصطدام بين الثورة وحليفتها، حين وضعوا الجانب التركي أمام اتفاق دولي يفضي إلى وضع نقاط مراقبة”.

وكون الهيئة الفصيل الأكبر في الشمال السوري، أوضح الهجر “كان عليها أن تكون هي المعنية بالأمر، فبعد المشاورات الشورية والشرعية وأصحاب الرأي والحكمة، اتخذنا هذا القرار، واستطعنا الحفاظ على خيارنا الثوري، إضافة إلى تقوية الحليف التركي”.

حل مجالس الشورى

من ضمن التحركات “الخفية” التي بدأتها “تحرير الشام” بإدلب، حل مجالس الشورى التابعة لها في ريف حماة الشمالي، ووضعها في يد المجالس المحلية المدنية بإدارة المناطق.

وفي بيان داخلي نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 17 من آب الحالي، حلت “الهيئة” جميع مجالس الشورى العاملة في ريف حماة، معتبرًة أن المجالس المحلية هي السلطة الوحيدة والممثل الشرعي للناس، كما أمر البيان أن يلغى العمل بجميع الأختام التابعة للشورى وتسليمها إلى المجالس المحلية، بحسب تصنيفها، لتدير شؤون المنطقة.

واعتبرت “تحرير الشام” في بيانها الداخلي أن الأمر الإداري جاء بسبب التعارض بين عمل مجالس الشورى وبين المجالس المحلية في بلدات المنطقة، وخول البيان القيادي في “الهيئة” “أبو رضوان الخطابي”، متابعة القرار حتى تنفيذه.

وتعتبر الخطوة مبادرة مهمة في سياسة “الهيئة”، التي تلقى انتقادات في بعض مناطق سيطرتها الممتدة بين ريف حماة ومحافظة إدلب، ويطالب المدنيون بتسليم السلطات لهيئات مدنية وإبعاد الحكم العسكري.

وبالتزامن مع حل مجالس الشورى تعيش “حكومة الإنقاذ” المشكلة، في أواخر 2017، انقسامًا بين شخصيات تتبنى فكر “تحرير الشام”، وأخرى ترفض ذلك، ولهذا السبب تقدم رئيس الحكومة محمد الشيخ باستقالته وفق تصريحات قالها لصحفيين في مؤتمر صحفي، لكن دون أن يعود ويؤكد استقالته في بيان رسمي، ما دفع الهيئة التأسيسية للحكومة إلى تكليف مدير غرفة التجارة، فواز هلال بتشكيل الحكومة الجديدة.

ولم يكن الانقسام في “حكومة الإنقاذ” جديدًا، لكنه طفا على السطح حاليًا، وعلمت عنب بلدي من مصادر مطلعة أن “الهيئة التأسيسية” عرضت على “الجبهة الوطنية” و”تحرير الشام” تشكيل حكومة جديدة بدلًا عن الحالية، لكن “الهيئة” رفضت ذلك معتبرة أنها خطوة تعود بها إلى الوراء، وتترجم بقبول حل نفسها.

تعزيزات تؤكد بقاء الأتراك

على الجانب الآخر والأهم في إدلب، تستمر تركيا بتعزيز نقاط المراقبة التي نشرتها في المحافظة، في مشهد يؤكد ثباتها وينفي التحليلات التي ترجح نيتها الانسحاب في حال بدء أي عمل عسكري من قبل الروس والنظام.

الأسبوع الماضي شهد تعزيزات غير اعتيادية، إذ أرسل الجيش التركي مدرعات ودبابات “مطورة” إلى الحدود التركية مع محافظة إدلب، وذكرت وسائل إعلام تركية أن التعزيزات تضم شاحنات عسكرية وصلت إلى ولاية هاتاي، جنوبي تركيا، وهي من مختلف الوحدات العسكرية في البلاد.

وأوضحت أن الشاحنات محملة بدبابات من طراز “M60T” والتي جرى تحديثها بعد عملية “درع الفرات” في ريف حلب الشمالي، وسبق ذلك تعزيز نقطة المراقبة في مورك بمحارس مجهزة بشكل كامل.

لم يتوقف الأمر عند التعزيزات، بل بدأت عدة نقاط مراقبة بالاجتماع مع وجهاء وأعيان قرى بريف إدلب، وأعطتهم تطمينات بعدم تقدم قوات الأسد إلى محافظة إدلب، وأشاروا إلى أن حشود قوات الأسد ما هي إلا “حرب نفسية”.

وبحسب ما قال مصدر عسكري في “الجيش الحر” (طلب عدم ذكر اسمه) فإن التعزيزات الواصلة إلى هاتاي ستدخل سوريا، لتعزيز نقاط المراقبة وخاصة نقطة العيس في الريف الجنوبي لحلب ومورك في ريف حماة الشمالي.

وأضاف المصدر أن التعزيزات مهمتها دفاعية وليست قتالية، وستقوم تركيا في الأيام المقبلة بتبديل 90% من كادرها العسكري في نقاط المراقبة واستبداله بالقوة العسكرية التي وصلت إلى هاتاي حاليًا.

ومنذ مطلع العام الحالي، ثبت الجيش التركي 12 نقطة مراقبة في إدلب، بموجب اتفاق “تخفيف التوتر”.

وركز الجيش التركي في انتشاره بإدلب على اختيار المناطق “الاستراتيجية” للتثبيت فيها، اعتمادًا على قربها من نفوذ قوات الأسد وحليفته روسيا، أو الجغرافيا التي تشكلها من حيث الارتفاع والإطلالة العسكرية.

وبحسب المصدر في “الجيش الحر” وصلت معلومات “استخباراتية” للجيش التركي بوصول 1500 مقاتل من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إلى جبهات ريف حلب الجنوبي من جهة النظام السوري.

وأوضح المصدر أن وصول القوات هدفه إلهاء فصائل المعارضة عن جبهات الريف الشرقي لإدلب والشمالي لحماة بريف حلب الجنوبي.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا