النحت في أنفاق جوبر.. تجميل لما تحت الأرض وإهمال ما فوقها
تحت الأرض، وفي الأنفاق التي حفرتها فصائل المعارضة شرق دمشق، يعمل نحاتون وفنانون سوريون على تجسيد ما قالوا إنه “إنجاز للجيش العربي السوري”، في الحي الذي سيطرت عليه قوات الأسد، في نهاية آذار الماضي.
لا تظهر آثار دمار وحطام الحي الدمشقي على كاميرات وسائل الإعلام الرسمية والروسية الحليفة للنظام السوري، التي تصور الأعمال “الفنية” المتنوعة، بما فيها من تماثيل ورموز، و”احتضان” قوات الأسد للأطفال وتخليصهم من “المخربين والإرهابيين”، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
https://www.youtube.com/watch?v=cqLj7mIsdzs
تقول لجين بركات لـ”سانا”، وهي إحدى هواة النحت المشاركين في العمل، إن ذلك كان “للتعبير عن تصميم السوريين على إعادة الإعمار وتعزيز السلام”.
لكن المشهد العلوي للحي يحكي قصصًا أخرى، حول المئات من الضحايا الذين قتلوا فيه، منذ سيطرة فصائل المعارضة عليه عام 2013 حتى 23 من آذار 2018، حين وقعت تلك الفصائل اتفاقية تقضي بتسليم المنطقة مع الجانب الروسي.
تجاوزت حصيلة الضحايا في حي جوبر، منتصف عام 2016، 1360 قتيلًا، وفق إحصائيات “المجلس المحلي” لجوبر، لتغيب الإحصائيات بعد ذلك بعد أن صار الحي من كبرى ساحات الصراع في سوريا.
ومع انتشار مئات الصور للنحاتين ومشغولاتهم “الفنية”، تغيب التصريحات الرسمية عن إعادة إعمار الحي الذي كان يحتضن ما يقارب 300 ألف نسمة، وفق إحصائيات عام 2008 الحكومية.
وفي تصريحات نقلتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن أنس قطرميز، المسؤول الفني عن المشروع، قال إن الرسالة من هذا “المنجز” واضحة، “كأنها تريد إيصال أبهى أشكال الحياة من منصة كانت معدة للقتل والتدمير”.
ويضيف قطرميز “نعمل في نفق لا نعرف من أين يبدأ، وأين ينتهي.. لكننا نفذنا شغلنا على مساحة 40 مترًا طولي بحوالي 80 مترًا مربعًا”.
ويشير زهير إبراهيم، أحد المشاركين في العمل، إلى أن “بعض الأعمال متسوحاة من إعلان انتصار سوريا والخروج من الظلام إلى النور”.
وبالخروج إلى النور، تظهر المساحة الكبرى من جوبر مدمرة بفعل الحرب التي دارت عليها لخمسة أعوام متواصلة، لكن دون إحصائيات رسمية عن حصيلة الأضرار بالحي، وسط تقديرات أهلية ومشاهدات لمراسل عنب بلدي سابقًا في الحي بأن نسبة الدمار تزيد على 60%.
وفجرت قوات الأسد عام منتصف 2016 بناء برج المعلمين بعد تفخيخه عن طريق نفق حفرته تحته، متبعةً ذات الأسلوب الذي تقول إن المعارضة تستخدمه للتخريب والدمار.
ودمر القصف أحياء طيبة والجباوية والبرلمان وسوق المانطو، وجربت القوات خلال محاولاتها المتكررة للسيطرة على الحي لأول مرة صواريخ من طراز “سميرتش” الروسية، إلى جانب استخدامها كاسحة الألغام الروسية المعروفة بـ “UR-77” والتي تتسبب بانفجارات كبيرة.
حفرت فصائل المعارضة التي كانت تسيطر على الحي شبكة من الأنفاق لضمان الانتقال وإسعاف الجرحى الذي يسقطون بفعل المعارك والقصف، إلى جانب كونها طرق إمداد رئيسية لخطوط التماس الأولى مع قوات الأسد.
واستخدمت الأنفاق خلال المعارك في الغوطة كمشافٍ ميدانية بعد أن قصف طيران قوات الأسد الحربي وحليفه الروسي المراكز الطبية والإسعافية، إلى جانب استخدامات أخرى بغرض التجارة مع مناطق برزة والقابون التي وقعت اتفاقيات هدنة مع النظام السوري عام 2013.
لكن تحكم الفصائل فيها دون الرجوع لمنظمات المجتمع المدني والمجالس المحلية، فتح باب الاستغلال وانتقادات واسعة للفصائل، إذ عمل بعضها على تحويلها إلى أنفاق للربح والتجارة على حساب المناطق المحاصرة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :