مرت “حركة أحرار الشام الإسلامية” بعدة محطات من بداية التأسيس حتى اليوم، وتغيرت توجهاتها الفكرية والسياسية من المشروع الأول الذي حملته (مشروع أمة)، إلى التقرب من مبادئ الثورة السورية (ثورة شعب).
في بداية التأسيس برزت “أحرار الشام” كقوة عسكرية كبيرة، وعاشت في “عصر النهضة”، لكن بعد اغتيال قادة الصف الأول، في أيلول 2014، انقسمت إلى قسمين، الأول تبنى فكر “السلفية الجهادية”، بينما توجه آخر إلى “الفكر الإصلاحي” المنفتح على الحوار، ليبدأ الصراع الفكري في بيتها الداخلي.
أسباب التراجع لم تقتصر على الانقسام الداخلي، بل برزت حركات “جهادية” منافسة لها، وكان لها أثر كبير في انخفاض “نجمها”، كـ “جبهة النصرة”، التي انحلت وانضوت مؤخرًا في “هيئة تحرير الشام”.
في كل محطة انتقلت فيها “الحركة” تولت شخصية جديدة قيادتها، وتعرض عنب بلدي تفاصيلهم من المؤسس حسان عبود حتى القيادي الحالي جابر علي باشا.
المؤسس حسان عبود
هو “أبو عبد الله الحموي”، من مواليد محافظة حماة، التي شهدت مجازر على يد نظام السوري في ثمانينات القرن الماضي، في العام 1982.
درس عبود اللغة الإنكليزية وعمل مدرسًا قبل اعتقاله من قبل النظام السوري في 2004، وزج في سجن صيدنايا قبل أن يفرج عنه بعد أشهر من بداية الثورة السورية.
عبود، الذي يتبع النهج السلفي، أعلن عن تشكيل “كتائب أحرار الشام” في نهاية 2011 في سهل الغاب بريف حماة الغربي، قبل أن تتحول إلى “حركة أحرار الشام”، وتصبح من أقوى الفصائل العسكرية المعارضة.
قتل حسان عبود بتفجير غامض أودى بحياة عشرات من قادة “أحرار الشام”، في مقر تابع للحركة في بلدة رام حمدان، القريبة من معبر باب الهوى، الثلاثاء 9 أيلول، 2014، فيما لا تزال طريقة التفجير والجهة المنفذة مجهولة حتى الآن.
هاشم الشيخ (أبو جابر)
قاد “أحرار الشام” خلفًا لحسان عبود بعد اغتيال قادة الصف الأول في رام حمدان، إلى أن انتهت ولايته في عام 2015.
وهو مهندس في البحوث العلمية، وينحدر من بلدة مسكنة في ريف حلب الشرقي.
عقب انتهاء ولايته شغل الشيخ منصب عضو في مجلس شورى “الحركة”، ثم شكل في كانون الأول، من 2016، ما يسمى بـ”جيش الأحرار”، ودعمه القائد العسكري البارز “أبو صالح الطحان”، ما فسّر بأنه “انشقاق ناعم” داخل الحركة.
وأكد هذا التفسير الانضمام إلى “تحرير الشام” عند تشكيلها، في كانون الثاني 2017، وتسليم قيادتها إلى “أبو جابر”.
في آذار 2016، وصفت أمريكا “أبو جابر” وغيره من المنتمين إلى الهيئة، غير “النصرة”، بأنهم “كومبارس ولا دور لهم في التشكيل الجديد”، معتبرة أن صاحب السلطة الحقيقية هو الجولاني “المتحكم من الناحية العملياتية، ومنهجه ومنهج جماعته هو التغلب، الذي ما هو إلا وجه آخر للاستبداد”.
مهند المصري
هو “أبو يحيى الحموي” أو “أبو يحيى الغاب”، من مواليد قلعة المضيق في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، درس الهندسة المدنية في جامعة اللاذقية، وعين معاونًا لقائد الحركة، في 2015.
انتخب، في 12 أيلول 2015، قائدًا لـ”أحرار الشام” خلفًا للمهندس هاشم الشيخ بعد انتهاء ولايته.
وكان قد اعتقل مع حسان عبود وعدد من قيادات “الحركة” عام 2007 في سجن صيدنايا وخرجوا في بداية الثورة عام 2011.
بعد انتهاء ولاية المصري عاشت “أحرار الشام” انقسامًا في مجلس الشوى التابع لها، وذلك بسبب الخلاف على تعيين القائد الجديد الذي سيكون بدلًا من المصري.
وأعلن عدد من أبرز قيادييها وهم: هاشم الشيخ، و”أبو صالح طحان”، و”أبو محمد الصادق”، والدكتور “أبو عبد الله”، و”أبو علي الشيخ”، و”أبو أيوب المهاجر”، و”أبو خزيمة”، عن تعليق عضويتهم بسبب الفشل في انتخاب قائد جديد للحركة، وحل الأزمات داخلها.
علي العمر (أبو عمار)
عين في تشرين الثاني عام 2016، بعد أن تولى منصب النائب السابق، لقائد الحركة، كما شغل قبلها منصب نائب “أبو عيسى الشيخ”، في قيادة “لواء صقور الشام” قبل الاندماج ضمن الحركة في آذار 2015، ثم الانفصال في أيلول العام ذاته.
وهو مهندس معماري مواليد 1978، وينحدر من مدينة تفتناز بريف إدلب.
تنقل بين العراق واليمن، وفيما بعد عاد إلى سوريا والتحق بفصيل “صقور الشام” المحسوب على التيار السلفي مطلع عام 2013.
عاش حياته في العراق بعد نزوحه لها في أحداث “الإخوان المسلمين”، وعمل في صفوف المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي في عام 2003، ثم انتقل مع عائلته إلى اليمن، وانضم هناك إلى تنظيم “القاعدة”، قبل العودة إلى سوريا.
وفي أثناء تولي “أبو عمار” القيادة دخلت “أحرار الشام” في مواجهات مع “هيئة تحرير الشام”، وكان أشدها في أواخر 2017 إذ تقدمت “تحرير الشام” على مساحات واسعة من نفوذ “الأحرار” وانتزعت منها معبر “باب الهوى الحدودي”.
حسن صوفان (أبو البراء)
عين قائدًا للحركة في مطلع عام 2017، في وقت “صعب” وانحسار واضح عاشته “أحرار الشام”.
وكانت الحركة نجحت في إخلاء سبيل صوفان (أبو البراء)، أحد أبرز منظري التيار الإسلامي في سوريا، نهاية 2016، بعد أن كان معتقلًا في سجن صيدنايا مدة 12 عامًا، ومحكومًا بالسجن المؤبد.
ويقال إن صوفان شخص توافقي لدى القسم الذي انشق عن الحركة (جيش الأحرار)، وهو محسوب على التيار السلفي الجهادي، على عكس توجهات الحركة الحالية التي تبنت القانون العربي الموحد في قضائها ورفعت علم الثورة في “باب الهوى”.
صوفان من مواليد مدينة اللاذقية عام 1979، درس العلوم الشرعية في جامعة “الملك عبد العزيز” في المملكة العربية السعودية، التي سلّمته للنظام وأودع في سجن صيدنايا سيئ الصيت.
ويوصف صوفان (أبو البراء) بأنه تلميذ الأب الروحي لحركة “أحرار الشام”، الشيخ محمد أيمن موفق أبو التوت (أبو العباس الشامي)، والذي كان معتقلًا في صيدنايا.
ويُقال إنه كان من أبرز المقربين لمؤسس الحركة، حسان عبود (أبو عبد الله الحموي)، وصهر رئيس المكتب السياسي الأسبق فيها، “محب الدين الشامي”، اللذين قتلا بتفجير مقر قيادة الحركة في ريف إدلب، في أيلول 2014.
في أثناء قيادته اندمجت “أحرار الشام” مع “حركة نور الدين الزنكي” تحت مسمى “جبهة تحرير سوريا”، والتي دخلت بمواجهات أيضًا مع “تحرير الشام” في عموم إدلب.
جابر علي باشا
عين في 16 آب 2018 قائدًا للحركة خلفًا لصوفان، وذلك بعد أيام من اندماج “أحرار الشام” مع عدة فصائل تحت مسمى “الجبهة الوطنية للتحرير”.
وذكر بيان داخلي لـ”أحرار الشام” أن عدة قرارات أصدرت إلى جانب تعيين علي باشا، أبرزها “تركيز جهود الحركة في المرحلة القادمة على الاستعداد العسكري والتصدّي للعدوان المحتمل على المناطق المحررة”.
وجاء في القرارات التي اتخذها مجلس شورى الفصيل “تفعيل عمل الجبهة الوطنية للتحرير وإنجاح المؤتمر الوطني وصولًا إلى توحيد قوى الثورة وبناء مرجعية موحدة للثورة السورية”.
علي باشا من مواليد مدينة بنش عام 1984، ويحمل الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق.
وشغل في وقت سابق رئاسة عدة محاكم شرعية أنشئت من قبل الفصائل العسكرية في المناطق المحررة، وخاصة في ريف حلب ومحافظة إدلب، ومن بين المحاكم “الهيئة الإسلامية” في مدينة بنش، كما عمل قاضيًا في “جيش الفتح”.
وتولى منصب نائب قائد “أحرار الشام” عند تولي القيادة من قبل علي العمر (أبو عمار)، إلى جانب القيادي أنس نجيب.
وكان طرفًا في الاتفاق الذي جمع “تحرير الشام” و”الأحرار”، في تموز 2017 الماضي، في أثناء الخلافات التي دارت بين الأولى وفصيل “صقور الشام”.
وعقب استلام حسن صوفان قيادة “الحركة”، في آب 2017 الماضي، أقاله من منصب نائب القائد العام، وعين بدلًا عنه القيادي علاء فحام “أبو العز”.